1 - الترقيم وعلاماته في اللغة العربية
2 - اصطلاحات في كيفية رسم بعض الحروف ووضع الحركات واختزال بعض الكلمات والجمل الدعائية الشائعة الاستعمال
1 - الترقيم وعلاماته في اللغة العربية
2 - اصطلاحات في كيفية رسم بعض الحروف ووضع الحركات واختزال بعض الكلمات والجمل الدعائية الشائعة الاستعمال
الترقيم وعلاماته في اللغة العربية
الترقيم وعلاماته في اللغة العربية
تأليف
أحمد زكي
الفصل الأول
الترقيم وعلاماته في اللغة العربية
تمهيد
دلت المشاهدة وعززها الاختبار على أن السامع والقارئ يكونان على الدوام في أشد الاحتياج إلى نبرات خاصة في الصوت أو رموز مرقومة في الكتابة، يحصل بها تسهيل الفهم والإدراك عند سماع الكلام أو قراءة المكتوب.
ولقد شعرت الأمم التي سبقت في ميادين الحضارة بهذه الحاجة الماسة، فتواضع علماؤها على علامات مخصوصة لفصل الجمل وتقسيمها حتى يستعين القارئ بها - عند النظر إليها - على تنويع الصوت بما يناسب كل مقام من مقامات الفصل والوصل أو الابتداء إلى ما هنالك من المواضع الأخرى التي يجب فيها تمييز القول بما يناسبه من تعجب أو استفهام، أو نحو ذلك من الأساليب التي تقتضيها طبيعة المقال.
وأول من اهتدى لذلك رجل من علماء النحو، من روم القسطنطينية، اسمه أرسطوفان، من أهل القرن الثاني قبل الميلاد. وكان شأنه في هذا السبيل شأن كل من يتنبه لأمر من الأمور في مبدئه. ثم توفرت أمم الإفرنج من بعده على تحسين هذا الاصطلاح وإتقانه إلى الغاية التي وصلوا إليها في عهدنا الحاضر، مما يكاد يكون نهاية الكمال في هذا الباب.
فلقد أصبح الطفل، إذا قرأ في أحد الكتب الإفرنجية، لا يتلعثم ولا يتردد في التلاوة؛ بل يكون مماثلا للشيخ العالم، سواء بسواء. وإنما يقاس الاختلاف بين المبتدئ والمنتهي بدرجة المحصول من العلم الذي يبنى عليه مقدار الفهم. والفضل في ذلك راجع إلى تلك العلامات التي تواضعوا عليها، لتسهيل القراءة على كل إنسان توصل إلى بسيط المعرفة بأشكال الحروف وتركيبها، بعضها مع بعض، وإلى طريقة النطق بالكلمات التي تتألف منها.
أما القارئ باللسان العربي فلا يزال مضطرا، رغم أنفه، إلى التعثر والتسكع على الدوام، وإلى مراجعة نفسه بنفسه، إن كان قد أوتي شيئا من العرفان. وعلى كل حال، نرى أنه مهما بلغت درجته من العلم، لا يتسنى له في أكثر الأحيان أن يتعرف مواقع فصل الجمل وتقسيم العبارات، أو الوقوف على المواضع التي يجب السكوت عندها. فهو يصل في الغالب رأس الجملة اللاحقة بذيل الجملة السابقة، ونحو ذلك مما يشهد به الحس ويؤيده العيان.
فكانت النتيجة عندنا إخلال القارئين - ولو كانوا في طليعة المتعلمين - بتلاوة عبارة، قد تكون سهلة في ذاتها؛
1
بل كثيرا ما تراهم عاجزين عن إعطاء الكلام حقه من النبرات التي يقتضيها كل مقام؛ بل إننا لو اختبرنا طفلا عربيا لوجدناه يحسن القراءة بلغة أجنبية، أكثر مما يتوصل إليه، مع الكد والجد، فيما يحاوله من قراءة العبارات المكتوبة بلغة أمه وأبيه.
ولقد طالما فكر الغيورون على اللغة العربية، العاملون على تسهيل تناولها، في تلافي هذا الخلل الفاضح، وتدارك هذا النقص الواضح، خصوصا بعد امتزاج الأمم بعضها ببعض، وشيوع اللغات الأجنبية في بلادنا؛ فرأوا أن الوقت قد حان لإدخال نظام جديد في كتابتنا الحالية - مطبوعة أو مخطوطة - تسهيلا لتناول العلوم، وضنا بالوقت الثمين أن يضيع هدرا بين تردد النظر وبين اشتغال الذهن في تفهم عبارات كان من أيسر الأمور إدراك معانيها، لو كانت تقاسميها وأجزاؤها مفصولة أو موصولة بعلامات تبين أغراضها وتوضح مراميها.
فشرعوا يستعملون في مطبوعاتهم ومخطوطاتهم الرموز الخاصة بالإفرنج، ولكن على غير أصول مقررة أو قواعد ثابتة. فنشأ عن ذلك كثير من الخلط والارتباك؛ لأنهم لم يتمشوا في هذا العمل على وتيرة واحدة معروفة عند جميع القارئين على السواء. ولذلك لم يأت مسعاهم بالفائدة التامة التي توخوها، وإن كان لهم فضل كبير في الشعور بوجوب هذا الإصلاح، والعمل على الوصول إليه بقوتهم الذاتية الفردية، لا تجمعهم رابطة يرجعون إليها أو قاعدة يعتمد الناس عليها.
بقيت الحال على هذا المنوال في ديار مصر، وهي الملاذ الأخير للغة العرب، والموئل الكبير لعلومهم وآدابهم.
وأما البلاد العربية الأخرى، فالأمر فيها أشد وأنكى.
حتى إذا أشرقت علينا أنوار هذا العصر العباسي المجيد، أخذت اللغة في الانتعاش، خصوصا عندما أقرت الحكومة الخديوية المصرية إحياء الآداب العربية.
وكان من كمال التوفيق أن أتاح الله للهيمنة على نظارة المعارف العمومية، والإشراف على إحياء الآداب العربية، سعادة النابغة المفضال أحمد حشمت باشا. فقد أخذ، منذ تقلد زمام هذه النظارة، في إعادة اللغة العربية إلى مكانتها الطبيعية من الرجحان في جميع المدارس الأميرية، كما أخذ يتحرى الأسباب الموصلة إلى إحياء الآداب العربية في أجمل شكل، وعلى أحسن مثال.
وكان من باكورة أعماله في هذا الإحياء أن عهد إلى واضع هذا، بمباشرة طبع الجزء الأول من كل من الموسوعتين الحافلتين الموسومتين «نهاية الأرب في فنون الأدب» للنويري، و«مسالك الأبصار، في ممالك الأمصار» لابن فضل الله العمري.
ولقد أشار سعادة أحمد حشمت باشا بتدارك النقص الحاصل في تلاوة الكتابة العربية؛ وطلب استنباط طريقة لوضع العلامات التي تساعد على فهم الكلام، بفصل أجزائه بعضها عن بعض، ليتمكن القارئ من تنويع صوته؛ تبعا لأغراض الكاتب، وتوضيحا للمعاني التي قصدها، ومراعاة للوجدان الذي أملى عليه.
واشترط (حفظه الله) أن يكون ذلك الاصطلاح بطريقة منطقية مضبوطة منطبقة على القواعد والأصول المقررة للوقف والابتداء، في اللغة العربية.
فبدأت بمراجعة الكتب العربية التي وضعها النابغون من السلف الصالح في الوقف والابتداء، مثل: «القول المفيد في علم التجويد» و«منار الهدى في الوقف والابتدا» و«كتاب الوقف والابتداء» للإمام السجاوندي وشروح «المقدمة فيما يجب على القارئ أن يعلمه» و«الإتقان في علوم القرآن» و«البحث المعروف في معرفة الوقوف»
2
للداني و«كتاب الوقوف» للشاطبي
3
وغيرها من الأمهات الموضوعة في هذا الباب.
