99

الجزيل، الشيخ غرس الدين خليل، عرف بابن الفقيه، تخرج به وبرع وقرأ القرآن فأفر-، وجمع ثم لزم العزلة وجعل اجتهاده لله.

وأما الرؤساء وأهل السيادة من الصفديين:

فمنهم الأمير حسام الدين حسن بن المنتخب اسباسلار، كان من العلماء الأكابر، والفضلاء الأماثل له مصنفات جليلة، وقصائد بديعية، وعارض الحريري في المقامات، فعمل خمسين مقامة على منوالها وربما فضلت عليها لمحاسن وقف عليها وقال، أولها:

شعر:

لإن حكت ألفاظا وأصبحت ناسخا

برود يمان فالحريري أفخر

ومن أصحابه المتأدبين بآدابه ابن أخيه ناصر الدين اسباسلار، صاحب المهابة والأنوار، أحد الفضلاء، وقدوة العقلاء، وشرف البلغاء، ورئيس الرؤساء اجتمعت فيه صفات جليلة، ومناقب جميلة، أدركته وصحبته، فما فارقني ولا فارقته، وكان لا يجتمع بأحد، ولا يخرج من القلعة إلا في ثاني يوم العيد، فأجلس في خدمته على سفح القلعة مع جماعة من مشايخها ورتوتها 32 ننظر الناس من بعيد، ونتذاكر ما ينفع ويفيد ، فلما كبر سنه، وضعف عن الحركة أتيناه في بعض الأعياد على العادة، وسألناه التشريف للإفادة، فقال: اعذروني وأنا أحكي لكم حكاية لطيفة نافعة ظريفة، فقلنا: احكي فبكى، ثم حكى قال: كنا نصحب شيخنا بدمشق من السادات الأكابر يقال له الشيخ كمال الدين بن الأعمى، وله عادة يخرج معنا إلى وادي الغياض بدمشق في أيام الزهر، فأتيناه في بعض السنين فسألناه في اجرائنا على ما اعتدنا فقال:

قد فتح بأبيات، فاسمعوها مني، واقبلوا عذري وانصرفوا عني فقلنا:

قل وتفضل بإفادتك على جاري عادتك فأنشأ يقول:

شعر:

Bogga 211