Taariikhda Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Noocyada
أظهر نابوليون نفسه في مداولاته مع ملك سردينيا ومع البابا والإمبراطور، أنه مستشاط بتلك الروح المستميلة المتساهلة، التي تميز الرجال الذين هم فوق مطاليب الأحزاب وشهواتها، إلا أن سعيه في تقديم الجمهورية الفرنسية لملوك أوروبا كعدوة كريمة لا تخالجها الأحقاد العمياء ولا تحمل في مبادئها وآرائها نوعا من أنواع التهديد للحكومات الأجنبية، كان بنوع خاص في المداولات التي دعت إلى معاهدة كامبو-فورميو.
كانت العظمة الحقيقية التي روضها هذا الرجل في أن مجلس الشعب، الذي كان نابوليون ينكر عليه سلطته المطلقة ويتعدى على مقاماته، لم يكن ليجرؤ أن يحاسبه على احتقاره وجسارته، بل إنه وجه إليه، بنوع التعظيم، وبلسان رئيسه، هذا المديح الفخم، قال باراس مجيبا القائد: «إن الطبيعة التي تضن بعجائبها لا تعطي الأرض رجالا عظماء إلا في الندر، إلا أنه من واجبها أن ترغب في إظهار فجر الحرية على يد إحدى أعاجيبها، ومن حق ثورة الشعب الفرنسي العظمى، تلك الثورة الجديدة في تاريخ الشعوب، أن تظهر نابغة جديدا في تاريخ الرجال العظماء.»
هذا التمليق الذي نزل به عند رغبة الشعب، إنما هو أكبر دلالة للمقام السامي الذي كسبه نابوليون، ومن الواضح أن رئيس الجمهورية قد اعتقد نفسه مضطرا أن يخاطب قائدا بسيطا هو تحت سلطته، كما خاطبه فيما بعد، وفي المكان نفسه، رئيس مشيخته، أو الخادم الأول من بين خدمه.
أما الباريسيون فقد تظاهروا بالنسيان؛ إذ كان قاهر أركول قد محا رامي قنابل فنديميير، وكان نابوليون موضوع احتفاء الجماهير حيثما ظهر، ففي المسارح، عندما كان الحضور يشعرون بوجوده، كانوا يطلبونه بأصوات مرتفعة، حتى أصبحت هذه الدلائل تزعجه جدا، فقال ذات مرة: «لو كنت عارفا أن «اللوجات» مكشوفة لما حضرت»، رغب ذات يوم في حضور مغناة مضحكة كانت موضوع إقبال الشعب، فطلب إعادتها بهذه العبارة الوضيعة: «إذا كان لا يستحيل ذلك»، فأجابه مدير الجوقة أنه ما من مستحيل على قاهر إيطاليا الذي حذف هذه الكلمة من القاموس منذ عهد بعيد، إلا أن نابوليون، بالرغم من تهافت الشعب إليه، لم يكن ليدع للبخور المرتفع إليه سبيلا لإسكاره، فكان يخشى انقلابا فجائيا يفقده تذكار خدمه القديمة ويفتر حماسة المعجبين به، وكان كثيرا ما يقول: «إن الخلق في باريس لا يحفظون تذكار شيء، فإذا ما بقيت زمنا بدون عمل لا ألبث أن أنسى وأضيع، وتأتي شهرة أخرى فتحل محل شهرتي، فبابل هذه لا تبقي شهرة منسية من غير خلف لها»، ثم يردد كلمة كرومويل عندما يبينون له كم أن وجوده يهيج حماسة الشعب فيقول: «إن الشعب ليتهافت حولي بمثل هذا التهافت فيما لو أخذت إلى المشنقة»، ولقد رفض حضور حفلة أقامتها له إدارة «الأوبرا»، وعزم ألا يحضر مشهدا من المشاهد إلا في «لوج» مشبك بالأخشاب.
في ذلك العهد بدأت تنشأ التعصبات ضده، وذات يوم أرسلت إليه إحدى النساء تعلمه أنهم يحاولون دس السم له، فأوقف الرجل الذي جاءه بهذا الإنذار واقتيد مصحوبا بقاضي الصلح إلى منزل المرأة التي أرسلته، إلا أنه عندما أدخل المنزل كانت المرأة المسكينة مضرجة بدمها، ذلك أن القتلة، عندما تناهى إليهم أنها كشفت سرهم المشئوم، عمدوا إلى التملص من شهادتها بجريمة أخرى.
عندما تنحى بونابرت عن مجلس الشعب أراد أن يوطد له مكانا في مجلس العلماء، بالرغم من أنه كان بحاجة إلى غير المهمات العلمية والأدبية، فقبل مكان كارنو الذي كان 18 فروكتيدور قد لحقه، وانخرط في سلك العلوم والفنون. نعطي الآن الرسالة القيمة التي أرسلها إلى الرئيس كاموس:
أيها الرئيس المواطن
إن رضا الرجال الممتازين الذين يؤلفون المجلس ليشرفني.
وإنني أشعر بأن سأكون تلميذهم قبل أن أكون ندهم.
لو كان لدي عبارة أبلغ من هذه أعبر بها عن احترامي الفائق لذواتكم لما ترددت عن استعمالها.
Bog aan la aqoon