Taariikhda Najad ee Casriga ah
تاريخ نجد الحديث وملحقاته
Noocyada
في جانب آخر، وما فيهما من الذهب والفضة، والسلاح والإبل والأغنام، وكثرة ما يتعاطون من البيع والشراء والأخذ والعطاء. وهو مد البصر لا تسمع فيه إلا كدوي النحل الأصوات، والدكاكين إلى جانبيه الشرقي والغربي وفيها من الثياب والقماش وأنواع الألبسة والسلاح ما لا يوصف.»
عمرت كلمة التوحيد الدرعية، فأضحت في أيام سعود الكبير عاصمة البلاد العربية، وصار الشيخ محمد فيها المرجع الأعلى في العلوم والأحكام، على أنه ظل مع ذلك يعلم يبشر ويؤلف ويراسل ويناقش نشرا لمذهبه ودفاعا عنه. حتى إن أولاده الخمسة حسن وحسين وعلي وعبد الله وإبراهيم كانوا عونا له في التعليم، قال ابن بشر: «قد رأيت لهؤلاء الخمسة مجالس ومحافل للتدريس في بلد الدرعية، وعندهم الطلبة الكثيرون من سائر نواحي نجد ومن أهل صنعاء وزبيد وعمان وغيرها من الأقطار.»
أما التعليم فقد كان مجانا، بل كان للطلبة نفقة جارية من بيت المال، وللأذكياء منهم جوائز فوق ذلك من مال وكسوة. هناك تلألأت أنوار الدين والفقه والحديث، فكانت الدرعية في تلك الأيام مثل رومة في العهد المسيحي الأوسط، وكانت مدارس الشيخ محمد وأولاده مثل المدرسة الكبرى برومة لنشر الإيمان. ولد هذا النجدي الكبير ونشأ في بيت العلم والزهد فأشرب روحه بنيه، وأخذ أحفاده وأبناؤهم العلم عنهم وعنه، فهم لا يزالون حتى اليوم محافظين على هذا الإرث الثمين، إلا أنه ينقصهم شيء من المرونة العقلية والروحية، فلا يغادون عبثا سنة التطور والعمران.
لم يتدخل الشيخ محمد في شئون الملك المدنية، ولكن الأمير محمدا وابنه عبد العزيز كانا يستشيرانه في الأحكام الشرعية، وكانت له الكلمة الأولى في المبايعة على الإمامة.
الجامع الكبير في الرياض.
ظلت الدرعية قطبا للعلم والتعليم إلى يوم دمرها إبراهيم باشا المصري، وبعد أن استوطنها الشيخ شرع يكاتب الرؤساء والمشايخ يحذرهم من الشرك ويدعوهم لدين الله دين التوحيد. وكان آنئذ سليمان آل محمد أمير الحساء، وابن مفلق أمير القطيف، وابن تويني أميرا في البصرة، وابن دواس حاكما مستقلا في الرياض، وكلهم أعداء لمذهب التوحيد. هم الأمراء المعادون. وهناك العلماء السنيون والشيعيون الذين سخروا منه، وافتروا عليه، وشرعوا يتهمونه بكل ما اتهم به الخوارج من قبل. حتى إن بعضهم سعى لدى الحكام في قتله.
أول من ضلله وكفره، سعى إلى العلماء في البصرة والأحساء والحرمين في مقاومته وقتله؛ اثنان من مطاوعة الرياض هما محمد بن سحيم وابنه سليمان، فقالا: إن ابن عبد الوهاب خارجي، بل من أقبح المضللين والكفار، وأشر الخوارج والفجار، ومن جملة من رفض دعوته ورد عليه في بادئ الأمر أخوه سليمان بن عبد الوهاب الذي كان متوليا القضاء في حريملة. ولكنه اهتدى بعدئذ وتاب، فأقر بخطئه، وقال: إن كتابه لم يكتب لوجه الله .
حارب المصلح العلماء أعداءه بالعلم، ولكن الجهلة؛ أي عامة الناس الذين أثارهم العلماء عليه لا يقرءون وقلما يفهمون، فلا يميزون بين الزيارة والعبادة مثلا، وبين الإكرام والتوسل. قيل لهم إن ابن عبد الوهاب ينكر كرامة الأولياء، وهو لا ينكر غير الدعوة لهم، وقيل إنه يحرم زيارة القبور وهو لم يحرم غير عبادتها والتشفع بها. ولكن العربان لا يقرءون وقلما يفهمون غير لغة العنف والقوة. وقد أحرز المصلح في تحالفه وابن سعود سيفا بتارا، فالذي لا يفهم بالقلم يفهم بالسيف، والذي لا يرتدع بالحسنى يردع بابن عمها.
استل محمد بن سعود الحسام وراح ينهي الأعراب عن أفعال الجاهلية، ويدعوهم لدين الحق الذي هو الإسلام المجرد من الخرافات، ويأمرهم بالعمل بالكتاب والسنة. وكان أتباع ابن عبد الوهاب يدعون أنفسهم بالمسلمين وأعداءهم بالمشركين.
أشهرت الحرب على المشركين في السنة الأولى (1157) من العهد الوهابي السعودي، فكانت الوقعة الأولى في الرياض بين رجال ابن سعود ورجال دهام بن دواس. ودهام هذا عصامي دون فضيلة أخرى له تذكر إلا الثبات. اغتصب الإمارة وهو من خدام القصر واستمر أميرا ثلاثين سنة في زمن الزعازع الدينية والفتن والحروب.
Bog aan la aqoon