Taariikhda Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Noocyada
بينما كان سول يطارد بقايا الجيش الإسباني في الأندلس فيحاصر المراكز ويستولي عليها، كان ماسينا، الذي جاء إلى إسبانيا تحف به أكاليل المجد التي ربحها في أسلنغ، يغزو البورتغال ويزحف إلى ليسبون، إلا أنه كان متكلا على مساعدة جيش الأندلس. سوى أن هذه المساعدة لم تحقق أمانيه لأن سول، الذي أوقفه الجيش الإنكلوإسباني للجزيرة وجبل طارق، ذلك الجيش الذي كان يغزو الأندلس والمقاطعات الشرقية لم يستطع أن يجرد فرقة واحدة من جيشه ليتبعها بجيش البورتغال، فبقي ماسينا متنحيا لا يقدر أن يقاوم ويللنكتون حتى اضطر أن يعود إلى إسبانيا، كان تقهقر ماسينا فظيعا؛ فإن ويللنكتون أخذ يطارد الجيش الفرنسي في الأراضي الإسبانية حتى تمكن من الاستيلاء على أوليفنزا ومحاصرة باداجوز. عند هذا انتعشت آمال التمرد وقويت عزائم أعداء الفرنسيين لدى ظهور ويللنكتون، إلا أن سول أسرع فهاجم برسفورد في البويرا مهاجمة شديدة، واتجه إلى أقدام الجبال ينتظر المدد لينقذ باداجوز، ولكن حركات بلاك وبللستيروس أرجعته إلى سيفيل.
أما ويللنكتون، فلما انعتق من مراقبة سول، حاصر باداجوز واستولى عليها في السادس من شهر نيسان سنة 1812، فأسرع سول لدن علم بذلك لينقذها ولكنه لم يصل إلا في اليوم التالي للاستيلاء، ورفض المنتصر الحرب التي عرضها عليه القائد الفرنسي؛ لأنه لم يكن يريد أن يعرض نفسه لخسارة فتحه الحديث.
عاد سول إلى سيفيل حيث انصرف إلى تسكين الأندلس، إلا أن الإنكلوإسبانيين بقوا متابعين فوزهم؛ فإنهم زحفوا من الاستريمادور إلى المانش فقاتلوا جيش الوسط، واحتلوا مدريد، وأرغموا الملك جوزيف أن ينتقل إلى بلنسيا حيث يصبح تحت حماية سوشه. منذ ذلك الحين أصبح احتلال الأندلس مستحيلا فتقهقر المرشال سول نحو غرناطة ومورسي، ثم انضم إلى جيش الوسط ليأخذ مرة أخرى طريق مدريد ويعد العدة للاستيلاء على هذه العاصمة.
كان إسكندر روسيا قد انقطع منذ زمن طويل عن اعتبار صداقة نابوليون كفضل من فضل الآلهة، ولم يبق في روح هذا القيصر من ذكريات أرفورث إلا المقت والموجدة اللذان تلدهما في غالب الأحيان عاطفة منطفئة أو أمل مخدوع؛ فبالرغم من أن أوروبا البرية كانت تبدو لعينيه قوية قادرة على مواصلة الحرب التي شهرتها المبادئ على الثورة الفرنسية الممثلة في شخص نابوليون، لم يجد رادعا يردعه عن الإصغاء إلى تحريض الوزارة الإنكليزية له للوقوف في وجه فرنسا. منذ ذلك الحين أصبح الشعب الروسي إنكليزيا في قلب روسيا؛ لأن فرنسا كانت رفضت بفم نابوليون أن تضعف وتلاشي بولونيا، وتسمح للأطماع الروسية باجتياز الدانوب وتمهيد مركز لها على أبواب القسطنطينية. هذا من جهة، وأما من جهة أخرى؛ فإن اختيار نابوليون زوجة له من الأسرة النمسوية، إنما كان من أشد العوامل التي دفعت إمبراطور روسيا إلى الانسحاب من سياسة نابوليون.
إلا أن نابوليون، الذي كان يرغب دائما في أن يلقي على أخصامه مسئولية الحروب، لم يشأ أن يدخل إلى المعمعة ضد صديقه في أرفورث، من غير أن يسعى في بادئ الأمر لإيجاد طريقة للصلح تتوقف عليها راحة أوروبا وطمأنينتها، فكتب إلى إسكندر روسيا يقول: «إن هذا العمل إنما هو تكرار ما رأيته في روسيا سنة 1806 وفي فيينا سنة 1809. أما من جهتي فسأبقى صديق جلالتك ولو اضطر الشؤم الذي يستولي على أوروبا أن يضع السلاح في أيدي شعبينا. إنني لن أهاجم في الأول ولن تزحف كتائبي إلا بعد أن تمزق جلالتك معاهدة تلسيت.»
إن هذه اللهجة الملطفة خيلت للإمبراطور إسكندر أن نابوليون يخشى شقاقا علنيا، وأنه ليس مستعدا للحرب؛ والذي زاده رسوخا في ظنه هذا هو التعليمات التي كان يتلقاها رومانزوف من باريس، والتي تمثل إمبراطور الفرنسيين مستعدا للقيام بتضحيات كبيرة ليتجنب معركة جديدة في البر. قال المداول الروسي السيد ده رومانزوف: «كانت الفرصة سانحة، وكان من الواجب أن نستفيد منها.»
قبل أن يغادر نابوليون باريس ويعلن لفرنسا أن القسم الذي أعطي في أرفورث لم يكن إلا لعبة أمراء، وأن إسكندر يضطره إلى إعادة الحرب في شمالي أوروبا، أشار إلى فرق الإمبراطورة الكبيرة أن تتأهب تأهبات مختلفة للقيام بالحملة العظيمة التي يعدها، والحرب البعيدة التي ستدوي عن قرب.
في الثالث والعشرين من شهر كانون الأول سنة 1811 صدر مرسوم يضع تحت تصرف وزير الحربية مائة وعشرين ألف رجل. وفي الثالث عشر من شهر آذار التالي صدر مرسوم جديد بتنظيم الحرس الوطني وتقسيمه إلى ثلاث فرق؛ وفي السادس عشر منه تألف من الفرقة الأولى المحتوية على ستين ألف رجل الجيش الداخلي الذي عهد إليه بالمدافعة عن الحدود.
غادر نابوليون باريس تصحبه الإمبراطورة في التاسع من شهر أيار 1812 فاجتاز متز بسرعة، فمايانس وفرانكفور، ووصل إلى دريسد في السابع عشر منه، فشغل هناك غرف القصر الكبيرة.
كان نابوليون ينهض من فراشه في الساعة التاسعة صباحا، كعادته، فتخف إليه فئة من الأمراء بينهم إمبراطور النمسا وملك بروسيا ووزيرهما مترنيك وهردنبرج الذين كانوا ينتظرون ظهوره مع سائر الندماء.
Bog aan la aqoon