ويصدع خطاب بالأمر، ويركبون السيارة، وينصرفون.
ولا يعرف عبد الغني، أو أحد من رجاله سامي، أو أحدا ممن معه.
وحين يحاول أن يتعرف عليهم يقول له سامي: ستعرف حين ينبغي أن تعرف، ادخل الآن إلى دارك، وأكمل عملك، ولا تخش شيئا، وتوكل على الله. •••
وسار سامي وصحبه عائدين طريقهم. وكان سامي يعلم أن عيون العصابة تسير وراءهم حيث يسيرون.
تحرى سامي أن يطيل طريقه، ويتلوى بهم حتى بلغ النهر. وفوجئ رجال زين بسامي ورفاقه يختفون في جرف النهر، واستبد بخطاب وعصابته الذهول. وأمرهم خطاب أن ينتظروا، فتريثوا بعض الحين، ثم تسارعوا إلى النهر، فوجدوا سامي قد صنع من بعض حبال شبيه جسر مما يصنعه رجال الجيش عند عبورهم للعوائق المائية. تقدم خطاب وأشار إلى أصحابه أن يتبعوه، وسار خطاب على الجسر، وخطا عليه بضع خطوات. وفي أثره تقاطر الرجال الخمسة، وحين أصبحوا جميعهم في منتصف الجسر سمعوا صوتا حاسما يقول: الآن!
فإذا بالجسر تتقطع أطرافه وإذا جميعهم في الماء. •••
حين سمع العمدة الطرقات الثلاث عرف أن السرقة فشلت مرة أخرى وركبه هم قاتل، ولكن الطارق لم يكتف بالطرق.
بل صاح: حضرة العمدة.
وتصامم زين، ولكن النداء ألح، فنظر العمدة إلى زوجته، فرأى وجهها قد كسته الجهامة. وتبين من قسماتها أنها تعرف كل شيء، واستطاعت هي أن ترى في عينيه نوعا من التساؤل، وصمتت فازدادت حيرته، وراح يقلب نظره بينها وبين الصوت الآتي له من الطارق.
لأول مرة رأته رتيبة ضعيفا حائرا، لا يدري ماذا يصنع. إنسان إذن هو بكل ضعف الإنسانية وهوانه، وليس هو ربا ولا هو إلها، ها هو ذا متخاذل أمامها، وهي سيدة بلا حول لها ولا قوة إلا شرف الدخائل، وطهر السرائر، ووضوح النفس، لا تخاف شيئا يتخفى في كيانها البشري.
Bog aan la aqoon