Taariikhdii Ilbaxnimada Islaamka (Qeybta Koowaad)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Noocyada
أما البردة فهي بردة النبي، وما زال النبي يلبسها حتى أعطاها إلى كعب بن زهير بن أبي سلمى الشاعر المشهور، وكان كعب قد هجا النبي وفر من وجه المسلمين، فلما فتح المسلمون مكة كتب له أخوه بجير بن زهير: «أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش قد هربوا في كل وجه، فإن كانت في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا»، فلم ير كعب مفرجا إلا رجوعه وتوبته، فجاء المدينة وسلم نفسه إلى النبي ومدحه بقصيدته المشهورة التي مطلعها: «بانت سعاد فقلبي اليوم متبول».
فأكرمه النبي، وأراد بعض الصحابة قتله فمنعهم، وبالغ في إكرامه فخلع عليه بردته، فظلت البردة عند أهل كعب حتى اشتراها منهم معاوية بن أبي سفيان في أثناء خلافته بأربعين ألف درهم «1600 جنيه» وتوارثها الخلفاء الأمويون والعباسيون، وذكر أبو الفداء أنها انتقلت من العباسيين إلى التتر، لكنها الآن في جملة المخلفات النبوية في السراي القديمة في الأستانة، ولعل أبا الفداء وهم بما علمه من غزو التتر بغداد وفرار العباسيين إلى مصر، فظن البردة كانت في جملة ما انتهبوه من قصر الخليفة، والظاهر أن العباسييون حملوا البردة معهم إلى مصر فأخذها السلطان سليم مع الخلافة. (2) الخاتم
وأما الخاتم فقد اتخذه الخلفاء تشبها بالنبي، لأنه لما أراد أن يكتب إلى قيصر وكسرى يدعوهما إلى الإسلام قيل له إن العجم لا يقبلون كتابا إلا أن يكون مختوما . فاتخذ خاتما من فضة ونقش عليه «محمد رسول الله»، وانتقل هذا الخاتم إلى أبي بكر، ثم إلى عمر، ثم إلى عثمان، ووقع من يد عثمان في بئر أريس ولم يعثروا عليه بعد ذلك، فاصطنع عثمان خاتما مثله، وكان كل من ولي الخلافة بعده يصطنع له خاتما يختمون به الكتب في أسفل الكتابة وفي أعلاها بالطين أو المداد، ثم صاروا يختمون به الرسائل بالشمع بعد طيها، وأول من فعل ذلك معاوية، تجنبا للتزوير، لأنه كتب مرة إلى زياد بن أبيه عامله بالكوفة أن يدفع لعمر بن الزبير مائة ألف درهم وسلم الكتاب إلى عمر ليحمله إلى زياد، فجعل عمر المائة مائتين فدفعهما زياد له، ولما رفع حسابه إلى معاوية بان التزوير، فأمر من ذلك الحين بحزم الكتب وختمها على طرفيها بعد طيها أو لفها.
وذكر البلاذري أن زيادا أول من اتخذ من العرب ديوان زمام وخاتم في أثناء ولاية العراق، امتثالا لما كانت الفرس تفعله، وإنه كان لملوك الفرس قبل الإسلام عدة خواتم يستخدم كل منها لغرض: خاتم للسر، وخاتم للرسل، وخاتم للسجلات والإقطاعات، وخاتم للخراج، وكان الذي يتولاها يسمى صاحب الزمام.
وما زال ديوان الخاتم معدودا من الدواوين الكبرى من أيام معاوية إلى أواسط دولة بني العباس فأسقط، لأن مباشرة الأعمال تحولت إلى الأمراء والوزراء والسلاطين وغيرهم، ولما أراد الرشيد أن يستوزر جعفر بن يحيى بدل الفضل أخيه قال لأبيهما يحيى: «يا أبت إني أردت أن أحول الخاتم من يميني إلى شمالي» فكني بالخاتم عن الوزارة.
وكان لخاتم الخلفاء عندهم مقام عظيم، إذا تناوله الوزير أو غيره ليختم به كتابا وقف على رجليه تعظيما للخلافة، وكانوا إذا ختموا كتابا دافوا الطين أو المداد وطبعوه على صفح القرطاس أو على جسم لين كالشمع حتى ترتسم صورة الختم عليه، وقد يكون ذلك في آخر الكتاب أو في أوله بكلمات منتظمة من تحميد أو تسبيح أو اسم الخليفة أو شيء يعنونه، ويكون ذلك إشارة إلى صحة ذلك الكتاب ويكون الكتاب بدونه ملغيا، ويسمون الختم أيضا علامة.
Bog aan la aqoon