99

Wadadi Labada Hijrood

طريق الهجرتين - دار ابن القيم

Baare

محمد أجمل الإصلاحي

Daabacaha

دار عطاءات العلم (الرياض)

Lambarka Daabacaadda

الرابعة

Sanadka Daabacaadda

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Goobta Daabacaadda

دار ابن حزم (بيروت)

Noocyada

Suufinimo
فالخلق فقير محتاج إلى ربه بالذَّات لا بعلَّة، وكلُّ ما يذكَرُ ويقدَّر (^١) من أسباب الفقر والحاجة فهي أدلَّة على الفقر والحاجة، لا علل لذلك؛ إذ ما بالذات لا يعلَّل. فالفقير بذاته محتاج إلى الغني بذاته، فما يذكَر من إمكان وحدوث واحتياج فهي أدلَّةٌ على الفقر، لا أسبابٌ له. ولهذا كان الصوابُ في مسألة علَّة احتياج العالم إلى الرب تعالى غيرَ القولين اللذين يذكرهما (^٢) الفلاسفة والمتكلمون، فإنَّ الفلاسفة قالوا: علَّة الحاجة الإمكان، والمتكلمون قالوا: علَّة الحاجة الحدوث. والصواب أنَّ الإمكان والحدوث متلازمان، وكلاهما دليل الحاجة والافتقار. وفقرُ العالم إلى اللَّه ﷿ أمرٌ ذاتي لا يعلَّل، فهو فقيرٌ بذاته إلى ربِّه الغني بذاته. ثمَّ يستدل بإمكانه وحدوثه وغير ذلك من الأدلَّة على هذا الفقر. والمقصود أنَّه سبحانه أخبرَ عن حقيقة العباد وذواتهم بأنَّها فقيرة إليه ﷿، كما أخبر عن ذاته المقدَّسة وحقيقتِه أنَّه غنيٌّ حميد. فالفقرُ المطلقُ من كلِّ وجهٍ ثابتٌ لذواتهم وحقائقهم من حيث هي، والغنى المطلق من كل وجهٍ ثابتٌ لذاته تعالى وحقيقته من حيث هي. فيستحيل أن يكون العبدُ إلا فقيرًا، ويستحيل أن يكون الربُّ تعالى إلا غنيًّا، كما أنَّهُ يستحيل أن يكون العبدُ إلا عبدًا والربُّ إلا ربًّا. إذا عُرِف هذا، فالفقرُ فقران: فقرُ اضطرارٍ (^٣)، وهو فقرٌ عامٌّ لا خروج لِبَرٍّ ولا فاجر عنه. وهذا الفقر لا يقتضي مدحًا ولا ذمًّا

(^١) "ط": "يقرّر"، تحريف. (^٢) "ف": "تذكرهما". والأصل غير منقوط. (^٣) "ط": "اضطراري".

1 / 13