Taariikhda Ummadaha Casriga Rashiduun
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Noocyada
صلى الله عليه وسلم
كان يهابه؛ فقد روت السيدة عائشة (رضي الله عنها) أنها طبخت له عليه الصلاة والسلام حريرة، ودعت سودة أن تأكل معها فأبت، فعزمت عليها لتأكلن أو لتلطخن وجهها، فلم تأكل سودة، فوضعت يدها في الحريرة ولطخت بها وجه سودة، والنبي يضحك، ثم وضع الحريرة بيد سودة وقال لها: لطخي أنت وجهها، ففعلت، ومر في ذلك الوقت عمر فناداه النبي: يا عبد الله، وقد ظن أنه سيدخل، فقال لهما: قوما فاغسلا وجهيكما ، قالت عائشة (رضي الله عنها): فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
إياه، وقد كان الرسول العظيم يرعى تلك الهيبة العمرية ويقدرها حق قدرها لما فيها من نصرة الحق، وإحقاق العدل، وإيقاع الخشية في قلوب كل من تحاول نفسه الاستهانة بالدين أو نصرة الباطل أو إعانة الظالم.
قال الطبري: وهاب الناس عمر هيبة عظيمة، حتى ترك الناس المجالس بالأفنية، قالوا ننتظر ما رأي عمر، وقالوا: بلغ من أبي بكر أن الصبيان كانوا إذا رأوه يسعون إليه ويقولون: يا أبت، فيمسح رءوسهم، وبلغ من هيبة عمر أن الرجال تفرقوا من المجالس هيبة حتى ينتظروا ما يكون من أمره، قالوا: فلما بلغ عمر أن الناس هابوه، فصيح في الناس: «الصلاة جامعة»، فحضروا، ثم جلس من المنبر حيث كان أبو بكر يضع رجليه، فلما اجتمع الناس قام، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي، ثم قال: «بلغني أن الناس هابوا شدتي وخافوا غلظتي، وقالوا قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله بين أظهرنا، ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه، فكيف إذا صارت الأمور إليه؟ ومن قال ذلك فقد صدق؛ فقد كنت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فكنت عبده وخادمه، وكان من لا يبلغ أحد صفته من اللين والرحمة، فكنت سيفا مسلولا حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، حتى قبض رسول الله وهو عني راض والحمد لله وأنا أسعد بذلك.
ثم ولي أمر المسلمين أبو بكر، فكان من لا ينكرون دعته وكرمه ولينه، فكنت خادمه وعونه، أخلط شدتي بلينه، فأكون سيفا مسلولا حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، فلم أزل معه كذلك حتى قبضه الله وهو عني راض والحمد لله، وأنا أسعد بذلك. ثم إني وليت أموركم أيها الناس، واعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، فأما أهل السلامة والدين والفضل فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض، ولست أدع أحدا يظلم أحدا ويتعدى عليه حتى أضع خده على الأرض، وأضع قدمي على الخد الآخر حتى يذعن بالحق، ولكم علي أيها الناس خصال أذكرها لكم فخذوني بها، لكم علي ألا أخبئ شيئا من خراجكم إلا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم علي إذا وقع عندي ألا يخرج إلا بحقه، ولكم علي أن أرد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله، ولكم علي ألا ألقيكم في المهالك، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم.» هذه منقبة من مناقب العبقري الفذ عمر.
وله مناقب جليلة أخرى، نذكر منها: علمه، وفهمه، وفراسته، وتلطفه في استنباط الأحكام الشرعية وفهم روح الإسلام وتشريعه،
3
Bog aan la aqoon