ثم رجعت إلى ما تواضع عليه الإفرنج في هذا المعنى، من كتب النحو ومعاجم اللغة المستفيضة بين الناس. فكانت نتيجة البحث مما يقر الخاطر، ويسر الناظر؛ فقد وجدت، من حسن الحظ، أن الاصطلاحين يمكن التوفيق بينهما في أهم المواضع، وفي أكثر المقامات دورانا في الكلام.
ذلك بأنني تحققت أن الأسلوبين لا يختلف بعضهما عن بعض إلا في جزئيات طفيفة، يمكن العربية أن تستغني عنها.
وبيان ذلك أن العرب - حينما هبوا لأخذ قسطهم من التقدم والارتقاء - ابتدءوا بالكتابة على طريقة سهلة ساذجة. فكان من كتابتهم قبل البعثة النبوية ما هو موصول الكلمات بعضها ببعض. فقد ورد «أنهم وضعوا كتابا واحدا وجعلوه سطرا واحدا موصول الحروف كلها غير متفرق».
4
ثم فصلوا الكلمات بعضها عن بعض في عصر النبوة، ولكن الحروف بقيت خالية من نقط الإعجام التي تميز الحروف المتشابهة بعضها عن بعض، كما كانت خلوا أيضا من علامات الشكل التي تميز الحركات والسكون. وذلك إنما كان لفصاحة القوم الغريزية وفطانتهم الفطرية.
فلما اتسعت الدائرة، أحس أهل الرأي منهم بوجوب العمل على إصلاح أول. فوضعوا علامات الشكل نقطا بمداد أحمر فوق الحرف أو تحته أو على شماله. ثم رأوا بعد ذلك كثرة التصحيف، فوضعوا هذه النقط - مفردة أو مثناة أو مثلثة - فوق حروف وتحت حروف أخرى. ثم بدا لهم بعد ذلك أنه لا يتيسر لكل إنسان وجود مدادين عند الكتابة، فضلا عما هنالك من ضياع الوقت، وإمكان تطرق الخلط، فعدلوا عن الشكل بطريق النقط، فوضعوا علامات الشكل المستعملة الآن. فكان إصلاحا ثالثا.
ثم جاء الطور الرابع - طور الكمال - فوضعوا علامات خطية مختزلة من بعض الحروف أو من بعض الكلمات، للدلالة على مواضع الوقف بأنواعه، وعلى مواقع الفصل، وعلى مكان الانتهاء، أى حيث يحسن السكوت التام. وأطلقوا على هذا الاصطلاح الراقي اسم: «الوقف والابتداء». فوضع القوم للوقف الاختياري حروفا ونقطا وخطوطا يمتاز بها السكون والإشمام والروم والتضعيف، كما وضعوا علامات لفظية وخطية لكل من أنواعه الأربعة (الاستثباتي والإنكاري والتذكري والترنمي). وكذلك نص أئمة المسلمين على تنويع الصوت في الكلام: تحذيرا وتبشيرا إلخ. ونص سيبويه على أن العربي، لحرصه على بيان الحركة في آخر كل كلمة سأله عنها، كان يعقبها بلفظة (يا فتى). وبهذه الوسيلة كان سيبويه يستدل على أن الكلمة مصروفة ومجراة، لم يكن في وسع إمام النحاة أن يعلم إن كانت تلك الكلمة مجراة أم لا .
غير أن معاشر الكاتبين بالعربية لم يراعوا ذلك الاصطلاح النافع، مراعاة تامة، اللهم إلا في كتابة المصحف الشريف، دون سواه. وكأنهم ضنوا بالوقت، وتطلبوا الإسراع والتعجيل في سائر أنواع الكتابة، فأهملوا هذه العلامات. ولكن بعض العلماء ما زالوا محافظين في كتبهم على وضع الحركات الدالة على الشكل، وجاراهم نفر من النساخين الذين اتخذوا الأمانة رائدا لهم في أعمالهم، وتوخوا تسليمها للخلف كما وصلت إليهم.
أما السواد الأعظم من العلماء والنساخين فقد أهملوا هذا الشكل، بل تراخوا في وضع النقط، نقط الإعجام ذاتها. فكان ذلك الإهمال المزدوج مثارا للإبهام والالتباس بين الناس، على ما هو مشهور عند العارفين، من طلبة العلم والبحاثين.
حتى لقد تطرق الخلل إلى كثير من نفس الألفاظ والمسميات، فأصبحت الكلمة الواحدة فيها قولان فأكثر، من جهة وضع النقط على حروفها؛ وقولان فأكثر، من طريق التلفظ بحركاتها وسكناتها.
فلما ظهرت الطباعة العربية، زادت الحال إشكالا وتعقيدا. وهذا معظم الكتب بين أيدينا، نرى الصحائف فيها مسودة مطموسة بالكتابة من أولها إلى آخرها، بلا فاصل بينها يستريح عنده النظر أو اللسان. وهو أمر طالما أحس الناس بمضاره المتعددة، وحال دون التيسير في الفهم أو الوصول إلى المطالب المقصودة.
وأشد ما يظهر هذا النقص في معاجم اللغة (قواميسها) وفي كتب الأدب، وفي أسفار التاريخ، ونحوها. بحيث إن الباحث يضيع عليه كثير من وقته إلى أن يظفر بضالته؛ بل قد يمر بنظره على موضع الحاجة، ولكنه قد لا يقف عليه، أو لا يكاد يهتدي إليه، إلا من كان له صبر وممارسة، وهم القليل من القائمين بشئون التعليم، والمتوفرين على البحث والتنقيب.
أنعمت النظر في هذه الأسباب، الداعية إلى الخلل والاضطراب، ورأيت أن أحسن علاج لها هو إحياء الكثير من القواعد التي قررها علماء اللغة العربية، لبيان مواضع الوقف والابتداء؛ ورأيت من المفيد استعمال العلامات الإفرنجية، وإضافة رموز أخرى عليها، مما تدعو إليه طبيعة التركيب في الكلام العربي.
وإنما جنحت إلى هذا التوفيق بين القواعد العربية وبين العلامات الأجنبية، لتوحيد العمل، وتقليل الكلفة ، وتسهيل السبيل: خصوصا أن هذه العلامات قد شاع استعمالها في المدارس والمطبوعات والمخطوطات العربية في عصرنا هذا.
وفضلا عن ذلك، وجدت بعض هذه العلامات قد استعملها النساخون المصريون في كثير من الكتب العربية، كما تشهد به الآثار المحفوظة بدار الكتب الخديوية، وكما تشهد به الآثار المنقولة بطريق التصوير الشمسي التي ستتخذ أساسا لإحياء الآداب العربية.
وفوق ذلك، قد استخدمها الأتراك في مطبوعاتهم، خصوصا جرائدهم السيارة.
وأهم الدواعي التي قضت بالتعويل على هذه العلامات، أن التلاميذ المصريين في جميع المدارس الأميرية والأهلية والأجنبية يتعلمون هذه العلامات، أثناء تلقيهم اللغات الأجنبية. فلو اخترت علامات أخرى، لكان ذلك العمل موجبا للتهويش (التشويش) على الطلبة، ولا سيما حديثي العهد منهم بالدراسة. وفي ذلك ما فيه، مما يتحتم تلافيه.
فلهذه الأسباب كلها، رأيت وجوب الاعتماد على هذه العلامات، بعد تعديل وضعها، بحيث يمكن كتابتها بالقلم العربي: مراعاة لحركة اليد في الكتابة، من اليمين إلى اليسار.
وقد اصطلحت على تسمية هذا العمل ب «الترقيم»؛ لأن هذه المادة تدل على العلامات والإشارات والنقوش التي توضع في الكتابة وفي تطريز المنسوجات. ومنها أخذ علماء الحساب لفظة «رقم وأرقام» للدلالة على الرموز المخصوصة للأعداد. فنقلناها نحن لهذا الاصطلاح الجديد، لما بينهما من الملابسة والمشابهة.
