Tarikh Umma Casr Intilaq
عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)
Noocyada
فقد عنوا ببعض الصناعات التي يحتاجون إليها، والتي تساعد عليها طبيعة بلادهم، وتدفع إمكانية أرضهم إليها، وقد رأينا أنهم أتقنوا الحدادة لحاجتهم إليها في صنع أوائل الحرب والحرث، وهناك صناعات أخرى. ومن الصناعات التي عرفوا بها: التجارة والدباغة والصياغة والبناء والصباغة والحياكة والنسيج والخياطة وما إلى ذلك، وفي كتب السيرة والحديث والأدب أخبار كثيرة عن الصناعات العربية وعن أربابها، فمن ذلك ما ذكره صاحب الإصابة في ترجمة الضحاك بن عرفجة (وفي رواية طرفة بن عرفجة أو عرفجة بن سعيد): أنه أصيب أنفه يوم الكلاب، فأمره النبي
صلى الله عليه وسلم
أن يتخذ أنفا من ذهب. ويروى أن جماعة من الصحابة قد فسدت أسنانهم فشدوها بالذهب. وروى الكاشاني في بدائع الصنائع (1: 117) عن ابن عباس أنه نهى مصورا عن التصوير فقال: كيف أصنع وهو كسبي؟ فقال: إن لم يكن بد فعليك بتمثال الأشجار. وذكر فيه أن الصورة إذا كانت صغيرة لا تبدو من بعيد فلا بأس بها؛ لأن من يعبد الأصنام لا يعبد الصغير منها.
ويروى عن النبي أنه كان يحتقر بعض الصناعات، فقد روي عن جابر بن عبد الله أنه قال: سمعت رسول الله يقول: «وهبت خالتي فاختة بنت عمرو غلاما وأمرتها ألا تجعله جازرا ولا صائغا ولا حجاما.» أما الحجام والقصاب فللنجاسة التي يباشرانها مع تعذر الاحتراز، وأما الصائغ فلما يدخل في الصياغة من الغش أو لكثرة الوعد والكذب في كلامه.
178
ومن الصناعات التي كانت تباح للنساء: التجارة. وممن عرفن بها خديجة، وقيلة الأنمارية، «والقبالة»، و«الخفاضة» وهي ختانة النساء، و«الرضاعة»، و«الغزل»، و«الغناء». ومن جواري الأنصار المغنيات حمامة وأرنب.
179 (7) الشئون القضائية
عني العرب منذ جاهليتهم بشئون القضاء والعدل بين الناس، واختاروا له حكماء وهم عقلاؤهم، فحكموهم بينهم لا يخالفونهم فيما يقضون. وقد أثر عن عرب الجاهلية كثير من أحكام القضاء العادلة الصالحة، ولو جمعت لكانت مجموعة طيبة تعطينا صورة صادقة عن عدلهم وحسن قضائهم وبراعتهم في الفصل بين المتخاصمين. ولما جاء الرسول الكريم استبقى ما وجده طيبا من ذلك، واستبعد القبيح المستهجن، وحرض القضاة على الحكم بين الناس بالإنصاف، وأوجب عليهم أن يحكموا بين الناس بالعدل إذا حكموهم. وقد أثرت عنه
صلى الله عليه وسلم
أحاديث جليلة وقصص متواترة تدل على شدة استمساكه بحبل العدالة والحفاظ عليها وتهديد قضاة السوء والظلم والجور، فمن ذلك ما روي عن بريدة أنه
Bog aan la aqoon