Taariikhda Burcad-badeedda Adduunka
تاريخ القرصنة في العالم
Noocyada
وفي النهاية وصل الفرنسيون إلى استنتاج، مفاده أن الأجدى لهم أن يفتدوا أنفسهم من هذا الحليف بثمن باهظ، بدلا من تعريض أراضيهم لتهديدات النهب المستمر، ومن ثم فقد دفعوا لبارباروسا المبلغ المطلوب. وطبقا للاتفاق، فقد غادر بارباروسا فرنسا، ولكنه أغار في طريقه على جزر إلبا، وإيسيكيا، وبروتشيدا، وكذلك جزر ليباري. بوصول سفن القراصنة إلى مكانه المحدد كانت قد امتلأت عن آخرها بالغنائم، علاوة على سبعة آلاف أسير، ناهيك عن أن بارباروسا كان قد أطلق سراح أربعمائة أسير مسلم في فرنسا لم يدفع عنهم فدية.
كانت من نتائج التحالف الذي عقد في الحملة التالية (1536-1537م) أن وقفت تركيا إلى جانب فرنسا ضد الإمبراطور، فاستولى الأسطول التركي تحت رئاسة خير الدين على بينزرت في تونس، وأصبح يشكل تهديدا لنابولي، وكان قد دمر عددا من الجزر في البحرين الأيوني وإيجه، حيث كانت السيادة فيهما لفينيسيا حليفة الإمبراطور.
في عام 1537م التقى من جديد الندان اللدودان أندريا دوريا وخير الدين وجها لوجه، بالقرب من ميناء ميسينا الإيطالي، وإذا بالأول يتمكن من الاستيلاء على اثنتي عشرة سفينة من سفن أعدائه الأتراك، وانتقاما من هزيمتهم قام القراصنة بنهب سواحل إقليم أبوليا (بوجليا) الواقع جنوبي إيطاليا، ثم واصلوا هجومهم على جزر كورفو الخاضعة آنذاك لفينيسيا.
بعد انقضاء عام على تلك المعركة، علم بارباروسا أن أندريا دوريا يجمع أسطولا جبارا في خليج ليون جنوبي فرنسا، عاقدا عزمه على توجيه ضربة قاضية للقراصنة. في هذه المرة كان على القرصان بارباروسا أن يدخل في معركة ضد قوى العالم المسيحي مجتمعة.
بلغ جملة ما أعده أندريا دوريا - ابن مدينة جنوة - من قوات مسلحة مائتي سفينة، من بينها ثمانون سفينة من فينيسيا، ست وثلاثون أرسلهم البابا، ثلاثون سفينة إسبانية، علاوة على ستين ألف رجل، وألفين وخمسمائة مدفع، إلا أن قوات القراصنة كانت ضعف هذه القوة التي نقلت قاعدتها بأمر من بارباروسا الثاني إلى منطقة البحر الأيوني. في الخامس والعشرين من سبتمبر عام 1538م، كان أقوى أسطولين في ذلك الزمان يقفان في مواجهة كل منهما الآخر في خليج بريفيز. في اليوم التالي كانت الرياح تؤازر الأسطول التركي، وها هي المعركة تبدأ لتنتهي بهزيمة ساحقة لقوات الدول المسيحية.
ثلاث سنوات كاملة مرت بعدها حتى تمكنت الدول المسيحية من أن تبرأ من آثار الهزيمة الثقيلة، وتقرر الأخذ بالثأر، مرة أخرى تولي القيادة العليا للأساطيل المتحالفة ثقتها لدوريا في تولي قيادة السفن التي كنت تمثل كل الدول المسيحية تقريبا آنذاك، وكان من بين المشاركين في الأسطول الإسباني كورتيس الذي غزا فيما بعد بيرو.
اتخذ هذا الأسطول الذي بلغ قوامه ما يزيد عن خمسمائة سفينة مواقعه في التاسع عشر من أكتوبر عام 1541م. على مشارف ميناء الجزائر، كان الإمبراطور كارل الخامس يقف بنفسه على ظهر سفينة القيادة، بينما كان دوق إلبا يتولى عدة آلاف من المشاة، على أن النصر في هذه المرة أيضا كان حليفا للقراصنة. لقد منيت الأرمادا المسيحية الجبارة بهزيمة جديدة لم تستطع الدول المسيحية أن تجمع شتات قوتها من بعدها على مدى نصف قرن تقريبا.
على الفور استعاد القراصنة البربر وكرهم القديم في جربة، حيث شيدوا من عظام القتلى المسيحيين الذين دافعوا عن الجزيرة، هرما هائلا أسموه «برج الجماجم»، ظل قائما لمدة ثلاثمائة عام، حتى أمر بإزالته في عام 1848م فقط القنصل الفرنسي.
في الثاني والعشرين من أغسطس عام 1543م استولت القوات الفرنسية على نيس بفضل المساعدة التي قدمها لهم الأسطول التركي بقيادة خير الدين بارباروسا، الذي أعطاه الفرنسيون في مقابلها ميناء طولون. وفي التاسع عشر من يونيو عام 1547م عقد السلطان سليمان - سعيا منه في مزيد من حرية الحركة في فارس - اتفاقية هدنة لمدة خمس سنوات مع أسرة هابسبورج، كان من نتيجتها أن حل السلام النسبي بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
بعد أن حقق خير الدين مجدا كبيرا، وثروة لا تعد ولا تحصى قرر - وقد بلغ من العمر أرذله - أن يركن إلى حياة هادئة. على أنه أدرك أن ميناء الجزائر معقل القراصنة البربر الأساسية وقاعدتهم ليست هي المكان الأمثل لهدفه هذا، ومن ثم فقد توجه إلى القسطنطينية، حيث قضى ما تبقى له من العمر بصفته باشا الجزائر، وأقرب المقربين من سليمان الأكبر، وقد وافته المنية في الرابع من يوليو 1547م، بقصره المطل على مضيق البوسفور. لم يستمتع بارباروسا الثاني المتكبر بالمجد، سوى إبان حياته، وكان يتمنى لو أن أحفاده احتفظوا بذكراه إلى الأبد. شيد خير الدين مسجدا رائعا وضريحا تذكاريا دفن فيه بناء على رغبته.
Bog aan la aqoon