له أن يلي القضاء. وقال ابن المواز: لا ينبغي أن يستقضى إلا ذكى، فطن، فهم، فقيه، متأن، غير عجول، وذكر أن عمر بن عبد العزيز قال: لا يصلح للقضاء إلا القوي على أمر الناس، المستخف بسخطهم وملامتهم في حق الله، العالم بأنه، مهما اقترب من سخط الناس وملامتهم في الحق والعدل والقصد، استفاد بذلك ثمنا ربيحا من رضوان الله {.
فصل
قال عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام: وقد أجمع المسلمون على أن الولاة أفضل من غيرهم. وتفصيل ذلك أن الولاية تشتمل على غرض شرعي، وغرض طبعي؛ فنهى عنها من يغلبه طبعه وهواه، وأمر بها من يكون قاهرا لطبعه، غالبا لهواه. فلا يتولاها من لا يملك هواه إلا أن يتعين لها؛ فيجب عليه أن يتولاها، وأن يجاهد نفسه في دفع هواه ما استطاع. ومما يشير إلى الترغيب في الحكم لمن قدر على العدل فيه، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم} " إن المقسطين عند الله يوم القيامة، على منابر من نور عن يمين الرحمن. وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوه. " وقوله " عن يمين الرحمن " معناه في الحالة الحسنة والمنزلة الرفيعة؛ والعرب تنسب الفعل المحمود والإحسان إلى اليمين، وضده إلى الشمال أي المنزلة الخسيسة؛ وأما الأقساط، فهو العدل؛ يقال: أقسط إذا عدل. قال الله تعالى: " وأقسطوا إن الله يحب المقسطين {" وفي كتاب أبي حبيب، عن ابن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم} قال: " ما من أحد أقرب مجلسا من الله يوم القيامة، بعد ملك مصطفى، أو نبي مرسل، من إمام عدل {" وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم} قال: " إن الله مع القاضي، ما لم يحف عمدا. " وفي الصحيح: إذا حكم الحاكم، ثم اجتهد فأصاب، فله أجران؛ وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ، فله أجر واحد. قال أهل العلم: والمراد هنا بالحاكم، البصير بالحكومة، المتحري العدل. وقد استدل بهذا الحديث من يرى أن كل مجتهد مصيب، لأنه صلى الله عليه وسلم! جعل له أجرا. واحتج به أيضا أصحاب القول
Bogga 3