إن على الشباب أن يغيروا هذا الجو الاجتماعي البذيء، وأن يبادروا إلى إسكات هؤلاء الذين يبصقون السباب من أفواههم، ولست أنكر أن الميدان الأول للتربية هنا هو ميدان الطفولة؛ لأن هذه الكلمات لا يمكن أن يجري بها لسان إلا إذا كان قد تعلمنا في السنوات الأولى من العمر، ثم تبقى بعد ذلك إلى آخر العمر.
ولكن ليس في مقدورنا أن ندخل إلى البيوت ونعلم الآباء حتى يعلموا الأبناء، ولذلك يجب ان يقتصر جهدنا على الكف والزجر كلما لقينا هذا الغبار القذر في الشوارع.
ولن يستطيع الشباب أن يعيشوا في جو نظيف طاهر إلا إذا ساهموا هم في نظافته وطهارته.
والشارع هو ملك الجمهور الذي يحب أن يحرص على حقوقه فيه بأن يصونه من القذر، وقذر اللسان هو شر الأقذار.
الفصل الخامس والستون
الدكتور القديس
مات من مدة قريبة في الإسكندرية طبيب يوناني يدعى سقراط لاجوزاكي، وقد بلغ الخامسة والسبعين من عمره، وقضى من هذا العمر السنين الخمس عشرة الأخيرة وهو يعاني مرض الجذام، ويرى بعينيه سريان هذا السم في جسمه يمزق أعضاءه ويبتر أطرافه ويهدده بالعمى التام والشلل العام.
وهذا بالطبع خبر عادي مألوف، ولكن ما يستغرب فيه، وما يرفع هذا الرجل إلى مقام القديسين، أن سقراط لاجوزاكي هو نفسه الذي سعى وحقن جسمه بهذا المرض حتى سرت العدوى فيه وشرعت تأكل جسمه.
وليس بين الأمراض ما هو أبشع من هذا المرض، وهو، قبل كل شيء، مرض الفقراء الذين يعيشون في القذر ولا يجدون كفايتهم من العناصر الغذائية، لذلك ليس في أوروبا كلها، وهي أكثر من ثلاث مئة مليون، مجذوم واحد، ولكن في القاهرة وبكين وبومباي، الفقيرة، عشرات بل مئات.
وكان هذا القديس لاجوزاكي ينشد، عندما حقن جسمه، دراسة هذا المرض كما يحسه وكما يجد تطوراته أنه في تفتيت أعضائه وقيمة الأدوية والعلاجات المختلفة في التخفيف أو الشفاء منه، حتى يستطيع أن يهدي غيره من المجذومين إلى الوسائل الناجعة للتخلص منه.
Bog aan la aqoon