Taariikhda Tarjamada iyo Dhaqdhaqaaqa Dhaqanka ee Xilliga Maxamed Cali
تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي
Noocyada
وقد عني «برون» كمؤلف بالمادتين اللتين كان يدرسهما في مدرسة الطب، وهما الكيمياء والطبيعة؛ فوضع فيهما كتابين كبيرين ترجما إلى اللغة العربية؛ أما الكتاب الأول فهو «الجواهر السنية في الأعمال الكيماوية»، ألفه «برون»، وألقاه على التلامذة أولا بأول، فاستفادت منه في علم الكيمياء فوائد جمة، فلما نقلت مدرسة الطب إلى قصر العيني، وعين «برون» ناظرا لها، وكان إذ ذاك ضرب بعطن في اللغة العربية، وصار يفهم النكات الأدبية، فبحث في القواميس على الألفاظ الطبية والكيماوية، وأسهر ليله في نفع المدرسة بكل فكرة وروية، فلما ووفق على طبع الكتاب قام هو بترجمته بنفسه، وأشرف على مراجعته الشيخ محمد الهراوي، فراجع ثمانيا وخمسين ملزمة، ثم توفي فأشرف على مراجعة بقية الكتاب أستاذ «برون» وصديقه الحميم الشيخ محمد عمر التونسي، الذي يقول في مقدمة الكتاب: «على أن جل هذا الكتاب كان أملي علي من قبل ذلك، وصححت أكثره بلا مشارك، ولم آل جهدا في تنقيحه والله المستعان، وساعدني في ذلك معرفة مؤلفه باللغة العربية؛ لأني قابلت كل مشكلة معه على أصوله الفرنسية ...»
51
وقد ساعده في هذه المراجعة تلميذ «برون»، وخلفه في تدريس مادة الكيمياء بمدرسة الطب الشيخ درويش زيدان، والدكتور حسين غانم الرشيدي.
والكتاب ضخم جدا؛ فإنه يقع في 3 أجزاء، عدد صفحات الأول 676، والثاني 494، والثالث 440، وألحق بالجزء الأخير ذيل في 119 صفحة أخرى لشرح الآلات الواردة في الكتاب، جاء في مقدمته ما يلي: «... وبعد فلما من الله سبحانه وتعالى بإتمام كتاب الكيمياء للماهر في جميع الفنون، ناظر مدرسة الطب البشري الشهير برون، وكانت فيه أعمال جمة تحتاج إلى آلات معرفتها مهمة، وكان لم يذكر في الكتاب إلا القليل مع أن عليها في الأعمال التعويل، وكان عدم ذكر جميعها في صلب الكتاب مما يحصل به الإطناب، فقصد أن يجمع جميع الأشكال ويجعلها كالذيل ليكون بها الإكمال، ولأجل أن تكون كلها مجموعة في ورقات قليلة لتسهل مراجعتها في المهمات الجليلة، فجمعها في هذه الورقات، ووضحها أتم توضيح كما هو المقصود للمراجعات، وأمرني أن أرتبها على حروف المعجم؛ لتكون في المراجعة أسهل وأقوم، فامتثلت أمره لما فيه من الفوائد ... إلخ.»
ويسرنا أن نشير هنا إلى أن «برون » وتلاميذه مصححي الكتاب قد وفقوا توفيقا كبيرا في ترجمة أسماء كثير من هذه الآلات؛ ففي هذا الملحق أسماء كثير من الآلات لا زالت تستعمل حتى الآن في كتب الكيمياء الحديثة منذ وفق هؤلاء الرواد في تخيرها، ومنها مثلا: الأنبوبة، الأنبيق، البودقة، الجفنة، جهاز تعيين الوزن النوعي للهواء والغازات، دورق ولف، المخبار، المرشح ... إلخ.
52
وكان برون قد أعد لكل جزء فهرسا خاصا، ولكنه رأى بعد إتمام الكتاب أن يجعل له فهرسا عاما اقتداء بمؤلفي أوروبا، يقول الشيخ عمر التونسي: «أما بعد؛ فإن كتاب الكيمياء الآن وقد تم، ومسك ختامه على المدارس قد عم، وكان قد عمل لكل جزء منه فهرسة مستقلة، وحيث إن أهل أوروبا يجعلون لمثل هذا الكتاب النفيس فهرسة جامعة أمرني مؤلفه أن أتتبع الفهارس الثلاث، وأجعلها فهرسة عامة نافعة اقتداء بأهل أوروبا في مؤلفاتهم، وأن أرتب الفهرسة المذكورة على أوائل حروف المعجم لتكون لدى المراجعة أسهل وأحكم، فأجبته إلى ذلك حسب مرامه ... إلخ.»
53
وقد تم طبع الجزء الأول في بولاق في سنة 1258، وتم طبع الجزء الثالث في اليوم الخامس من شهر ربيع الأول سنة 1260.
أما الكتاب الثاني فقد سماه برون «الأزهار البديعة في علم الطبيعة»، وقال في مقدمته: «إني لما استخدمت بمدرسة الطب البشري معلما للكيمياء من مدة سنتين وقمت بما وجب علي فيهما بما تقر به العين، طلب مني أن أضم لتعليم علم الكيمياء علم الطبيعة فامتثلت الأمر واقتطفت من روضة كتب هذا الفن كل زهرة بديعة، وجمعت هذا الكتاب من أحاسن الفن المذكور ...» ثم يقول: «ثم إني لفهمي بعض الألفاظ العربية تجنبت من الألفاظ الفرنساوية ما يعسر ترجمته إلى العربية، هذا وقد رتبت هذا الكتاب على جزأين، أولهما في العلوم الطبيعية وثانيهما في الكائنات الجوية ...»
Bog aan la aqoon