Taariikhda Ummadda Casriga Is-waafajinta
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Noocyada
4
ولم ينفذ الملكان المسيحيان فرديناند الثاني وإيزابيل الكاثوليكية تعهدهما للمسلمين بالمحافظة على شعائرهم وحماية مقدساتهم، ورعاية كتبهم وآثارهم، بل أسسا محاكم للتفتيش عن المسلمين والفتك بهم وإكراههم على اعتناق الدين المسيحي، أو الجلاء عن البلاد إلى شمال إفريقية.
الفصل الخامس
الحضارة الأندلسية والحركات العلمية
ازدهرت الحضارة الإسلامية في الأندلس أيام الخليفة عبد الرحمن الثالث، فقد حكم نحوا من خمسين عاما (912-961م)، عمل فيها على السير بالبلاد قدما في سبيل العلم والفن، بعد أن وطد أبوه وجده دعائم السيادة والقوة فيها، واعتنى بكل نواحي الحياة من زراعة وتجارة وصناعة وعمران، كما اعتنى بمجالي الحياة الزاهية من ملاعب وحدائق.
أما الآثار العمرانية التي خلفتها الحضارة الأندلسية فهي كثيرة، وما يزال كثير من أطلالها وأشخاصها ماثلا، وأجلها: (1) جامع قرطبة الأعظم
الذي بدأ به مؤسس الأسرة الأموية في الأندلس سنة 785-786م، ودام البناء فيه اثني عشر شهرا، استعان فيها ببعض المعماريين القوط، وبأطلال من المعابد القديمة، وتعاقب الأمراء الأمويون بعده على توسيعه وتكميله، فشيد هشام الأول مئذنته، وزاد عبد الرحمن الثاني أروقته ومحاريبه، ورفع محمد الأول مقصورته، وشيد عبد الرحمن الثالث منارته العظيمة 951م، وزاد الحكم الثاني امتداد أروقته الاثني عشر، وشيد إلى جانبه دارا ذات ثماني زوايا، تعلوها قبة معقودة على رخامات حلزونية الشكل، ومقصورة جديدة لها أقواس متقاطعة مفلطحة وقبب ذات أضلاع رائعة الشكل، وفي زمن الحاجب المنصور زيدت أروقة الجامع فبلغت تسعة عشر، وفي كل رواق خمسة وثلاثون عمودا، وأحيط الجامع بسور ذي شرفات عالية، وواحد وعشرين بابا شامخا مزدانا بالرخام والنحاس المكفت، وفي وسط الجامع حوض عظيم للوضوء تقوم من حوله أعمدة تحمل عقودا من الرخام للزخرفة والزينة.
ومن الآثار العمرانية الجليلة التي لم يبق لنا منها اليوم إلا اسمها ووصفها : (2) مدينة الزهراء
التي روى المؤرخون أن الخليفة عبد الرحمن الثالث قد سماها باسم جاريته المحبوبة «زهراء»، وشرع في بنائها سنة 936م على أسفل الجبل المعروف بجبل العروس، شمالي قرطبة، وأن عشرة آلاف عامل ظلوا يعملون فيها خمسا وعشرين سنة، وكانت مكونة من ثلاث طبقات؛ أقيمت في الطبقة الأولى البساتين والحدائق والأنهار، والطرقات المؤدية إلى الطبقة الثانية التي جعلت للموظفين والخدم والإماء والموالي والحرس، وكانت الطبقة الثالثة مقرا للخليفة وأسرته ورجال بلاطه، وأعظم ما في هذه الطبقة قاعة العرش والاستقبال المبنية بالرخام والمرمر وصفائح الذهب، وفي وسطها تشرق «الجوهرة المضيئة» التي أهداها إليه الإمبراطور «ليو» البيزنطي ملك القسطنطينية، ويذكر المؤرخون أن أبواب الزهراء كانت ثمانية مصنوعة من الرخام الملون والبلور والأبنوس والنحاس المكفت والعاج، وأن غرفة نوم الخليفة كانت رائعة بفسقيتها الفخمة المزدانة بتماثيلها الذهبية الاثني عشر، وأن طول القصر كان 2700 ذراع، وعرضه 1500 ذراع، وفيه ألف وخمسمائة باب وأربعة آلاف وثلاثمائة عمود، وقد تهدم أكثر هذه المدينة في ثورة البربر سنة 1010م، أما اليوم فلا يعرف لها أثر، ويظن أن أكوام الردم الواقعة في «قرطبة القديمة» على مسافة ميل من المدينة الجديدة هي أطلال مدينة الزهراء.
ومن الآثار العمرانية الخالدة الباقية: (3) مدينة الحمراء
Bog aan la aqoon