وعندي أنه لا موجب لاستعمال هذه العلامات في كتابة القرآن الكريم؛ لأن علماء القراءات - رحمهم الله - قد تكفلوا بالإشارة إلى ما فيه الغناء والكفاية فيما يختص به. وربما كان الأوفق عدم استعمالها أيضا في كتابة الحديث الشريف، لأن تعليمه حاصل بطريق التلقين، وأما روايته فلا بد فيها من الدراية أيضا.
ولي أمل شديد في أن يكون من وراء هذا الصنيع الجديد فائدة للسان العربي وأهله، بفضل الله وكرمه. إنه عليم بالنيات، وهو المستعان على تحقيق الغايات!
أحمد زكي
سكرتير مجلس النظار (1) علامات الترقيم
الترقيم هو وضع رموز مخصوصة، في أثناء الكتابة، لتعيين مواقع الفصل والوقف والابتداء وأنواع النبرات الصوتية والأغراض الكلامية، في أثناء القراءة.
علامات الترقيم هي: (1)
الشولة: وعلامتها هكذا ،
ومعناها في اللغة شوكة العقرب . اخترنا هذا الاسم للتشابه الحاصل بينهما في الصورة، كما اختاره علماء الفلك من العرب، للدلالة على ذنب البرج المعروف ببرج العقرب، من باب التشبية أيضا. (2)
الشولة المنقوطة ؛ (3)
النقطة . (4)
علامة الاستفهام ؟ (5)
علامة الانفعال ! (6)
النقطتان : (7)
نقط الحذف والإضمار ... (8)
الشرطة - (9)
التضبيب « »
والتضبيب من اصطلاحات علماء الحديث ومعناه عندهم: وضع الحديث الشريف بين علامتين تشبهان الضبة لكي يتميز عما عداه من الكلام. (10)
القوسان ( )
تنبيهان أساسيان
أولا:
من هذه العلامات ما لا يجوز وضعه مطلقا، لا في أول السطر ولا في أول الكلام، وهي ، ؛ . : ؟ ! » )
ثانيا:
أما بقية العلامات فيجوز وضعها أينما وقعت. (2) بيان القواعد اللازم مراعتها في استعمال علامات الترقيم (2-1) قواعد الفصل
ينقسم الكلام العربي، من حيث الترقيم، إلى قسمين كبيرين: القطع، والوقف. (1)
فأما القطع فهو فصل عبارات يتألف من مجموعها غرض خاص عن عبارات غرض آخر مثله، فصلا تاما مميزا.
وعلامة كتابة كل غرض خاص ممتاز، هي أن يبتدأ بكتابته من أول السطر.
وأول السطر لا بد أن يترك قبله بياض، بقدر إصبع.
ويلحق بذلك (فيما يتعلق بالابتداء من أول السطر فقط) تعديد الجزئيات والأقسام المهمة. (2)
أما الوقف فأقسامه الممكنة ثلاثة:
5 (أ)
الوقف الناقص. (ب)
الوقف الكافي. (ج)
الوقف التام. (أ) الوقف الناقص
6
هذا الوقف يكون بسكوت المتكلم أو القارئ سكوتا قليلا جدا، لا يحسن معه التنفس.
وعلامة هذا الوقف شولة ، وتوضع فيما يأتي:
أولا:
بين المفردات المعطوفة، إذا قصرت عبارتها وأفادت تقسيما أو تنويعا.
مثال ذلك: (1)
الكلام ثلاثة أقسام: اسم، وفعل، وحرف. (2)
حرمت عليكم أمهاتكم، وبناتكم، وأخواتكم، وعماتكم، وخالاتكم ... الآية. [النساء: 23]
ثانيا:
بين المفردات المعطوفة، إذا تعلق بها ما يطيل عبارتها.
مثال ذلك:
لا يستحق الاحترام كل رجل لا يقرن القول بالعمل، وكل صانع لا يتوخى الإتقان، وكل شريف يسلك سبيل التهم.
ثالثا:
بين الجمل المعطوفة القصيرة، ولو كان كل منها لغرض مستقل.
مثال ذلك: (1)
المعروف قروض، والأيام دول، ومن توانى عن نفسه ضاع، ومن قاهر الحق قهر. (الإمام علي) (2)
الشمس طالعة، والنسيم عليل، والطيور مغردة، والأزهار ضاحكة.
رابعا:
بين جمل الشرط والجزاء ، أو بين القسم وجوابه (فيما إذا طالت جملة الشرط أو جملة القسم)، أو نحو ذلك.
مثال ذلك: (1)
إن قدرت أن تزيد ذا الحق على حقه وتطول على من لا حق له، فافعل. (الأدب الكبير لابن المقفع) (2)
لو أن واحدا أتاني بحديث واحد من أحاديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم
لم يبلغني، لملأت فاه ذهبا. (معجم الأدباء لياقوت) (3)
لولا ما رسمت لنا الأوائل في كتبها وخلدت من عجيب حكمتها، لقد بخس حظنا من عمل سلفنا. (الجاحظ) (4)
لئن أنكر المرء من غيره ما لا ينكر من نفسه، لهو أحمق. (حكمة مأثورة)
خامسا:
قبل ألفاظ البدل، حينما يراد لفت النظر إليها أو تنبيه الذهن عليها.
مثال ذلك:
في هذا العام المبارك، عام 1329 هجرية، بدأت نهضة مباركة في ديار مصر بإحياء الآداب العربية. ومثل هذه اللغة، لغة العلم الحضارة، تكون حياتها مقدمة لنشأة جديدة لأهلها.
سادسا:
بين جملتين مرتبطتين في اللفظ وفي المعنى. كأن كانت الثانية صفة أو حالا أو ظرفا للأولى، وكان في الأولى بعض الطول.
مثال ذلك: (1)
شاهدت موكب الجناب العالي الخديوي، وهو يسلك شارع عابدين، يوم الخميس الماضي. تحف به الفرسان، كالهالة حول القمر. (2)
كادت السيارة أمس تدوس طفلا، يظهر أنه أصم.
سابعا:
لحصر الجمل المعترضة.
مثال ذلك:
وإذا سكرت فإنني مستهلك
مالي، وعرضي وافر لم يثلم
عنترة العبسي
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة
كفاني، ولم أطلب، قليل من المال
امرؤ القيس
ومهما يكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس، تعلم
المتنبي
7 (ب) الوقف الكافي
ويكون بسكوت المتكلم أو القارئ سكوتا يجوز معه التنفس.
علامته الشولة المنقوطة ؛ ومواقعه بين كل عبارتين فأكثر، يكون بينها ارتباط في المعنى لا في الإعراب. وكذلك في أحوال التقسيم والتفصيل التي يطول فيها الكلام، قليلا أو كثيرا.
وأهم هذه المواقع هي:
أولا:
بين الجمل المعطوف بعضها على بعض، إذا كان بينها مشاركة في غرض واحد.
مثال ذلك:
خير الكلام ما قل ودل؛ ولم يطل فيمل.
حكمة مأثورة
ثانيا:
قبل المفردات المعطوفة التي بينها مقارنة أو مشابهة أو تقسيم أو ترتيب أو تفصيل أو تعديد أو ما أشبه ذلك.
مثاله: (1)
وجدنا الناس قبلنا كانوا أعظم أجساما، وأوفر مع أجسامهم أحلاما؛ وأشد قوة، وأحسن بقوتهم للأمور إتقانا؛ وأطول أعمارا، وأفضل بأعمارهم للأشياء اختبارا. فكان صاحب الدين أبلغ في أمر الدين، علما وعملا، من صاحب الدين منا؛ وكان صاحب الدنيا على مثل ذلك من البلاغة والفضل. (الأدب الكبير لابن المقفع) (2)
اغنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك؛ وصحتك قبل سقمك؛ وفراغك قبل شغلك؛ وغناك قبل فقرك؛ وحياتك قبل موتك. (محاضرات الراغب) (3)
كان بديار مصر أبراج للحمام الرسائلي الذي ينقل البطائق في أجنحته من مدينة إلى أخرى. منها: برج بقلعة الجبل بالقاهرة، وهو المركز العام الذي ينطلق منه الحمام إلى سائر الجهات؛ وأبراج بطريق الشام، بمدينة بلبيس،
8
والصالحية، والفرما، وغزة، وغيرها؛ وأبراج بطريق الإسكندرية، في المدن الواقعة على الفرع الغربي لنهر النيل؛ وأبراج لخدمة الصعيد، إلى أسوان.
