Tarjama Fi Calam Carabi
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
Noocyada
الثقافة الاجتماعية التقليدية السائدة الحاكمة للسلوك، والتي تتجلى في أساليب التنشئة الاجتماعية والتعليمية والإعلامية والسياسية. إنها ثقافة تقتل الفضول المعرفي وحرية البحث، وتئد نزوع مغامرة البحث عن المعرفة والمجهول، أو التمرد المنهجي المعرفي، وتجعل النظر إلى الإبداعات التقانية وكأنها ضرب من المعجزات، وتصرف الأذهان عن منهج فهم العلل والأسباب الواقعية لظواهر الحياة، وترسخ أن العلم النافع غير علم الدنيا، وترى الحياة ابتلاء وليست تحديا وإرادة، وتغرس فضيلة الطاعة والخضوع والتبعية لمركز القوى الأيديولوجي (السلف)، والسياسي (الأب المهيمن)، لا فضيلة التغيير الذي يستلزم البحث عن المعرفة المنهجية. (ب)
نظام اقتصاد الريع الأبوي المنتمي إلى تقاليد عصر ما قبل الصناعة، والقائم على الثقة في الأقارب والأصدقاء، ويتنافى مع طبيعة بنية المنظومات الشبكية، بين مؤسسات اجتماعية فاعلة مستقلة ذاتيا، وشرطها الأهلية والكفاءة. ويتبع نظاما تراتبيا هرميا، حيث الحق والحقيقة هما رأس المجتمع، ومن ثم غلبة السياسة الفوقية على تفاصيل الأنشطة الاجتماعية. ويرى هذا النظام الحداثة حيازة ومحاكاة، وليست إنجازا إبداعيا ذاتيا، وإراديا جمعيا ومنافسة، ويرسخ ثقافة المحافظة على الهيكل الاجتماعي الأبوي، ومن ثم لا يتبنى استراتيجية تطوير بعيد المدى، وأي تغيير رهن الإرادة العلوية. ولا يلتزم سياسة تربط بين العلم والتعليم والتنشئة كمثال، وتشيع فيه روح الاتكالية، ويعزز حالة الانفصال بين الفكر والفعل.
لهذا نلحظ المعوقات التالية على طريق نقل المعرفة والترجمة والتي هي تجليات لهيكل اقتصاد الريع التقليدي المحافظ: (1)
غياب استراتيجية تطوير اجتماعي شاملة تعبئ وتنظم طاقة الشعوب العربية، ويجري بناء الإنسان على هديها، وتكون أساسا لنشاط علمي مجتمعي إبداعي، وإطارا حاكما لأي استراتيجية فرعية لنشاط اجتماعي مثل الترجمة ونقل المعرفة. (2)
النظام التعليمي تقليدي ويعتمد على الاستظهار والحشو، ولا ينمي القدرات العقلية النقدية والإبداعية، ومحوره الحفاظ على الموروث الثقافي باعتباره ثوابت، والطاعة وعدم التمرد. (3)
غياب المنظومات المؤسسية؛ مما أشاع الفردية الأنانية في النشاط، سواء في مجال الترجمة أو العلم، ومن ثم عدم وجود خطة قومية على الصعيد العربي والقطري للترجمة أو للبحث والتطوير؛ فالترجمات فردية عفوية، والبحث العلمي جهد فردي. (4)
التخلف الحضاري والعلمي، ومن مظاهره شيوع الأمية الأبجدية، وأمية تقانة المعلومات، وكذلك الأمية العلمية والثقافية، ومن أهم مظاهرها تدني قيمة العقل والعلم والفكر الحر، وسيادة الدجل والشعوذة؛ مما يضع سدا أمام دخول مجتمع المعرفة. (5)
أزمة المصطلح العلمي العربي التي هي تعبير عن أزمة البحث العلمي وغياب السياسة العلمية في أي من المجتمعات العربية. (6)
غياب جيل جديد من المترجمين الخبراء، خاصة في الترجمة العلمية. (7)
غياب إحصاءات ببليوجرافية، سواء عن المترجمات أو المترجمين والعلماء، وكأننا مجتمع بدون ذاكرة. (8)
Bog aan la aqoon