وَبِالْجُمْلَةِ فانه مَا كَانَ إِلَّا شيخ أهل هَذِه الطَّرِيق حَالا وعلمًا وأمام أَرْبَابهَا حَقِيقَة ورسمًا ومحيي رسوم المعارف فعلا واسمًا عباب لَا تكدره الدلاء وسحاب تتقاصر عَنهُ الأنواء وَلَقَد رَأَيْت من أَقْوَاله وَسمعت من أخلاقه وأحواله مَا لَا تسعه عبارَة وَلَا يهتدى إِلَيْهِ بِإِشَارَة نفعنا الله ببركاته وأمدنا فِي الدَّاريْنِ بإمداداته آمين
وَمَا ذكرته من أَحْوَاله ومقاماته دون مَا تركته بِكَثِير وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي يَوْم الْأَحَد عِنْد غرُوب الشَّمْس سَابِع عشر محرم الْحَرَام سنة ثَلَاثَة عشر بعد الْألف بالمخا وَدفن فِي بَيته ولي فِيهِ مرثية مطْلعهَا ... أَيهَا الغافل الغبي تنبه ... إِن بِالنَّوْمِ يقظة النَّاس اشبه ...
وَمِنْهَا ... يَا خليلي فرقة الْخلّ وَالله على ... الانفس الْكَرِيمَة صعبة
سِيمَا خلك الخصيص الَّذِي لم ... تزل تتمنى للقاه وقربه
الحبيب الَّذِي حوى كل وصف ... حِين يملي يملي الْقُلُوب محبه
ذَاك وَالله حَاتِم خير خل ... قطّ مَا ذمّ صَاحب مِنْهُ صَحبه
عَارِف الْوَقْت من رفاقي الْمَعَالِي ... اوجها وسما لأرفع رتبه
من جَمِيع الْعُلُوم حَاز فنونًا ... قد ورثهَا من النَّبِي وَحزبه
حاتمي الْعَصْر فِي المعارف فَرد ... شاذلي الزَّمَان علما وَنسبه
خصّه الله مِنْهُ بِعلم لدين ... وحباه مِنْهُ بوصل وقربه ...
وَمِنْهَا ... قد قضى حَاتِم حميد فَمَا لي ... بعده فِي الْحَيَاة والعيش رغبه
صَاحِبي من قريب عشْرين عَاما ... كل يَوْم يزْدَاد مني حبه
بَكت الأَرْض وَالسَّمَاء عَلَيْهِ ... وعلوم ابْن عَرَبِيّ وَكتبه
الفتوحات والفصوص البهية
حل مِنْهَا مَا كَانَ غامض وَنبهَ
بكاه الْيمن الأنيس ومصر ... وَجَمِيع الْبِلَاد شرقه وغربه
يَا رعى الله عصرًا وبقاعًا ... قد تباهت بِهِ وفازت بتربه ...
ولي فِيهِ مرثية أُخْرَى وَعدد أبياتها خَمْسَة وَسَبْعُونَ بَيْتا وَهِي فِي غَايَة اللطافة لَو قَرَأت على الصخور لَا نصدعت من الرقة والسلاسة مِنْهَا ... فشح باللقاء وحرمته ... واعجباه لي من بخل حَاتِم ...