ومنعتَ، حتى إذا بلغتِ التراقي قلتَ: أتصدّق، وأنَّى أوانُ الصدقة! " (^١).
ومن ههنا خُذِلَ مَن خُذِلَ ووُفِّقَ مَنْ وُفِّقَ، فحُجب المخذول عن حقيقته وأُنسيَ (^٢) نفسه، فنسي فقره وحاجته وضرورَته إلى ربه، فطغى وبغى (^٣) وعتا، فحقّت عليه الشقوة. قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)﴾ [العلق/ ٦ - ٧] وقال: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)﴾ [الليل/ ٥ - ١٠].
فأكملُ الخلقِ أكملُهم عبودية وأعظمهم شهودًا لفقره وحاجته (^٤) وضرورته إلى ربه وعدم استغنائه عنه طرفة عين. ولهذا كان من دعائه ﷺ: "أصلحْ لي شأني كلَّه، ولا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عين، ولا إلى أحدٍ مِن خَلْقِك" (^٥).