9
وإلى عيذاب. (عن صبح الأعشى ببعض تصرف)
ثالثا:
قبل الجملة الموضحة أو المؤكدة لما قبلها.
مثال ذلك: «ولكن أكثر الناس لا يعلمون؛ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا». [الروم: 6، 7] (ج) الوقف التام
ويكون بسكوت المتكلم أو القارئ سكوتا تاما مع استراحة للتنفس.
وعلامته النقطة المربعة (.) وتوضع في نهاية كل جملة مستقلة عما بعدها في المعنى والإعراب. مثال ذلك: (1) «مصر كنانة الله في أرضه. من أرادها بسوء قصمه الله.» (حديث شريف) (2)
قال أعرابي لأبيه: يا أبت! إن كبير حقك علي لا يبطل صغير حقي عليك. والذي تمت به إلي، أمت بمثله إليك. ولست أزعم أنا سواء؛ ولكن لا يحل لك الاعتداء. (زهر الآداب للحصري) (3)
وعظ أعرابي ابنا له، أفسد ماله في الشرب، فقال: لا الدهر يعظك، ولا الأيام تنذرك. والساعات تعد عليك. والأنفاس تعد منك. وأحب أمريك إليك أردهما للمضرة عليك. (زهر الآداب للحصري) (2-2) الوصل بين أجزاء الكلام
قاعدة عامة
الوصل بين أجزاء الكلام يكون فيما عدا المواضع المذكورة قبل؛ فلا يصح الوقف على جزء جملة لا يكمل به المعنى . ولذلك يجوز الوصل في بعض الأحوال التي توضع فيها الشولة، دون ما عداها من العلامات التي سبق شرحها. (2-3) علامات النبرات الصوتية وتمييز الأغراض الكلامية
توجد علامات تتردد بين الأقسام السابقة، ولكنها تمتاز بأحوال مخصوصة من الكلام.
وهذه العلامات هي: (أ)
علامة الاستفهام للدلالة على الجمل الاستفهامية. وعلامتها ؟ في آخر الجملة، سواء كانت مبدوءة بحرف من حروف الاستفهام أم لا.
مثال ذلك:
هل أتاك حديث الغاشية ؟ [الغاشية: 1]
أإنك لأنت يوسف ؟ [يوسف: 90]
الجاهل عدو نفسه. فكيف لا يكون عدو غيره؟
حكمة
أنت أيضا لا تدري مزايا الآداب العربية، ووجوب التعاون على إحيائها، لاستعادة مجدنا أولا ولمسابقة الأمم الحاضرة في ميادين الحضارة؟
صديقي هو الذي يرميني بهذه المسبة؟
سمعت أبا علي بن البناء ببغداد قال: ذكرني أبو بكر الخطيب في التاريخ بالصدق أو بالكذب؟ فقالوا: ما ذكرك في التاريخ أصلا.
معجم الأدباء لياقوت
حكي لابن بشر الآمدي أن ابن علان قاضي القضاة بالأهواز ذكر أنه رأى قبجة
10
وزنها عشرة أرطال. فقال: هذا محال. فقيل له: ترد قول ابن علان؟ قال: فإن قال ابن علان: إن على شاطئ جيحون نخلا يحمل غضارا صينيا
11
مجزعا بسواد، أقبل؟
معجم الأدباء لياقوت
ملاحظة: يشترط أن لا يكون الاستفهام معلقا، أو معمولا لعامل نحوي.
مثال ذلك: (1)
لا أدري، أسافر الأمير أم بقي في قصره. (2)
استفهمت منه كيف تعلم المنطق، وما هي الغاية التي قصدها. (ففي أمثال هاتين الحالتين لا توضع علامة الاستفهام). (ب)
علامة الانفعال ! وتوضع في آخر كل جملة تدل على تأثر قائلها وتهيج شعوره ووجدانه، مثل الأحوال التي يكون فيها التعجب والاستغراب والاستنكار (ولو كان استفهاميا) والإغراء والتحذير والتأسف والدعاء ونحو ذلك.
مثاله:
إن هذا لشيء عجاب ! [ص: 5]
حذار حذار من بطشي وفتكي!
مقامات الحريري
هيهات أن يأتي الزمان بمثله!
إن الزمان بمثله لبخيل
ما أجمل السماء!
إليك عني!
عليكم بتقوى الله!
يا حسرتاه! والهفاه! يا أبتاه! (وتوضع هذه العلامة أيضا في آخر الجمل المبدوءة بنعم وبئس وحبذا، ونحوها.) (ج)
التضبيب وعلامته « » أي ضبتان توضع بينهما الجمل والعبارات المنقولة بالحرف.
مثال ذلك: (1)
قال محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة: «يجب على الكاتب أن يتعلم الهندية وغيرها من الخطوط العجمية. ويؤيد ذلك ... أن النبي
صلى الله عليه وسلم
أمر زيد بن ثابت أن يتعلم كتابة السريانية. فتعلمها ... وكان يقرأ بها على النبي
صلى الله عليه وسلم
كتبهم.» (صبح الأعشى) (2)
جاء في الجزء الأول من صبح الأعشى في صناعة الإنشا ما نصه: قال صاحب نهاية الأرب: «... دخل في الكتابة من لا يعرفها ألبتة، وزادوا عن الإحصاء ... وصار الآن حد الكاتب عند هؤلاء الجهال أن يكتب على المجود مدة، ويتقن بزعمه أسطرا؛ فإذا رأى من نفسه أن خطه قد جاد أدنى جودة، أصلح بزته وركب برذونه أو بغلته، وسعى في الدخول إلى ديوان الإنشا والانضمام إلى أهله.» (د)
النقطتان : توضع هذه العلامات قبل الكلام المقول، أو المنقول، أو المقسم، أو المجمل بعد تفصيل، أو المفصل بعد إجمال؛ وفي بعض المواضع المهمة للحال والتمييز.
مثال ذلك: (1)
قالت الضفدع قولا
فسرته الحكماء: «في فمي ماء وهل ين
طق من في فيه ماء؟!» (2)
روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم
أنه قال: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت.» (3)
تنقسم الدنيا إلى خمسة أقسام: أفريقية، وآسية، وأوربة، وأمريكة، والأفيانوسية. (4)
العقل، والصحة، والعلم، والمال، والبنون: تلك هي النعم التي لا يحصى شكرها. (ه)
نقط الحذف والإضمار ... وتوضع هذه النقط الثلاث للدلالة على أن في موضعها كلاما محذوفا أو مضمرا، لأي سبب من الأسباب. كما لو استشهد الكاتب بعبارة وأراد أن يحذف منها بعض ألفاظ لا حاجة له بها؛ أو كان الناقل لكلام غيره لم يعثر على جزء منه في وسط الجملة: ففي هاتين الحالين وأشباههما توضع محل الجزء الناقص هذه النقط للدلالة على موضع النقص. وذلك أفضل كثيرا من ترك البياض، لأنه لا يؤمن إغفاله عند النقل مرة ثانية أو عند الطبع. وفي ذلك إخلال بالأمانة.
مثال ذلك:
إنما العمل على أهل النظر والتأمل الذين أعطوا كل شيء حقه من القول ووفوه قسطه من الحق ... فلمثل هؤلاء تصنف العلوم وتدون الكتب.
التنبيه والإشراف للمسعودي (و)
الشرطة وعلامتها - وهي لفصل كلام المتخاطبين في حالة المحاورة، إذا حصل الاستغناء عن الإشارة إلى أسماء المتخاطبين، ولو بطريق الدلالة، بمثل: قال، أجاب، رد عليه، وهكذا.
وقد توضع أيضا في أول الجملة المعترضة وآخرها إذا كانت تتخللها شولة فأكثر، أو جملة معترضة أخرى.
