والوجه فيه- أن المجنون لم يأت بالواجب عليه فيما مضى من الشهر، فوجب عليه القضاء قياسًا على المغمى عليه.
وإنما قلنا ذلك- لأنه لم يأت بالصوم، وقد وجب عليه فيما مضى.
وإنما قلنا إنه وجب عليه فيما مضى- لأن عموم النص يتناوله، وهو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ أي فرض. والمجنون موصوف بصفة الإيمان. وإذا ثبت أنه وجب عليه، وقد فاته لعدم الأهلية، يجب عليه القضاء إخراجًا له عن عهدة الواجب.
فإن قيل: قولكم بأن الصوم وجب عليه- قلنا: لا نسلم.
والدليل على عدم الوجوب ان تفسير الواجب أنه لو أتى به يثاب عليه ولو ترك يعاقب، وهذا منتفٍ في حق المجنون.
وأما الآية- قلنا: لا تتناول المجنون لأن شرط تناول الخطاب فهم الخطاب والقدرة على الفعل، ولم يوجد ذلك في حقه، بخلاف النائم والمغمى عليه/ لأنه وجد في حقهما دليل الفهم والقدرة وهو العقل، والحكم يجار على دليل الشرط لا على حقيقته، أما ههنا بخلافه، وصار كالمجنون المستوعب كل الشهر، فإنه لا يلزم القضاء مع وجود ما ذكرتم.
الجواب:
قوله: الواجب ما لو أتى به يثاب عليه ولو ترك يعاقب- قلنا: لا نسلم، بل الثواب بالفعل والعقاب بالترك حكم الوجوب، وحكم الشيء قد يتراخى عنه لمنافع.
ثم نقول: الواجب عبارة عن فعل يقتضي استحقاق الثواب بالإتيان به، واستحقاق العقاب بتركه. وهذا إشارة إلى أن الوجوب وجوبان: أصل الوجوب وهو ما ذكرنا، ووجوب الأداء وهو ما ذكرتم. ومثاله. الواجبات الموسعة: فإنه لا يعاقب بتركها- كذا هذا.
1 / 34