الأشهب، فكانا يحملان عنه أكثر أمره، من لقاء السلطان وغيره، وأقبل هو على الحديث والعلم. وكان شديدا على أهل البدع يرى استنابتهم، حتى ذكر أنهم تحاموا ببغداد في أيامه، وخرج داوود بن علي من بغداد إلى البصرة لإحداثه منع القياس. وحبس أبا زيد إذ أنكر عليه بعض ما حدث به. وقد تقدم صدر هذا الكتاب أنه كان يقول: من لم تكن له فراسة، لم يكن له أن يلي القضاء. وقيل له: لا تؤلف كتابا في أدب القضاء؟ فقال: اعدل ومد رجليك في مجلس القضاء {وهل للقاضي أدب غير الإسلام؟ قال أبو طالب المكي، وقد ذكره: كان إسماعيل من علماء الدنيا، وسادة القضاة، وعقلائهم. وكان مؤاخيا لأبي الحسن بن أبي الورد أحد علماء الباطن. فلما ولي إسماعيل القضاء، هجره ابن أبي الورد. ثم اضطر أن دخل عليه في شهادة؛ فضرب بيده كتف إسماعيل، وقال: إن علما أجلسك هذا المجلس، لقد كان الجهل خيرا منه} فوضع إسماعيل رداءه على وجهه، وبكى حتى بله. ولما كانت محنة غلام الخليل، ومطالبة الصوفية ببغداد، ونسبتهم إلى الزندقة، وأمر الخليفة بالقبض عليهم، وكان فيمن قبض عليه شيخهم إذ ذاك أبو الحسن النووي، فلما دخلوا على الخليفة، أمر بضرب أعناقهم؛ فتقدم النووي مبتدئا إلى السياف ليضرب عنقه. فقال له: ما دعاك إلى هذا دون أصحابك؟ قال آثرت حياتهم على حياتي بهذه اللحظة {فرفع الأمر إلى الخليفة؛ فرد أمرهم إلى قاضي القضاة إسماعيل. فقدم إليه النووي وسأله عن مسائل من العبادات. فأجابه؛ ثم قال له: وبعد هذا، لله عباد يسمعون بالله، وينطقون بالله، ويصدرون بالله، ويردون بالله، ويأكلون بالله، ويلبسون بالله} فلما سمع إسماعيل مقالته، بكى. ثم دخل على الخليفة؛ فقال: إن كان هؤلاء القوم زنادقة، فليس في الأرض موحدون! فأمر بإطلاقهم. ولإسماعيل جملة تواليف في فنون العلم. وحكى أنه توفي فجأة، وقت صلاة العشاء الآخر لثمان بقين في ذي الحجة سنة 383، وهو قاض. وحكى الكاتب ابن أزهر: ارتفع المطر. فخرج إسماعيل إلى المصلى؛ فصلى ركعتين بسبح " وهل أتاك "
Bogga 35