وقد جعله صاحب "منازل السائرين" من قسم النهايات، وحدَّه بأنَّه "الانخلاع عن شهود الشواهد"، وجعله على ثلاث درجات: "الدرجة الأولى: تجريد (^١) الكشف عن كسب اليقين، والثانية: تجريد عين الجمع عن درك العلم، والثالثة: تجريد الخلاص من شهود التجريد" (^٢).
فقوله في الأولى (^٣): "تجريد الكشف عن كسب اليقين" يريد كشفَ الإيمان ومكافحته للقلب، وهذا وإن حصل باكتساب اليقين من أدلته وبراهينه، فالتجريد أن يشهد سبقَ اللَّه تعالى بمنته لكلِّ سبب يُنال به يقين أو إيمان (^٤)، فيتجرد (^٥) كشفُه لذلك عن ملاحظة سبب أو وسيلة، بل يقطع الأسباب والوسائل، وينتهي نظره إلى المسبب.
وهذا (^٦) إن أريد [به] (^٧) تجريدُها عن كونها أسبابًا فتجريد باطل، وصاحبه ضال، وإن أريد به (^٨) تجريدُها عن الوقوف عندها، ورؤيةِ انتسابها إليه، وصدورِها منه، وأنَّ (^٩) اليقين إنَّما كان به وحده، فهذا