فترددت لحظات، ثم قالت: لكن الإعلان ... والاسم ... ودليل التليفون ... أعني ... - أجل، لا أصدق الآن أنه من أصحاب المناصب فهم معروفون، ولا من وجهاء القاهرة كذلك، ولكن ذلك لا ينفي أن يكون من وجهاء هذا الإقليم أو ذاك. - ثم إنك لمحته أمس؟ - ذلك ما خيل إلي، ولكني لم أعد أثق بشيء. - وحتى متى تنتظر؟ - يجب ألا أضيع وقتي في البحث أو الانتظار. - ثم؟ - لا أدري، السبل مسدودة في وجهي، ولكن علي أن أرجع إلى بلدي فأبحث عن أي عمل أو أنتحر.
وهي تعض على شفتيها: وتقول إنك تحبني! - نعم .. بكل قلبي. - وتفكر في الذهاب أو الانتحار؟ - السبل مسدودة لحد الاختناق. - لكنك تحبني، وأنا أيضا أحبك.
قال بوجه متقلص من الانفعال والحزن: أنا لا أصلح لشيء، فكيف أصلح لك؟ - الصبر، لن أتخلى عنك. - لكن ما الفائدة؟ كنت أحلم بالعثور على أبي، ولذلك أدخلتك في حلمي بلا حساب. - العمل، هو الذي يحل مشكلتنا. - قلت إنني لا أصلح لشيء. - أعطني فرصة للتفكير وسوف تسير الأمور كما نود.
والجريمة التي ارتكبت! لا يجوز بحال أن تسير الأمور كما نود، يجب أن يكون وقت ذلك قد فات. كيف لم يأت الاعتراف بالنتيجة المدمرة! والضحك من الآن إلى نهاية العمر لن يكفي. - لن تسير الأمور كما نود.
فقالت بحزم: أمهلني يوما أو يومين، لا تتخذ أي قرار قبل الرجوع إلي، أنا أعرف ما أريد.
قل لها ماذا كانت أمك! قل لها ماذا فعلت أمس! قل لها إنك تزوجت من أخرى بوثيقة من دم! قل لها إنك تود أن تصرخ حتى تصدع أركان الأرض.
12
ها هم عساكر البوليس، وها هي اللمة، كما تخيل ذلك تماما طيلة النهار؛ وإذن فقد انتهى الرجل، واكتشفت الجريمة، والبحث دائر عن المجرم. ولا مفر من التقدم فأسكت هذه الرعدة، وتمالك نفسك حتى الموت، ولتنس النظرة الغائبة التي ألقاها عليك الرجل إلى الأبد، ولا تسل عن الصوت الذي ند عنه. والعودة إلى الفندق شاقة مرعبة كالاعتراف. حتى الخطة التي نفذت نوقشت من جديد كأن لم تنفذ بعد. كان يجب أن تغادر الفندق قبل يوم الجريمة بأسبوع. لم يكن الشيطان نفسه ليفكر فيك، ولكنك لن تجني من الهلوسة إلا الحسرات. ومن يصدق أنه حتى في غمرة هذا الفزع الشامل لا يكف صوت الشحاذ عن المديح! وشق طريقه خلال المتطلعين حتى اعترضه عسكري، فقال بدهشة: ماذا حدث؟ أنا من نزلاء الفندق.
وظهر عم محمد الساوي على عتبة الفندق بوجه شاحب استقرت في صفحته صورة دميمة للفزع، فأشار إليه قائلا بصوت لا يكاد يسمع: دعه يدخل.
سأله بلهفة: ماذا حدث يا عم محمد؟
Bog aan la aqoon