Tarjama Fi Calam Carabi
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
Noocyada
نتحدث عن أزمة اللغة أو قصورها عند الترجمة أو التعبير. والأزمة هي أزمة الإنسان/المجتمع الفاعل على مستوى حضارة العصر. أزمة الفعل الاجتماعي النشط. فعل إبداع الوجود. واللغة هي الفعل، والفعل على مدى التاريخ التطوري هو استجابة التحدي؛ أي هو الحضارة؛ ففي البدء كان الفعل. لم تبدأ اللغة مع الإنسان في تطوره الارتقائي بصيحة، بل بدأت بفعل اجتماعي منذ الإنسان المنتصب القامة
Homo erectus ، فالإنسان الماهر
Homo habilis ، والإنسان العاقل
Homo sapiens ، ومع تعقد الفعل وتعدد وتباين الاستجابات والتحديات تعقدت البنية العصبية، وتعقدت اللغة وبنية المجتمع، وتعددت الكلمات والمفاهيم.
نتحدث عن تراثنا التاريخي في الترجمة باعتزاز، وننسى أن نقارن، وننسى الفعل الاجتماعي، وننسى الإنسان. الفعل هو الوجود الاجتماعي المشروع، أو هو أساس شرعية الوجود، والإنسان هو الغاية والهدف والشهادة على هذا الوجود.
تراثنا التاريخي في الترجمة يؤكد أن ما كان في لحظة من الزمان كان عظيما بكل مقاييس زمانه، ولكنه مضى مثل سحابة صيف. ولم نسأل: لماذا؟ وتراثنا التاريخي في الترجمة يشير إلى أن جملة ما ترجم على مدى أربعة عشر قرنا لا يتجاوز عشرة آلاف كتاب. ولا نسأل: لماذا؟ ولا: كيف يستقيم هذا مع العظمة التي نزهو بها على امتداد قرون الخواء الفكري أو الأنوميا الاجتماعية؟ تراثنا التاريخي في الترجمة يؤكد أنه بعد أن انقشعت سحابة الصيف كفت المجتمعات العربية عن الأخذ وعن العطاء في إطار المعرفة والفكر والإبداع. وعاشت مع تراث فكري مكرور غلفته أساطير، ووجود اجتماعي ثقافي متجانس. وكفت عن الفعل الاجتماعي الإنتاجي الإبداعي، وانعكس هذا في العلوم والفكر واللغة.
ظلت المجتمعات العربية حبيسة ثقافتها التقليدية إلى أن حل القرن التاسع عشر، وظهرت مصر على ساحة الفعل الاجتماعي أو النهضة والتحديث. واقترن هذا بنشاط فكري وعلمي وتعليمي، وأضحت الترجمة أساسا متكاملا مع هذا النشاط الاجتماعي الهادف. وظهرت أيضا «متصرفية لبنان» التي كانت رائدة في مقاومة التتريك، وتأكيد دور اللغة العربية والترجمة إليها. وتراوح نشاط الترجمة بين صعود وهبوط في اتساق مع حركة الفعل الاجتماعي التجديدي النهضوي.
وبعد أن انتصف القرن العشرين، ومع تصفية الاستعمار، واكتشاف النفط، ظهرت المجتمعات العربية دولا ذات كيانات مستقلة، وبزغت حركات ترجمة وليدة وناهضة في عدد منها، بينما لا يزال البعض الآخر بغير اسم على خريطة النشر. وجدير بنا الإشادة بدور لبنان والكويت.
والكتاب دراسة نقدية مقارنة، لسبر غور حياتنا الثقافة والفكرية، من خلال مؤشر الترجمة وواقع حالها، مع مقارنة بالآخرين في مسيرتهم الحضارية. ودعوت إلى أن نقرأه وعيوننا على المستقبل وتحدياته، وليس على الماضي فقط، حتى لا نخطئ التمييز بين تحول حضري بلغناه بفضل إنتاج الغير، وتحول حضاري أخطأنا الوعي بأسسه.
وحاولت أن نرى صورتنا من خلال الآخر ومقارنة به، لا تمجيدا له، وإنما استنفارا لقوى التحدي الكامنة عند أولي العزم.
Bog aan la aqoon