Taariikhda Qaranka Carabta: Waqtiga Hoos-u-dhaca (Qeybta Toddobaad)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Noocyada
محمد أسعد طلس
تاريخ الأمم العربية
توطئة
كان العالم العربي عامة، والعراق خاصة، في فجر القرن السابع للهجرة، على حالة مزعجة من الاضطراب والفوضى، والسر في ذلك يرجع إلى أن الخلفاء الذين أضحوا ألعوبة في يد الأعاجم من الأتراك والسلاجقة، يتصرفون بالبلاد كما يشاءون، ويقضون على القومية العربية بما يريدون. ولما آلت الخلافة إلى المستنصر بالله ثم إلى المستعصم بالله، ازدادت الفوضى، واضطرب حبل الأمن، وبخاصة في عهد المستعصم، فقد كان ضعيف الرأي، لا يسمع له قول، منصرفا إلى اللهو وسفاسف الأمور، ولم يكن حاشيته ورجال بلاطه أفضل منه.
ولما أخذ خطر التتر يقوى وشرعت أخبارهم تصل إلى بغداد، حاول بعض العقلاء من رجال الدولة تقويم اعوجاج الخليفة، وإصلاح حال الحاشية، والدعوة إلى الأخذ بأسباب النهوض بالبلاد، والدفاع عنها من الخطر الداهم، ولكن الخليفة الأخرق وحاشيته الخبيثة ظلوا سادرين في غيهم، لا يسمعون لنصح المخلصين، ولا يعملون على إصلاح حال البلاد، وإنقاذها مما هي فيه من الاضطراب والفساد، واختلال الإدارة، ونظام المصادرة، والتعدي على الناس، والقضاء على الحريات، ومحو العدل والمساواة.
ولم تكن حال الشعب أفضل من حال الخليفة ورجالات قصره، فقد كان عامة الناس على جانب عظيم من التفسخ الخلقي والفساد الاجتماعي؛ لأن العناصر الدخيلة قد دخلت بينهم وأعملت فسادا وتمزيقا، حتى انقسموا على أنفسهم شيعا، كل شيعة تناصر إحدى الدول الأجنبية المجاورة أو الأحزاب والفرق الداخلية المتناصرة، حتى فقدت العصبية العربية تماما، وكان لدسائس الفرس والترك أثر كبير في هذا التفرق والفساد، وبخاصة ملاحدة الباطنيين، وأتابكة الترك، ومفسدي المغول والتركمان، أضف إلى هذا انتشار طائفة من المفاسد والأمراض الاجتماعية التي ما دخلت أمة إلا أهلكتها، وسلبت عنها عزتها وكرامتها القومية من الخلاعة البالغة، والشرف العجيب، واستيلاء الخصيان والمماليك والجواري على زمام الأمور، هذا إلى طائفة من الأمراض والأوبئة المادية التي استوطنت العراق كالحميات والطواعين والأوبئة، التي لا يكاد العراق يخلو منها في كل سنة من سني القرون الأخيرة.
وإذا كانت هذه حال العراق - وهو مهد الخلافة العباسية ومحط رجال العالم الإسلامي - فكيف تكون حالة سائر ممالك الخلافة التابعة لها، والحق أنها كانت في حالة مزعجة، سواء من حيث من التفكك أو الجهل أو الفساد أو الاضطراب على سنراه فيما بعده.
ولقد بلغت هذه الأمور مسامع عظيم التتار «مفكو» أخي هولاكو، فتاقت نفسه إلى السيطرة على القطر العراقي وما إليه، وعزم على أن يبعث بجيش كبير يحتل هذه الديار بعد أن احتل فارس وفتك بأهلها أشد الفتك، وهكذا كان، فقد أرسل أخاه هولاكو في سنة 655ه إلى البلاد العراقية، بعد أن استولى على فارس كلها كما سنفصله.
ولما أن تم السلطان لهؤلاء التتار على العراق، وقضوا على الدولة العباسية، أخذت النكبات تترى على العالم العربي ودوله واحدة تلو الأخرى، ولم تعرف البلاد طعم الحرية والعزة القومية خلال سبعة قرون ذاقت فيها كئوس الذل ألوانا وأشكالا، وحكم فيها المغولي والتركماني والتركي والفارسي حكما أمات الروح العربية، وحاول أن يقضي على كل ما فيها من كرامة قومية، ولولا نفحات كانت تهب في الفينة بين الفينة فتبعث بعض العزة والكرامة العربيتين الأصيلتين من شعر شاعر مكلوم، أو نفثة أديب مصدور، أو خطبة خطيب متألم، لانمحت روح العروبة، ودرست آثارها - لا قدر الله.
إن في النهضة العربية التي نراها اليوم بين صفوف الشعوب العربية من مراكش إلى العراق لبشارة طيبة تؤكد أن الله سبحانه قد أذن لهذه الأمة الكريمة أن تستعيد مجدها، وتعمل في سبيل عزها وكرامتها، حقق الله ذلك، وسلك بنا مسالك الخير والفلاح، والوحدة والسداد.
Bog aan la aqoon