مثال ذلك: (1)
طلب بعض الملوك كاتبا لخدمته. فقال للملك: أصحبك على ثلاث خلال. - ما هي؟ - لا تهتك لي سترا، ولا تشتم لي عرضا، ولا تقبل في قول قائل. - هذه لك عندي. فما لي عندك؟ - لا أفشي لك سرا. ولا أؤخر عنك نصيحة، ولا أوثر عليك أحدا. - نعم الصاحب المستصحب، أنت! (صبح الأعشى) (2)
أذاهب أنت إلى المدرسة؟ - نعم. - قل لأستاذ العربية: إنني راغب في لقائه. - على العين والرأس. - وعرفه أنني مرتاح للطريقة الجديدة في الترقيم. - لقد أفادتنا، يا سيدي، وسهلت علينا القراءة العربية بعد أن كنا نتخبط فيها على الدوام. - ولذلك سأطلب منه أن يعمم نشرها بين الناس، لتتم بها الفائدة. (3)
دخل معن بن زائدة على أبي جعفر، أمير المؤمنين. فقارب في خطاه، فقال له أبو جعفر: - كبرت سنك، يا معن! - في طاعتك، يا أمير المؤمنين. - وإنك لجلد؟ - على أعدائك. - وإن فيك لبقية! - هي لك. (عن كتاب الأذكياء) (4)
من حد هذا الدرج إلى السور الغربي - وهو الذي فيه الباب الجديد المعروف الآن بباب القيسارية، وفيه باب الميضأة وسائر الأبواب الآتي ذكرها، إن شاء الله، عند أبواب الحرم الخليلي بمدينة حبرون - خمسة وثمانون ذراعا وثلث ذراع. (عن مسالك الأبصار) (ز)
القوسان ( ) يوضع بينهما كل كلمة تفسيرية أو كل عبارة يراد لفت النظر إليها. وكذلك الجملة المعترضة الطويلة التي يكون لها معنى مستقل، خصوصا إذا كثرت فيها الشولات.
مثال ذلك: (1)
الجحفة (بضم الجيم وسكون الحاء المهملة) موضع على ثلاث مراحل من مكة. (عن مسالك الأبصار) (2)
إن اللغة العربية (وهي من أوسع اللغات انتشارا وأغزرهن مادة) قد اتسع صدرها لجميع العلوم والمعارف في أيام العناية بها وبعلمائها. (3)
للمجلس الذي بناه سليمان (عليه السلام) من داخل الخانقاه الصلاحية (أعني المجاورة لمقصورة الخطابة، وبها الآن شيخ من الصوفية، وبه تعرف في أيامنا هذه) سلمان ينزلان إلى أقسام المجلس المذكور. (عن مسالك الأبصار) (4)
بين جور وشيراز (وهي قصبة فارس) عشرون فرسخا. (عن مسالك الأبصار)
تذييل
الوقف في الكلام المسجع
لما كان السجع من خصائص اللغة العربية، رأينا من اللازم وضع علامة خاصة به لتنبيه نظر القارئ إليه، أثناء التلاوة. وهذه العلامة هي شولة مثناة (.'.) أي شولة تحتها نقطتان. وتوضع هذه العلامة بعد السجعات، ولكن في الحالة التي يكون الكلام فيها مسجعا كله، دون سائر الأحوال الأخرى، كما هو الشأن في مقامات الحريري مثلا.
مثال ذلك:
أسعد الله بوزارة سيدي الدنيا والدين.'. وأجرى إليها الغر تنيامين.'. ووصل بها التأييد والتمكين. والحمد لله على أمل بلغه.'. وجذل سوغه.'. وظن حققه.'. ورجاء صدقه. وله المنة في ظلام كان (أعزه الله) صبحه.'. ومستبهم غدا شرحه.'. وعطل نحر أمسى حليه؛ وضلال دهر صار هديه.
قلائد العقيان للفتح بن خاقان
وأما السجع المرصع، فعلامته شولة معتاده توضع بعد كلمة الترصيع.
مثال ذلك:
عالم الأوان، ومصنفه.'. ومقرط البيان، ومشنفه.'. بتآليف، كأنها الخرائد.'. وتصانيف، أبهى من القلائد.
قلائد العقيان أيضا
أما الترصيع في كل لفظة من ألفاظ الجملة المسجعة، فيلحق بالسجع المعتاد.
مثال ذلك:
يطبع الأسجاع بجواهر لفظه.'. ويقرع الأسماع بزواجر وعظه.
مقامات الحريري (2-4) مزايا الترقيم
لا تقتصر فوائد الترقيم على بيان مواضع الوقف أو السكوت التي ينبغي للقارئ مراعاتها في أثناء التلاوة، ولكنه يرمي إلى غاية أبعد وإلى غرض أكبر. فهو خير وسيلة لإظهار الصراحة وبيان الوضوح في الكلام المكتوب؛ لأنه يدل الناظر إلى تلك العلامات الاصطلاحية على العلاقات التي تربط أجزاء الكلام بعضها ببعض بوجه عام، وأجزاء كل جملة بنوع خاص.
نعم إننا لو نظرنا إلى هذه المسألة بطريق الحصر لأقررنا بأن كل أقسام الكلام المنتظم ترتبط بعضها ببعض، وأن فكرة الكاتب لا يتأتي الوصول إلى إدراكها بجميع تفاصيلها إلا عند بلوغ نهاية ذلك الكلام. غير أن هنالك أمرا لا ينبغي إغفال الإشارة إليه، وذلك أن الكاتب ليس من مصلحته أن يتعب ذهن القارئ ولا بصره، لئلا يدركه الملال، فتضيع الفائدة المقصودة، كلها أو بعضها. لذلك كان من الواجب عليه أن يلفت نظر القارئ في كثير من المواضع بعلامات تحمله على الوقوف قليلا أو السكوت طويلا. وذلك بأن يعرض عليه فكرته العامة، مفصلة ومقسمة، بحيث يأتي له تفهم أجزائها واحدا فواحدا، بصرف النظر عن العلاقة العامة التي تربط هذه الأجزاء كلها، بعضها ببعض.
وعلى هذا الحكم تكون الجملة، باعتبار الترقيم، عبارة عن سلسلة من الكلمات يدل مجموعها على جزء من أجزاء تلك الفكرة العامة التي سبقت الإشارة إليها، بحيث إن هذه السلسلة تؤدى - ولو بصفة وقتية - إلى فهم معنى مستقل بنفسه وكامل في حد ذاته. فهذا الموضع هو الذي يجب وضع النقطة (.) عقبه، للفصل بين كل جملة وما يليها من أخواتها، حتى يصح القول بأن الكاتب أراد الدلالة بهذه الوسيلة على أنه قد فرغ من عرض فكرته الجزئية وأنه يطلب من القارئ أن يقف قليلا عند هذا الموضع ليعلق بذهنه ما وقع عليه بصره.
وكلما كثرت النقط في الكلام المكتوب، كان أكثر صراحة وأشد وضوحا؛ ولكنه يكون في الحقيقة مفككا. وكلما كانت نادرة كان الإنشاء متماسكا؛ ولكنه يكون موجبا للتراخي وداعيا لتبرم القارئ والتثقيل عليه في سهولة فهم ما بين يديه. فالإفراط في كل من الحالين مذموم، وخير الأمور الوسط على ما هو معلوم. والكاتب القدير والمنشئ النحرير هما اللذان يكون في وسعهما اتباع الطريقة المثلى للجمع بين المزيتين، وهما: الوضوح، وتسلسل الأفكار وأخذ بعضها برقاب بعض على أسلوب معقول ومقبول.
حكم عام
تلك هي القواعد الواجب مراعاتها في كل حال. ولكن للكاتب مندوحة في الإكثار أو الإقلال من وضع هذه العلامات، بحسب ما ترمي إليه نفسه من الأغراض ولفت الأنظار والتوكيد في بعض المحال ونحو ذلك مما يريد التأثير به على نفوس القراء. فكما يختلف الناس في أساليب الإنشاء، وكما تختلف مواضع الدلالات كما هو مقرر في علم المعاني، فكذلك الشأن في وضع هذه العلامات. ولكن الترقيم إذا كان يختلف باختلاف أساليب الإنشاء، فليس في ذلك دليل على جواز الخروج عن قواعده الأساسية التي شرحناها. وإنما يكون ذلك بمثابة تكثير لبيان الأحوال التي تستعمل علاماته فيها.
