Taariikhda Caafimaadka ee Umamta Hore iyo Kuwa Dambe
تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة
Noocyada
5
في بزل أغشية الدماغ واتخاذ الملاقط في التوليد، واستخراج الحصى الكلوية بالمشق، وثقب تجويف الأضلاع في تقيح الغشاء المستبطن للصدر (البيلورة)، واستسقاء التأمور (غشاء القلب الظاهر)، واستعمال البتر واستئصال ناسور العجان (ما بين الدبر والأنثيين)، وحظر على تلامذته إخراج الحصاة بعملية؛ لعدم ركونه إليهم؛ ولقصر معارفهم في مثل هذه العمليات الخطرة.
وعلى الجملة فله آراء صائبة في الجراحة تظهر من كتبه، وأفضلها كتاب «الكسور»، و«شجاج الرأس»، و«طبيعة العظام»، وله في فن القبالة، وأمراض النساء فوائد كثيرة ورسائل.
ويروى أن أبقراط سكن مدة بمدينة «فيروها» أي: حمص الشام، وكثيرا ما كان يختلف إلى مدينة دمشق، ويقيم في بستان له فيها للرياضة والتعلم والتعليم، وكان موضع تنزهه يسمى «بصفة بقراط» إلى زمن ابن القفطي في القرن السابع، وهو الذي روى ذلك في تاريخه (إخبار العلماء بأخبار الحكماء). وقال ابن العبري في تاريخه: إن ذلك المكان يسمى «النيرب» أقول: وهو من متنزهات دمشق إلى غربي الصالحية تحت قبة السيارة، وقربه «دير سران» المعروف من المتنزهات أيضا، ويصادق شيوخ الصالحية الآن نقلا عن السلف على هذا الرأي، فإذا ثبت ذلك كانت دمشق قد تمتعت بزيارة أول طبيب في العالم، بل أبي الطب الذي علم فيها صناعته.
واعتمد أبقراط على مذهبه المشهور أن الأمزجة أربعة ناتجة من اختلاط أربعة عناصر ثانوية أو مركبة، وهي الدم والبلغم والصفراء والسوداء، وأن الدم مؤلف من الحار والرطب، والبلغم من البارد والرطب، والصفراء من الحار واليابس، والسوداء من البارد واليابس، وذلك بالنسبة إلى الأخلاط الأربعة (كراسس اليونانية)، وهي: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، فالأمزجة ناتجة عن امتزاج اثنين أو ثلاثة من هذه الأخلاط، ولا يزال أطباء اليوم يعتمدون على الأمزجة الأربعة، وهي الدموي والبلغمي أو اللمفاوي والسوداوي أو العصبي والصفراوي.
ولقد وضع أبقراط كتبا كثيرة في الطب عربها العرب، واتصلت بالإفرنج، فكانت معتمدهم في مباحثهم الطبية، ومن أهمها كتاب «الفصول» الذي طبع، ومنه نسخ مخطوطة وفي مكتبتي واحدة منها، و«الأمراض الوافدة والأوبئة»، و«تقدمة المعرفة» ومنه نسخة نفيسة في دمشق، و«الأخلاط»، و«ماء الشعير»، و«قسطران»
6
أي: المدن، وكتاب «الماء والهواء»، و«طبيعة الإنسان»، و«العهد»، و«العلامات»، و«الغدد»، و«المفاصل»، و«تدبير الأمراض الحادة»، ومن أهم ما يستفاد من كتابه «تدبير الأمراض الحادة» قاعدتان: «قلة تغذية المريض»، و«مراعاة العادة». ومن كتابه «العلاقات» في أمراض الصدر: إن النفث الذي يكون كصدأ الحديد وممزوجا بقليل من الدم في ذات الرئة علاقة جيدة ويريح كثيرا في أول العلة، ولكن إذا حصل في اليوم السابع أو بعد ذلك، فليس يؤمن كثيرا. ومن أقواله: إن أفضل النفث ما سكن ألم الجنب.
وهكذا كانت مبادئه الأساسية معمولا بها إلى يومنا من كثير من الوجوه، ولا سيما أنه أطلق تعليمها لكل راغب من أنسبائه ومن غيرهم فأقبل الناس عليها؛ ولكي لا ينسخ ميثاق السلف من آل أسقليبوس الذي قرروه وحظروا مخالفته، وضع هو ميثاقا على كل من يتلقى الطب في زمنه، وفي ما بعده حفظا للسنة، وهذا ما كان يستحلف به متعاطي الطب، ويقول له: «برئت من قابض أنفس الحكماء، وفياض عقول العقلاء، ورافع أوج السماء، مزكي النفوس الكلية، وفاطر الحركات العلوية، إن خبأت نصحا، أو بذلت ضراء، أو كلفت بشرا أو تدلست بما يغم النفوس وقعه، أو قدمت ما يقل عمله إذا عرفت ما يعظم نفعه، وعليك بحسن الخلق بحيث تسع الناس، ولا تعظم مرضا عند صاحبه، ولا تسر إلى أحد عند مريض، ولا تجس نبضا وأنت معبس، ولا تخبر بمكروه، ولا تطالب بأجر، وقدم نفع الناس على نفعك، واستفرغ لمن ألقى إليك زمامه ما في وسعك، فإن ضيعته فأنت ضائع، وكل منكما مشتر وبائع، والله الشاهد علي وعليك في المحسوس والمعقول، والناظر إلي وإليك والسامع لما نقول، فمن نكث عهده فقد استهدف لقضائه، إلا أن يخرج عن أرضه وسمائه، وذلك من أمحل المحال، فليسلك المؤمن سنن الاعتدال.»
وقرر جالينوس كما ذكر بعض الشراح أن أبقراط زاد على هذا الميثاق قوله أيضا: «ويجب اختيار الطبيب حسن الهيئة كامل الخلقة صحيح البنية، نظيف الثياب طيب الرائحة، يسر من نظر إليه، وتقبل النفس على تناول الدواء من يديه، وأن يتقن بقلبه العلوم التي تتوقف الإصابة في العلاج عليها، وأن يكون متينا في دينه متمسكا بشريعته، دائرا معها حيث دارت، واقفا عند حدود الله تعالى، خلي القلب من الهوى، لا يقبل الارتشاء، ولا يفعل حيث يشاء؛ ليؤمن معه الخطا؛ وتستريح إليه النفوس من العنا.»
Bog aan la aqoon