Taariikhda Najad ee Casriga ah

Amin Rihani d. 1359 AH
149

Taariikhda Najad ee Casriga ah

تاريخ نجد الحديث وملحقاته

Noocyada

قلت إن العجمان حاصروا الهفوف ثلاثة أشهر؛ أي مدة الصيف. والحقيقة أنهم نزلوا في أماكن تكثر فيها وتتعرج مجاري المياه، فلا يستطيع المهاجمون الوصول إليهم، ولكنهم في آخر ذي القعدة رحلوا منها، فشد إذ ذاك عبد العزيز عليهم.

أمر أخاه محمدا وسالم الصباح وجنودهما أن يبقوا في مراكزهم، وزحف ليلا بفرقة من رجاله ومعهم بضعة مدافع. أسروا ماشين لأن أكثر الإبل كانت قد أرسلت إلى نجد لقلة المرعى في الحساء، فأدركوا العجمان في الصباح، وأطلقوا المدافع عليهم، ثم هموا بالهجوم، فسارع أولئك العربان إلى ركائبهم وفروا هاربين تجاه الكويت، فلم يتمكن رجال ابن سعود، ولا ركائب لديهم، من اللحاق بهم.

عاد عبد العزيز إلى مقره فأمر أخاه وسالما حليفه بمطاردة العجمان. فجمع الاثنان رجالهما ومشوا كلهم طائعين متآلفين، ولكنهم ما لبثوا أن تفرقوا.

أدركوا العجمان - نعم أدركوهم، فكان الانقلاب وكانت الخيانة. اتفق ابن الصباح وأولئك العشائر العاصية، وهجر حليفه ابن سعود.

لله درك يا مبارك! قلت إن أعماله آية في التعرج والغموض؛ نصفها سر ونصفها خداع. فقد أرسل يستنجد ابن سعود على العجمان وقصده أن يزرع العداء بينهما فيتمكن هو من الاستيلاء على الأحساء. هذا هو السر. وقد جاء ابن سعود منجدا فغلبه العجمان، فاستنجد بأبيه مبارك فأرسل إليه سالما وبقية أولاده، العائلة كلها، وهو يقول في نفسه: جاءت الساعة، ستحقق الآمال.

تصادم ابن سعود والعجمان وشارك حلفاؤه المباركون في القتال، ثم انقلب سالم فجأة فصالح العجمان وأعلن حمايته عليهم. هذه هي الخدعة. وكان مبارك قد كتب إلى ابنه عندما علم أنه اشترك في القتال مع ابن سعود يؤنبه ويقول: «أرسلتك مراقبا لا مقاتلا ... إذا غلبهم ابن سعود فنحن معهم يا ولدي، وإذا هم غلبوه فلا تردهم عنه، ولا تساعدهم عليه.» وقع هذا الكتاب بيد العجمان فكتموه. بانت الخدعة ولكن السر ظل سرا.

عندما انقلب ابن الصباح على ابن سعود أرسل محمد بن عبد الرحمن يخبر أخاه عبد العزيز ويستأذنه بالهجوم على العدوين العجمان والمباركين، فأجابه قائلا: «لا تفعل، كيف نكون حلفاء في أول النهار وأعداء في آخره والناس لا يعرفون حقيقة الحال.»

ثم كتب إلى مبارك يشكو إليه خيانة سالم ويقول: «لم أقدم إكراما لك على تأديبه.» فكتب الشيخ المريد يذكره بأن بينه وبين العجمان صداقة قديمة، ثم قال: «طلبت منك أن تسترجع منهوباتي من العجمان ولم أقل لك حاربهم واطردهم من ديارهم.»

قرأ عبد العزيز كتاب مبارك وهو يحتدم غيظا، فهتف مرددا تلك الكلمة التي يأخذها من فاتحة القرآن إذا هو أعلن الحرب: «إياك نعبد وإياك نستعين! صبرنا على مبارك صبرا جميلا، واحتملنا منه شيئا كثيرا، وفادينا من أجله بالمال والرجال، وما نحن والله بصابرين إلى الأبد. إياك نعبد وإياك نستعين!»

شد عبد العزيز الرحال وزحف مسرعا يريد مهاجمة العجمان وابن الصباح، وكان ذلك في محرم 1334 /نوفمبر 1915.

Bog aan la aqoon