وملاك الأمر كله راجع لذوق الكاتب، وللوجدان الذي يريد أن يؤثر به على نفس القارئ ليشاركه في شعوره وفي عواطفه.
والممارسة هي خير دليل، يهدي إلى سواء السبيل. (2-5) أمثلة جامعة لأغلب علامات الترقيم
المثال الأول
قال السخاوى في مقدمة «الوسيلة إلى كشف العقيلة» المحفوظ بخط اليد في دار الكتب الخديوية ما نصه:
إن الله جعل الكتابة من أجل صنائع البشر وأعلاها.'. ومن أكبر منافع الأمم وأسناها. وهي حرز لا يضيع ما استودع فيه.'. وكنز لا يتغير لديه ما توعيه مما تصطفيه؛ وحافظ لا يخاف عليه النسيان.'. وناطق بالصواب من القول إذا حرفه اللسان. ولذلك قال
صلى الله عليه وسلم : «قيدوا العلم بالكتابة.» وقال بعض أهل الأدب: «أفرط نسياني إلى غاية
أعدمني إفراطها الحسا
وكنت مهما أعرضت حاجة
مهمة، أودعتها الطرسا
فصرت أنسى الطرس في راحتي
وصرت أنسى أنني أنسى»
وهي السبب إلى تخليد كل فضيلة.'. والذريعة إلى توريث كل حكمة جليلة. وهي الموصلة إلى الأمم الآتية.'. أخبار القرون الخالية.'. ومعارف الأمم الماضية. حتى كأن الخلف يشافه السلف، وكأن الآخر يشاهد الأول. فمتى أردت مجالسة إمام من الأئمة الماضين، فانظر في كتبه التي صنفها.'. ومجموعاته التي ألفها. فإنك تجده لك مخاطبا ومعلما.'. ومرشدا ومفهما. فهو حي من هذه الجهة، موجود من هذا الجانب. وكم من حكمة رائعة.'. وكلمة نافعة.'. وموعظة جامعة.'. وحجة بالغة، وعبرة صادقة، قد خزنها الأول للآخر.'. ونقشها في الحجارة بعد الدفاتر: حنوا من البشر الذي يرحم بعضه بعضا.'. ويدله على ما يختاره لنفسه ويرضى. وقد دونوا أخبار الأجواد، وكتبوا مواقف الشجعان: علما بأن الناس يقتدي بعضهم ببعض. ولذلك قال القائل منبها لأهل زمانه.'. على إغفال التكرم وإهمال شانه: «إني سألت عن الكرام فقيل لي:
إن الكرام رهائن الأرماس
ذهب الكرام وجودهم ونوالهم
وحديثهم إلا من القرطاس»
ولم يزل الفضلاء من كل جيل.'. والنبلاء من كل قبيل، يدونون ما يقع لهم من الكلمات النافعة.'. ويسارعون إلى حفظها بالكتابة خوفا من ذهابها بالنسيان أشد المسارعة. فكم من كلمة قد نفع الله بها بعد قائلها.'. وفائدة قد هيئت بالكتابة لمتناولها!
وقد رأيت في جامع بلدنا على بعض سواريه الرخام، منقوشا بالحديد: «حفر في هذا الموضع المبارك سليمان بن كعب الأحبار: من خان هان.»
وكان عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) يصلي بالليل فإذا مرت به آية فهم منها شيئا، سلم من صلاته، وكتب في لوح أعده ليعمل به في غده.
قيل لبعضهم: لم تكتب؟ فقال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد!
وقد كتب الناس على الجدران والقبور وفي الأحجار من المواعظ ما لا يكاد يحصى. ومما رأيت أنا من ذلك على قبر ابن عبادة بمصر (رحمه الله): «يا ماشيا بالقبور زهوا
لم تثنه للمنون ريح!
عرج قليلا على غريب
قد ضمه مفردا ضريح
بيت تساوى الأنام فيه:
العبد والسيد الصريح
وقف عليه وجد برحمى
لعله فيه يستريح!»
ورأيت على سارية ببعض أطراف مصر، بمدينة قد تداعت أرجاؤها.'. وتقوض بناؤها، وجلا عنها سكانها: «رعى الله من يدعو لنا في طريقنا
بصنع جميل والرجوع إلى مصر
ومن قد رأى ما قد كتبناه دارسا
أعاد عليه بالمداد أو الحبر!»
فسبحان ربنا الأكرم!
الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم . إنها لآية عجيبة، وصناعة شريفة!
وقد حدثني أبو المظفر بن فيروز بن عبد الله الجوهري (رحمه الله) عن الشعبي، قال: «سألنا المهاجرين: من أين تعلمتم الكتابة؟ فقالوا: من أهل الحيرة. وسألنا أهل الحيرة: من أين تعلمتم الكتابة؟ فقالوا: من أهل الأنبار.»
قال أبو بكر بن أبي داود: «... وأكيدر دومة هو الأكدر بن عبد الملك الكندي، وأخوه بشر بن عبد الملك هو الذي علمه أهل الأنبار خطنا هذا. فلما تزوج الصهباء بنت حرب، علم هذا الخط سفيان بن حرب. وكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ومن بمكة من قريش تعلموا الكتاب من حرب بن أمية.»
فلما كان كل من أراد إبقاء حكمة وتخليد علم أو فضيلة لا يجد لذلك أقوى من كتبه ولا أوثق من رسمه؛ وكان كتاب الله (عز وجل) أولى بذلك من كل كتاب.'. وأحق به من كل خطاب، كتب سلف هذه الأمة (رضي الله عنهم) لخلفها من أئمة يقتدى بها ويرجع إليها، ويرتفع الخلاف معها والنزاع عندها. ثم كانت الهيئة التي كتب عليها أولئك الأئمة، والهجاء الذي لها أولى ما اهتم به المهتمون؛ لأن فهمها إنما يتأدى به ويصح مع معرفته ... إلخ.
المثال الثاني
كان أردشير بن بابك، آخر ملوك الفرس، يقول: حق على الملك الحازم، إذا وجه رسولا إلى ملك، أن يردفه بآخر؛ وإن وجه برسولين، أتبعهما باثنين؛ وإن أمكنه أن لا يجمع بين رسله في طريق، فعل ...
وقد حكي أن الإسكندر وجه رسولا إلى بعض ملوك المشرق. فجاءه برسالة شك الإسكندر في حرف منها.
فقال له: ويلك! إن الملوك لا تخلو من مقوم ومسدد إذا مالت. وقد جئتني برسالة صحيحة الألفاظ، بينة العبارة؛ غير أن فيها حرفا ينقضها. أفعلى يقين أنت من هذا الحرف أم شاك فيه؟
فقال الرسول: بل على يقين أنه قاله.
فأمر الإسكندر أن تكتب ألفاظه، حرفا حرفا، ويعاد إلى الملك مع رسول آخر؛ فيقرأ عليه، ويترجم له.
فلما وصل الرسول الثاني إلى ذلك الملك، وقرأ عليه ما كتب إليه به الإسكندر في أمر ذلك الرسول، أنكر ذلك الحرف الذي أنكره الإسكندر. وقال للمترجم: ضع يدك على هذا الحرف. فوضعها. فأمر أن يعلم بعلامة. وقال: إني أجل ما وصل عن الملك أن أقطعه بالسكين، ولكن ليصنع هو فيه وفي قائله ما شاء.
وكتب إلى الإسكندر: إن من أس المملكة صحة فطرة الملك؛ وأس الملك صدق لهجة رسوله: إذ كان عن لسانه ينطق، وإلى أذنه يؤدي.
