Taariikhda Qaranka Carabta: Waqtiga Hoos-u-dhaca (Qeybta Toddobaad)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Noocyada
2
وقال المؤرخ ابن عربشاه: «وبينا كان رجال تيمورلنك يحاصرون قلعة دمشق أخذ هو يتطلب الأفاضل وأصحاب الحرف والصنائع وأرباب الفضائل، واستمر نهب عسكر تيمورلنك لدمشق ثلاثة أيام، وارتحل هو وجماعته، وقد أخذوا من نفائس الأموال فوق طاقتهم، وتحملوا من ذلك ما عجزت عنه قوى استطاعتهم، فجعلوا يطرحون ذلك في الدروب والمنازل ... وأصبحت القفار والبراري والجبال والصحاري من الأمتعة والأقمشة كأنها سوق الدهشة
3 ... وأخذ تيمورلنك معه من الدماشقة أكثر أهل الفضل وأرباب الصنائع، وكل ماهر في فن من الفنون أو صناعة من الصناعات من النساجين والخياطين والنجارين والأقباعية والبياطرة والخيمية والنقاشين والقواسين والباز دارية، وبالجملة فإنه أخذ أهل كل فن، كما أخذ جملة من العلماء وربما أخذ ناسا من الأعيان والسادة النبلاء، وكذلك فعل كل أمير من أمرائه وزعيم من زعمائه.»
4
ولم يرحل عن دمشق إلا بعد أن تركها أطلالا، ثم رجع ثانية إلى حلب فأتم إحراق ما لم يحرق من قصورها ودورها وأسواقها ومساجدها، وهدم أبراج قلعتها، وقتل من بقي من أهليها، وأخذ معه من أرباب الصناعات والحرف والعلم من بقي حيا، قال المرحوم محمد كرد علي: «خرجت حلب وحماه ودمشق خصوصا من بين مدن الشام بعد فتنة تيمور كالهيكل العظمى لا لحم ولا دم، وأصيبت بنقص في الأنفس وخراب في العمران يبكي لها كل من عرف ما كانت عليه قبل تلك الحقبة المشئومة من العمران وكثرة السكان، ولم يقيض للبلاد سلطان عاقل قوي يداوي جراحاتها، فبقيت نافرة نفارة.»
5
ولما غادر تيمور وأجناده ديار الشام رجع إليها المماليك يحاولون أن يعيدوا إليها شيئا من نضارتها، ويحاولون أن تدب الحياة من جديد في جسمها على الرغم من سوء إدارة السلطان الملك الناصر، ولكن وجود هذا الرأس الفاسد كان يحول دون كل تقدم، ولذلك عمل عقلاء الأمراء المماليك إلى خلعه على الشكل الذي سنفصله في القسم الخاص بتاريخ مصر، ولم تتحسن الأمور بعد خلعه؛ بل مرت بفترات سوداء وأحداث مزعجات انتهت بسلطنة الملك المؤيد شيخ، ثم بهلاكه وتولية ابنه وهو طفل في المهد، ثم خلعوه وولوا مكانه الأمير ططر، ولم يكن أفضل حالا من سابقيه، وعاشت البلاد حقبة كلها بلاء ومصائب إلى أن تولى عرش البلاد في الشام ومصر رجل عاقل عامل مصلح هو الأشرف برسباي؛ فاستقامت أحوال البلاد، وانتعش العباد.
تسلطن الملك الأشرف برسباي في سنة 825ه وظل في الملك إلى سنة 841ه فعادت البلاد إلى شيء من الرخاء والحضارة، ولما توفي تملك ابنه الملك العزيز يوسف فعادت الفوضى إلى البلاد إلى تملك الملك «قايتباي» 872-901ه وكان من أحزم السلاطين وأميلهم إلى العمران، وفي أيامه تحرك السلطان حسن الطويل صاحب العراقين وسار نحو حلب، فانتدب «قايتباي» الأمير يشيك الدوادار نائب السلطنة في حلب للقائه فرده شر رد، وفي عهد «قايتباي» أيضا تحرش الأتراك العثمانيون بالشام لأول مرة في سنة 889ه ولكنهم ردوا على أعقابهم، ولما مات «قايتباي» عادت الفوضى، وتولى على العرش ملوك ضعفاء سخفاء حتى كان الملك الأشرف «قانصوه» الغوري 906-922ه، وكانت الديار الشامية كلها قد وصلت إلى حالة مزرية من الفوضى، على عكس ما صارت إليه بلاد آسية الصغرى العثمانية، فإن الأتراك العثمانيين كانوا قد سيطروا على أرجائها، ونظموا أمورها، وقضوا على مملكة دلغادر «ذي القدرية» وسيطروا على المدن الخاضعة له مثل مرعش والبستان وملاطية، ولما رأى سلطانهم السلطان سليم العثماني ضعف نواب السلطنة المصرية في الشام، وعدم قدرتهم على الدفاع عنها، والوقوف في وجه جيوشه، عزم في سنة 922ه على الاستيلاء عليها، ونفذ عزمه بعد أن شتت الدولة الصفوية على ما بيناه آنفا.
الفصل الثامن
الشام منذ فتح الأتراك العثمانيين إلى فجر القرن الثالث عشر للهجرة
Bog aan la aqoon