Taariikhda Ummadda Casriga Is-waafajinta
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Noocyada
42
فأعاد معاوية المغيرة إلى منصبه في إمارة الكوفة - وكان عزله عنه - وأخذ يعمل لما ذهب إليه، فجاء عشرة من أعيان الكوفة إلى معاوية، وطلبوا إليه أن يعهد ليزيد، فأرسل إلى زياد بالبصرة يسأله، فنصحه أن يتريث؛ لعدم توفر الشرط في يزيد؛ فإن فيه تهاونا وولعا بالصيد، ومنذ ذلك الحين كف يزيد عن كثير مما يولع به، فلما مات زياد أرسل معاوية إلى مروان بن الحكم - وكان أميرا على المدينة - يقول له: إني قد كبرت سني، ورق عظمي، وخشيت الاختلاف على الأمة بعدي، وقد رأيت أن أتخير لهم من يقوم بعدي، وكرهت أن أقطع أمرا دون مشورة من عندك، فاعرض ذلك عليهم، وأعلمني بالذي يردون عليك.
43
فلما عرض مروان الأمر على الناس في المسجد، هاج الناس واضطربوا، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: أتريدون أن تجعلوها هرقلية، كلما مات هرقل قام هرقل؟
44
وكذلك قام الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير واستنكرا العمل.
ثم كتب معاوية إلى عماله أن يمهدوا للأمر، ويبعثوا إليه الوفود بذلك، فلما اجتمعت الوفود أعلن معاوية بيعته، وقام الضحاك بن قيس الفهري فتكلم باسم الوفود، وبين فضل يزيد، ودعا إلى بيعته؛ لعلمه وعقله واجتماع كلمة المسلمين عليه، ويظهر أن الحجاز قد أخذ يضطرب لهذه البيعة، فلم ير معاوية بدا من ذهابه، فلما وصل المدينة
45
استدعى الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر فأبوا أن يجيبوه، فدخل على عائشة وتهددهم، فأوصته بالرفق والتريث، ثم اجتمع بالثلاثة فقال ابن الزبير: نخيرك بين ثلاثة: تصنع كما صنع رسول الله، أو كما صنع أبو بكر، أو كما صنع عمر، فقال معاوية: ليس فيكم مثل أبي بكر وعمر، وأخاف الاختلاف، هل عندك غير هذا؟
وقال الحسين وابن عمر مثل قول ابن الزبير، فقال معاوية: قد أعذر من أنذر، ثم دعا صاحب حرسه فقال: أقم على رأس كل رجل من الثلاثة رجلين، ومع كل واحد سيف، فإن ذهب رجل منهم يرد علي كلمة تصديق أو تكذيب فليضرباه، ثم خرج وخرجوا حتى رقي المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: «إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد، فبايعوا على اسم الله»، فبايع الناس، ورجع معاوية إلى دمشق.
Bog aan la aqoon