فلما عاد الرسول إلى الإسكندر، دعا برسوله الأول، وقال: ما حملك على كلمة قصدت بها إفساد ما بين ملكين ؟ فأقر الرسول أن ذلك كان منه لتقصير رآه من الملك. فقال له الإسكندر: فأراك لنفسك سعيت لا لنا! فلما فاتك بعض ما أملت مما لا تستحقه على من أرسلت إليه، جعلت ذلك ثأرا توقعه في الأنفس الخطيرة الرفيعة.
ثم أمر بلسانه، فنزع من قفاه.
وكأنه رأى إتلاف نفس واحدة أولى من إتلاف نفوس كثيرة، بما كان يوقعه بين الملكين من العداوة وكثير من الإحن وضغائن الصدور.
عن كتاب التاج للجاحظ وعن صبح الأعشى
المثال الثالث
قيل: ورد أبو طالب الجراحي، الكاتب (ولم يكن في عصره أكتب ولا أفضل منه) إلى الري، قاصدا حضرة ابن العميد. فلم يجد عنده قبولا، ولا رأى عنده ما يحب. ففارقه وقصد أذربيجان. وصار إلى ملكها، وكان فاضلا لبيبا. فلما اختبره وعرف فضله، سأله المقام عنده، وأفضل عليه. فأقام لديه على أفضل حال. فكتب إلى ابن العميد يوبخه على جهل حقه وتضييعه لمثله. فمن جملة الكتاب: «حدثني: بأي شيء تحتج إذا قيل لك: لم سميت الرئيس؟ وإذا قيل لك: ما الرياسة. أتدري ما الرياسة؟ الرياسة: أن يكون باب الرئيس مصونا في وقت الصون، ومفتوحا في وقت الفتح؛ وأن يكون مجلسه عامرا بأفاضل الناس؛ وخيره واصلا إلى كل أحد؛ وإحسانه فائضا؛ ووجهه مبسوطا؛ وخادمه مؤدبا؛ وحاجبه كريما طلقا؛ وبوابه لطيفا؛ ودرهمه مبذولا؛ وطعامه مأكولا؛ وجاهه معرضا؛ وتذكرته مسودة بالصلات والجوائز والصدقات. وأنت، فبابك لا يزال مقفلا؛ ومجلسك خاليا؛ وخيرك مقنوطا منه؛ وإحسانك غير مرجو؛ وخادمك مذموم؛ وحاجبك هرار؛ وبوابك شرس الأخلاق؛ ودرهمك في العيوق؛ وتذكرتك محشوة بالقبض على فلان، واستئصال فلان، ونفي فلان. فبالله عليك! هل عندك غير هذا؟ ولولا أن أكون قد دست بساطك وأكلت من طعامك، لأشعت هذه الرقعة! ولكني أرعى لك حق ما ذكرت. فلا يعلم بها إلا الله وأنت. ووالله! ثم والله! ثم والله! ما لها عندي نسخة، ولا رآها مخلوق غيري، ولا علم بها. فأبطلها أنت، إذا وقفت عليها، وأعدمها. والسلام على من اتبع الهدى!
عن كتاب الفخري في الآداب السلطانية
هوامش
الفصل الثاني
اصطلاحات في كيفية رسم بعض الحروف ووضع الحركات واختزال بعض الكلمات والجمل الدعائية
الشائعة الاستعمال
(1) كتابة الحروف
أولا: حرف الألف (1) الألف المحذوفة:
في اللغة العربية أسماء وأعلام يحذف منها الألف لكثرة دورانها وشيوعها في الاستعمال، أو لمراعاة الألسنة المشتقة منها، سواء كانت لغات ميتة أو لهجات مهجورة الآن. ولقد اعتاد الكتاب إهمال الألف إلى هذه الأيام، كما أن الاستعمال قد أعادها في بعض هذه الأسماء والأعلام.
فرأينا من الواجب التنبيه على النوع الأول، لأنه بمثابة أثر تاريخي لغوي.
وعلى ذلك فكل لفظة لم تكن داخلة تحت هذا النوع، يكون إهمال الألف فيها مغايرا للرسم وغلطا في الإملاء.
ولما كانت هذه الألفاظ محصورة ومشهورة، رأينا أنه لا حاجة لوضع النصبة «
» فوقها للدلالة على ذلك الحرف المحذوف (اللهم إلا في لفظة إله لمنع الالتباس؛ وأما لفظة إلاهة على طريقة التأنيث، فلا بد من رسم الألف فيها).
وهذا لبيان الكلمات التي يحذف فيها حرف الألف دون سواها من الألفاظ:
إله = إلاه.
أولئك = أولائك. (والواو فيها زائدة في الخط ولا محل لها في اللفظ). «بسم الله الرحمن الرحيم» = باسم اللاه الرحمان الرحيم. (ولا تحذف الألف إلا في حالة البسملة بتمامها، دون أن يذكر قبلها ما يتعلق الجار والمجرور به. فأما إذا وردت عبارة نحو:
بسم الله مجراها ومرساها
أو: باسم الله أفتتح كلامي، فلا بد من رسم حرف الألف).
ذلك = ذالك.
الرحمن = الرحمان.
السموات = السماوات.
هذا = هاذا. (ومثله: هذه، هذان، هذين).
هؤلاء = هاؤلاء.
لكن = لاكن (سواء كانت النون ساكنة أو مشددة).
اللهم = اللاهم.
وبناء على ذلك يجب كتابة الألف في مثل: إسحاق، إسماعيل، إبراهيم، ثلاثة. وغيرها من الأسماء والكلمات الأخرى. (انظر الكلام على حرف اللام). (2) ألف الوصل:
هذه الألف، نضع فوقها دائما علامة الوصل ( ؐ) في جميع مواقعها. فتكون هكذا (اؐ، اؐ، لاؐ، لاؐ).
ومن المعلوم أن ألف الوصل، إذا جاءت في صدر الكلام، يكون النطق بها كالألف المهموزة المفتوحة أو المكسورة أو المضمومة. ولذلك اصطلحنا على وضع فتحة أو كسرة أو ضمة بسيطة تحتها أو فوقها هكذا (ا ا ا)؛ وذلك للدلالة على أن الهمزة فيها إنما هي عارضية، ولبيان النطق بها مهموزة في حالة وقوعها في أول الكلام فقط. فإذا ما دخلت هذه اللفظة بعينها في ضمنه أو جاءت في مواقع الوصل، فحينئذ يجب حذف الفتحة أو الكسرة أو الضمة، وإعادة علامة الوصل فوق الألف المذكورة.
ملاحظة:
أداة التعريف هي التي أبقينا الألف فيها خالية من علامة الوصل، لعدم إمكان الالتباس فيها أو بسببها.
وفيما عدا ذلك، تكون الألف دالة على إشباع فتحة الحرف الذي قبلها. وفي هذه الحالة لا حاجه لوضع حركة الفتح ( ) فوقه.
مثال ذلك: زال، قال، استعمال، رضا، منها، منهما، عليهما، استعجما، ترددا. (3) الهمزة وألف القطع:
الهمزه (ء) توضع فوق ألف القطع وتحتها؛ وفوق الواو؛ وفوق الياء أو على طرفها الأيسر، إذا كانت في آخر الكلمة، وكان الحرف الذي قبلها ساكنا.
فوضع الهمزة فوق الواو، أو فوق الياء، أو على طرفها مما لا يوجب في الرسم إشكالا يقتضي الشرح والبيان.
أما همزة الألفات، ففيها تفصيل: (1)
إذا كانت الألف مهموزة بهمزة مفتوحة، اكتفينا بوضع الهمزة فوقها. وفي هذه الحالة لا حاجة في الغالب لوضع الفتحة فوقها، إلا إذا دعت الضرورة لإزالة التباس أو إبهام، أو في الشعر عند الاقتضاء. وعلى ذلك تكون كتابتها هكذا:
أ، أ، لأ، لأ.
فإذا كانت الهمزة مضمومة، فإننا نرسمها في أغلب الأحوال، هكذا:
أ، أ، لأ، لأ.
فإن كانت مكسورة، اكتفينا بوضع الهمزة تحتها، دون الكسرة، هكذا:
إ، إ، لإ، لإ.
