Taariikhdii Ilbaxnimada Islaamka (Qeybta Koowaad)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Noocyada
وللإمبراطور جستنيان ذكر مجيد في تاريخ الدولة البيزنطية، بسبب اتساع حدودها على أيامه واستعادتها للكثير مما كانت قبائل الجرمان قد استولت عليه من ولايات الدولة الرومانية، وبسبب ما قام به من أعمال خلدت ذكره على مدى التاريخ، منها اجتهاده في تكوين مجموعات القوانين الرومانية المعروفة وأشهرها المجموعة المعروفة إلى اليوم بمدونة جستنيان التي كانت أساسا لما وضع بعدها من القوانين في أوربا إلى اليوم، وقد أدخل صناعة الحرير إلى أوربا وبنى الكنائس والمعاقل والقصور، وأشهر ما يذكر به كنيسة أيا صوفيا، التي جعلها العثمانيون عند فتح القسطنطينية جامعا لا يزال معروفا بهذا الاسم إلى اليوم.
كنيسة أيا صوفيا التي بناها جستنيان، وهي الآن جامع.
ولكن الدولة المطلقة إنما يكون حظها من السعادة أو الشقاء كما يكون ملكها فإن كان عظيما عظمت أو كان حقيرا حقرت، فلما توفي جستنيان خلفه أناس لا يليقون بالملك فلم تعد تعرف السعادة بعده - خلفه ابن أخيه جستين الثاني ثم طيباريوس ثم الإمبراطور موريس «موريقوس» وقد ضعف أمر الدولة، فأراد هذا الإمبراطور أن يقويها بفتح الشرق فناصب الفرس وحاربهم سبع سنين، وقد توفي كسرى أنوشروان سنة 579، وخلفه ابنه هرمز الرابع، وكان عاتيا فثار عليه رعاياه، فاشتغل بإخماد ثورتهم، والروم يوغلون في بلاده من العراق، والتركمان يسطون عليها من الشمال والشرق حتى كادت تذهب فريسة الفاتحين لو لم يقيض لها الله قائدا شهيرا يعرف ببهرام فحارب العدوين وأنقذ البلاد منهما، فمال الفرس إليه فأنزلوا هرمز وسملوا عينيه وملكوا عليهم ابنه كسرى أبرويز، فلم يقبل بهرام، وأذله ففر أبرويز إلى القسطنطينية واستنجد الإمبراطور موريس، فأنجده بجيش تغلب به على بهرام واستعاد الملك، فعرف أبرويز ذلك الفضل لموريس وما زال على ولاء الروم إلى وفاة موريس.
أما هذا الأخير فقد مات مقتولا سنة 602م وخلفه الإمبراطور فوقاس، وكان فوقاس جلفا جاهلا فأبغضته الرعية والتمسوا من ينقذهم منه، وكان من جملة ولاة الأمور يومئذ وال على إفريقية اسمه هراكليوس «هرقل» فاستنجده أهل القسطنطينية، فأنفذ إليهم عمارة بحرية تحمل جيشا يقوده ابنه، وكان يسمى هرقل أيضا، فقتل فوقاس وتربع في دست الإمبراطورية مكانه سنة 610 وفي أيامه ظهر الإسلام. (3) بين الروم والفرس
ورأى أبرويز بابا لمناوأة الروم فادعى أنه يريد الانتقام من قتلة صديقه موريس فزحف بجنده على سوريا سنة 614م وناصره يهودها على البيزنطيين ففتحها وفتح مصر واستولى على أنطاكية ودمشق وبيت المقدس ومدن أخرى من سوريا وفلسطين، ثم أباح لجنده نهب أورشليم «بيت المقدس» فنهبوها وأحرقوا القبر المقدس وكنيسة القيامة وسلبوا خزائنها وحملوا بطريركها والصليب الحقيقي إلى بلادهم، وواصلوا القتل والنهب في سوريا سنة 616م فكان عدد الذين قتلوا من المسيحيين 90000 نفس، وأرسلوا جندا آخر إلى آسيا الصغرى ففتحوها وكان النصر حليفهم حيثما حلوا حتى كادوا يطأون شواطئ البوسفور.
كل ذلك والإمبراطور هرقل معتزل في قصره وقد انغمس في اللهو والقصف والترف لا يبالي بما يهدد مملكته، وكأنه لما تحقق وقوع الخطر نفض غبار الخمول عن عاتقه وخرج للدفاع، ولم يكن عنده مال ينفقه في التجنيد فاقترض أموال الكنائس على أن يعيدها بعد الحرب مع رباها، وحشد جنده وركب البحر إلى كليكيا في آسيا الصغرى واحتل إيسوس فلقيه الفرس هناك فحاربهم وغلبهم سنة 622م، وفي هذه السنة هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة.
هرقل ملك الروم وحاشيته.
قضى هرقل في محاربة الفرس ثلاث سنين متوالية حتى أوغل في بلادهم واضطر أبرويز أن يسحب جنده للدفاع عن قلب مملكته.
أما هرقل فإنه حاربه مرة أخرى سنة 627م فأجهز على قواته وانكسر الفرس انكسارا عظيما، وبلغت جنود الروم نينوى عاصمة الأشوريين القديمة وهي أول مرة وطئ الروم فيها تلك المدينة، وكان أبرويز قد أصبح شيخا طاعنا في السن فأوصى بالملك لابنه مردز، وكان له ابن آخر اسمه شيروبه حسد أخاه وعمد إلى الكيد له ولأبيه، فاستعان ببعض الناس حتى قبض على من بقي من أولاد أبرويز وهم ثمانية عشر ولدا فقتلهم جميعا بين يدي أبيه وزج أباه في السجن حتى مات.
وبموت كسرى أبرويز انقضى مجد الدولة الساسانية ولم يعش ابنه شيرويه بعده إلا ثمانية أشهر فأصبحت حكومة الفرس فوضى، وادعى الملك تسعة ملوك في أربع سنوات، فساد الفساد وتمكن الاختلال فيها فجاءها المسلمون وهي في تلك الحال.
Bog aan la aqoon