Taariikhda Naxwaha Carabiga

Cali Shadawi d. 1450 AH
29

Taariikhda Naxwaha Carabiga

تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية

Noocyada

هو كلام، وأن هذا الكلام ينتمي إلى النحو. هل هو نحو أو كلام؟ هناك ارتباك؛ لأن النديم وراق محترف ومتخصص في تصنيف الكتب يعرف أولا موضوعات الكتب من المفاهيم التي تنتمي إلى العلم، وذلك ما يبدو في العلوم الأخرى المستقرة، وسأشير هنا فقط إلى الكيمياء.

39

ما يبدو لي هو أن بلورة قضايا المبحث الجديد في مفاهيم ما زالت في مرحلة التشوش؛ أي إن مباحث النحو لم تتحدد إلا في مرحلة متأخرة. مثلا ما بدا للقدماء أن كتاب سيبويه كتاب في النحو فقط تصنيف قلق. والأقرب أن يكون كتابه في «علم العربية» وهو المفهوم البديل الذي استخدم بدلا من النحو. تبدو وجاهة هذا المفهوم فيما لو عرفنا أن سيبويه بحث في أصوات العربية (علم الأصوات) وفي بناء الكلمة (علم الصرف) وفي بناء الجملة (علم النحو). وقد ظل هذا المفهوم مستخدما عند المغاربة، بينما ظل مفهوم النحو مستخدما عند المشارقة.

40

والمفارقة هنا هي إذا ما نشأ النحو تحت مفهوم علم العربية، فإن أبا الأسود الدؤلي قد يكون مات قبل أن يعرف أنه نحوي.

يتفق هذا مع طبيعة المفاهيم التي لا تولد فجأة، إنما تتكون في عملية طويلة ومعقدة، وهذا ما أظنه ينطبق على النحو. ويبدو أنه نشأ كطيف عقلي مشوش وغير مكتمل، لكنه يمثل بعض العناصر الرئيسية كدراسة الأصوات اللغوية وبنيتي الكلمة والجملة ومباحث أخرى تتعلق بدقة إشارة الكلمات إلى المعنى، والمناسبات التي تقال فيها الحكم والأمثال العربية القديمة، وشرح الأبيات الشعرية ... إلخ؛ أي إن النحو اشتمل إبان نشأته على كافة المباحث اللغوية. وتبدو وجاهة هذا الطيف العقلي أن القائمين على «هذه المباحث اللغوية يعرفون بالنحاة، على أن ذلك لم تنفرد به اللغة العربية، بل كان هذا شأن النحو والنحاة بالنسبة للإغريقية واللاتينية.»

41

لكي أوضح الفكرة سأفترض أننا دؤليون. يشير هذا الافتراض إلى أننا نفكر في فساد اللغة، ثم في أن نفكر فيما يمكن أن نفعله. إذن هناك مشكلة. والخطوة التالية هي أن نفحص ونصنف الأخطاء وهي كما نعرف من الحكايات التي وصلت إلينا أخطاء صوتية وصرفية وتركيبية. لقد اتخذ المفهوم عندنا أبعادا مختلفة؛ بعدا يتعلق بالأصوات، وبعدا ببنية الكلمة، وبعدا ببنية الجملة.

في مقابل أننا دؤليون سأفترض أن هناك سيبويهيين. أن يكون هؤلاء سيبويهيين يعني أن يفكروا في النظام اللغوي، لكن من ناحية وصف أصواته وكلماته وتركيبه، لا من أجل إصلاح الخطأ في النطق بأواخر الكلمات؛ إنما من أجل معنى المتكلم والقوانين التي تحكمه. نحن الآن في وضع متأخر زمنيا؛ لكي ندرك الفرق بين أن نكون دؤليين أو سيبويهيين، لكن العلماء آنذاك لم يكونوا يدركون إلا ما يجمع بينهما؛ أي إصلاح النطق بالعربية، رغم أنهم يعرفون اختلاف نحو هذا عن نحو ذاك بدليل التسمية «علم العربية» لأبي الأسود الدؤلي و«النحو» لسيبويه.

يمكننا أن نلخص ما بدا للقارئ تحليلا طويلا ومملا على النحو التالي: توفر لنشأة النحو المفترضة على يد أبي الأسود الدؤلي مجموعة من العوامل كاعتقادات أبي الأسود الدؤلي العامة، والحتمية القائمة بينها وبين الجو الفكري للمرحلة التاريخية. وتظافر هذه العوامل معا يشير إلى فكرة الخطأ اللغوي وصوابه. يعني الصواب اللغوي ما يساير عرف الجماعة اللغوي، والخطأ هو ما يخالف ذلك العرف. ولا يجب أن نحاكم نحو تلك الفكرة على ما نعرف الآن؛ ذلك أن مستوى الصواب كالصوغ القياسي فيما يذهب تمام حسان لا يمكن النظر إليه باعتباره فكرة يستعين الباحث بواسطتها في تحديد الصواب والخطأ اللغويين، وإنما هو مقياس اجتماعي يفرضه المجتمع اللغوي على الأفراد، ويرجع الأفراد إليه عند الاحتكام إلى الاستعمال. وإن المستوى الصوابي لا يوجد في اللغة فحسب، إنما يوجد في كل شئون الثقافة بالمعنى الأعم.

Bog aan la aqoon