Tasawwuf: Kacdoonka Ruuxiga ah ee Islaamka
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Noocyada
خامسا:
أن القشيري والسراج يفهمانه على أنه غيبة أو فقدان للشعور بالذات، وينكران على من يفهم منه معنى آخر كمحو صفات البشرية والاتصاف بصفات الإلهية، أو أي معنى يشير إلى صيرورة الإنسان إلها.
فالفناء إذن عند هذين المؤلفين محو وإزالة لكل ما يتعلق بأفعال العبد وصفاته وأخلاقه الذميمة، وغيبة تامة عن ذات العبد والوجود الخارجي. أما فناء الذات بمعنى محوها من الوجود وحلول الإلهية محلها، فأمر ينكره جمهور الصوفية في ذلك العهد. يقول القشيري: «وإذا قيل فني عن نفسه وعن الخلق، فنفسه موجودة والخلق موجودون ولكنه غافل عن نفسه وعن الخلق.»
4
أي إن الفناء حال لرجل سكر من حب الله فغفل عن نفسه وعن الخلق، أو حال لرجل هاله الشهود الإلهي فذهل عن نفسه في حضرة ربه وغاب عن شعوره بذاته، وهو في هذا المقام كنسوة امرأة فرعون عندما وقع نظرهن على جمال يوسف قطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم؛ أي قطعن أيديهن من شدة ما غلب عليهم من روعة جمال يوسف فوصفنه بأنه ليس بشرا وهو بشر، وبأنه ملك وما هو بملك، فما بالك بمن يشاهد جمال الحق ويدرك عظمته؟ ويقول السراج: «من الكفر أن يقال إن الصوفي يفنى عن صفاته البشرية ويبقى بصفات الإلهية. فليس الفناء إلا الإذعان المطلق لإرادة الله وقدرته. إن الله لا ينزل إلى قلب العبد وإنما الذي ينزل إلى قلب العبد هو الإيمان به والاعتقاد بتوحيده ومحبة ذكره. فإن الله تعالى يخالف الحوادث في ذاته وصفاته، فكيف يتأتى الحلول؟ ولا يفنى الإنسان عن ناسوتيته كما لا يخرج السواد عن الثوب الأسود. أما إذا تغيرت الصفات البشرية، فإنها تتغير بصفات أخرى بشرية.»
5
هذا هو موقف الصوفية قبل ظهور مذهب وحدة الوجود الذي أسسه لأول مرة ووضعه في صورة كاملة الشيخ محيي الدين بن عربي الصوفي الأندلسي المتوفى سنة 638، فإن هذا الصوفي الفيلسوف قد فسر الفناء تفسيرا آخر يتمشى مع روح مذهبه ونظريته العامة في طبيعة الوجود كما سنشرحه فيما بعد.
وحدة الشهود ووحدة الوجود
أشرت في مواطن كثيرة من هذا الفصل إلى هذين الاصطلاحين وحددت الفرق بينهما بصورة عامة، ولكن الأمر يقتضي مزيدا من الشرح والتفصيل لتظهر المقابلة واضحة بين وحدة الشهود التي استعملتها مرادفة لنوع من أنواع «التوحيد» ووحدة الوجود التي لا يقصد بها وحدة الألوهية، بل وحدة الحقيقة الوجودية. «وحدة الشهود» «حال» أو تجربة يعانيها الصوفي، لا عقيدة ولا علم ولا دعوى فلسفية يحاول برهنتها أو يطالب الغير بتصديقها، ولذا فرق الصوفية بين «علم التوحيد» (أي العلم بتوحيد الله) و«عين التوحيد»، وقصدوا بعلم التوحيد معرفة توحيد الحق عن طريق العقل والاعتقاد، وهذا هو توحيد جمهور الناس الذين يثبتون لله وحدانيته وينفون عنه الشركة بجميع أنواعها، وهو مذهب يخالف على حد قول الهجويري
1
Bog aan la aqoon