وإن كانت ساكنة، وضعنا فوقها علامة السكون، هكذا:
أ، أ، لأ، لأ. (2)
أما إذا كانت الهمزة وراء الألف أو أي حرف من الحروف الأخرى، فإننا نضعها بصفة حرف مستقل بنفسه (ء). ووضع الحركات فوقها أو تحتها، موكول لما يقتضيه المقام، حينما يراد زيادة البيان ولإيضاح، وخصوصا في الشعر.
وإن كانت الهمزة وراء الألف غير المهموزة، فلا وجه مطلقا لوضع المدة فوق الألف (آء) مثال ذلك: أسماء، ملائكة.
تنبيه:
اصطلحنا على كتابة لفظة (مائة = 100) على الطريقة المصرية، أي بوضع الألف بعد الميم، سواء كانت مفردة أو مركبة (أربعمائة، خمسمائة، وهكذا). وذلك لعدم مصادرة العرف المألوف.
ولا نشابهها برسم كلمتي (فئة، رئة). ونكتب في النسبة إليها: مئوي، مثل رئوي.
ثانيا: حرف اللام
هذا الحرف يحذف في ثلاث كلمات فقط، وهي: الذي، التي، الذين.
ثالثا: حرف الواو
هنالك أسماء يزيد فيها حرف الواو خطا لا لفظا، ولفظا لا خطا. (1)
زيادة حرف الواو تكون في:
أولو، أولي = ألو، ألى.
أولئك = ألائك.
عمرو = عمر. (والزيادة في هذا اللفظ الأخير تكون في حالة الضم والخفض فقط.) (2)
إهمال حرف الواو خطا يكون فقط في اسم داود = داوود.
فأما الكلمات المماثلة له، مثل: طاووس وناووس، فتكون كتابتها بواوين دائما.
وكذلك الحال في أمثال «جاؤوا، يؤول» فإن الواو الثانية لا يصح إغفالها مطلقا. (2) وضع الحركات
من المعلوم أنه إذا كانت الكتابة مجردة من الضبط.'. خالية عن الشكل والنقط، كثر فيها التصحيف.'. وغلب عليها التحريف. فلذلك نضع الشكل حيث يمكن وقوع اللبس وتطرق الإبهام: لعلاقة أو غلاقة. فتكون الحركات على كل حرف أو كلمة يكون فيهما صعوبة في النطق، أو عند خوف الاختلاط مع كلمة مشابهة لها ذات معنى آخر.
وإذا كان الحرف مشددا مكسورا، وضعنا فوقه علامة الشدة ( ) وتحتها مباشرة علامة الكسرة ( ) وذلك منعا لاضطراب العين في مراعاة ما فوق الحرف وما تحته في آن واحد، فضلا عن أن المطابع قد تتزحزح فيها الكسرة عن الموضع المتحتم لها، فيحدث عن ذلك بعض الاختلاط الذي يجب تلافيه. وبما أن الكسرة يجب دائما وضعها من الأسفل فهي في هذه الحالة في مكانها تحت الشدة التي نابت عن الحرف المدغم. نعم إن في ذلك بعض التسامح، ولكن الفائدة منه ظاهرة للعيان.
ولما كان هذا الحرف غير موجود بالمطبعة الآن، فقد طلبنا منها أن تصنع قالبا مخصوصا له.
فإن كان في الكلمة حرف له حركة واحدة فأكثر، فإننا في الغالب نعتمد الضبط الأول الذي ينص عليه صاحب القاموس. (3) ضبط الأعلام الجغرافية والتاريخية
أما الأعلام الجغرافية والتاريخية ، فإننا نضبطها بقدر الإمكان وحسب ما تصل إليه الطاقة، بعد مراجعة المظان والأمهات.
فإن كان في طريقة التلفظ بها قولان فأكثر، فإننا ننبه على ذلك في نفس المتن أو في الحاشية، معتمدين على ما أثبته الثقات، مثل ياقوت، والبكري الأندلسي، وكتب الأنساب ونحوها؛ ومثل ابن خلكان، في بعض المواضع.
ولزيادة التحقيق وربط الجغرافية القديمة بالحديثة، قد نضع الاسم بحروف إفرنجية في الحاشية. (4) الاختزال في الكلمات الكثيرة الشيوع
الكلمات المختزلة من كلمة واحدة فأكثر، يجب وضع نقطة (.) وراءها. مثال ذلك:
إلخ. = إلى آخره.
أنا. = أنبأنا.
اه. = انتهى.
ثنا. = حدثنا.
رحه. = رحمه الله.
رضه. = رضي الله عنه.
نا. = أخبرنا. (5) الجمل الدعائية الشائعة الاستعمال
تكثر أنواع من الجمل الدعائية في كتابات العرب قديما وحديثا، مثل: جل جلاله، سبحانه وتعالى، صلى الله عليه وسلم، عليه السلام، كرم الله وجهه، رضي الله عنه، وهكذا. فلأجل زيادة التنوير اصطلحنا على وضع هذه الجمل بين قوسين ( ) دون أن نلحقها بعلامة الانفعال !
حاشية
عرضت هذا المشروع على صاحب السعادة المفضال أحمد حشمت باشا ناظر المعارف العمومية، فهذبه وأرشدني إلى تكميل ما فيه من النقص، فجزاه الله عن الأدب خيرا.
وقد رأى، حفظه الله، أن أستأنس برأي أهل الفضل والأدب.
لذلك عرضته على جمهور كبير من خاصة الأنصار المتفانين في خدمة اللغة ورفع منارها، فوافقوا عليه بعد أن أمدوني بمعلوماتهم النافعة، وإرشاداتهم المفيدة، فلهم الشكر الخالص على هذه المعونة الأدبية.
وإنني أذكر بعضهم الآن، على ترتيب حروف الهجاء:
صاحب العزة أحمد تيمور بك: من أدباء وأعيان القاهرة. (*)
صاحب السعادة أحمد شوقي بك: شاعر الجناب العالي الفخيم ورئيس قلم إفرنجي المعية السنية.
حضرة الشيخ أحمد علي عمر السكندري: الأستاذ بمدرسة المعلمين الناصرية.
حضرة أمين تقي الدين أفندي: صاحب مجلة الزهور.
حضرة أنطون الجميل أفندي: صاحب مجلة الزهور.
صاحب العزة تادرس وهبي بك: ناظر مدرسة الأقباط الكبرى ومفتش المدارس القبطية.
حضرة جرجي زيدان أفندي: صاحب مجلة الهلال.
حضرة الشيخ حسين والي: الأستاذ بالأزهر الشريف.
صاحب العزة حفني ناصف بك: وكيل محكمة طنطا الأهلية.
صاحب الفضيلة الشيخ حمزة فتح الله: مفتش أول اللغة العربية بنظارة المعارف العمومية.
حضرة داود بركات أفندي: رئيس تحرير جريدة الأهرام.
صاحب العزة سلطان محمد بك: الأستاذ بمدرسة المعلمين الناصرية.
حضرة سليم باخوس بك: رئيس إدارة الأموال الأميرية بمحافظة القاهرة.
صاحب العزة عبد الرحمن أحمد بك: ناظر مدرسة المعلمين الناصرية. (*)
حضرة علي فوزي أفندي: بنظارة المالية. (*)
صاحب السعادة السيد علي يوسف: شيخ السجادة الوفائية.
جناب المستر كروفوت: المفتش بنظارة المعارف العمومية. (*)
حضرة الشيخ محمد المهدي: الأستاذ بالأزهر الشريف.
صاحب العزة محمد المويلحي بك: رئيس قسم السكرتارية بديوان الأوقاف.
صاحب العزة محمد النجاري بك: القاضي بمحكمة القاهرة الابتدائية المختلطة. (*)
حضرة السيد محمد رشيد رضا: صاحب مجلة المنار.
جناب الدكتور يعقوب صروف: صاحب مجلة المقتطف.
نيافة المطران يوسف دريان: مطران الطائفة المارونية.
هذه العلامة (*) تدل على أعضاء المجلس الأعلى لدار الكتب الخديوية.
Bog aan la aqoon