97

الفضل، فزوجته بابنة أخي، وصار من أعز الأهل زاده الله منة، وجمعني الله وإياه في الجنة.

ومنهم ولده وتلميذه، الشيخ الصالح، الزاهد العابد، الورع الدين، الذكي المدقق شمس الدين بن محمد سعيد الحوراني الصفدي، كان يحضر عندي صغيرا، فأفترس فيه الخير، فأوصيت عليه أخي علاء الدين فأحبه وأكرمه، ولزم بابه ليلا ونهارا على مصطبة بدهليزه وثوقا بدينه ونزاهته، فتفقه وعلم ، ثم مات الأخ علاء الدين (رحمه الله تعالى)، فلزمني ليلا ونهارا، وجد في الطلب حتى صار من العلماء، وأعانه على ذلك ذكاءه، وحفظ كتبا كثيرة، كان يسردها من غير كتاب، ثم برع وفاق حتى صار يبدي غرائب في الفقه، فتوجد منصوصا عليها، فكان يفتي معي، ويعينني على التصنيف، وكان كثير النفع للخلق، شديد الاعتناء بطلب العلم، كثير التلاوة للقرآن، ثم مات وهو شاب صغير السن، فلو عمر لاحتاج إليه أكابر العلماء، فكانت له الجنازة العظيمة التي لم ير مثلها بصفد، ورأى إنسانا طيورا خضراء ترفرف على نعشه، فغشي على الرجل وحمل، ثم أخبر بذلك الأمر الغريب، ثم مات عن قريب.

وممن توطن صفد وأقام شيخ الإسلام وبقية السلف الكرام، ومن قصدت أن أختم بذكره الكلام على المشاهير من العلماء الكرام، شيخنا وبركتنا، الشيخ زين الدين عمر بن هدبة بن يونس الصالحي، المقرىء شيخ الصفدية وبركتها وإمامها وقدوتها، تفرد بعلم الكتاب والسنة، وقطع عمره في الأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة، فأتقن القراءات السبعة، والعشرة بهمة علية، وبرع في علم التفسير، والعربية، وأتقن علم الحديث الشريف حتى احتيج إليه في الأمصار الكبيرة، ولكنه رأى قلبه اجتمع عليه في هذه البلدة الصغيرة، فنفع الخلق بعلمه الباهر وألحق الأصاغر بالأكابر، فإنه قرأ عليه الآباء والأبناء، ووصل إلى قريب التسعين، وعليه النور والبهاء، وقوته وسمعه وبصره لم يتغير شيء منها،

Bogga 209