Taariikhda Masar Laga Soo Bilaabo Qabsashadii Cuthmaaniyada Ilaa Ku Dhawaad Waqtiga Casriga ah
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Noocyada
تلك كانت خطته. ولما رأى أنه يحيط به قطيع من الذئاب الغربية، وطائفة من الموظفين المتملقين الذين لا هم لهم إلا جمع الثروة من حوله، اعتزل جميعهم إلا نفرا قليلا من سفراء الدول وخدمه الخاصة؛ فكانت حياته سرا غامضا. وقد ذمه كثيرون من أجل ذلك، ولكن كفاه فخرا أنه خلص الأمة من نهب الأجانب في مدة حكمه، ولم يثقل كاهلها بشيء من الديون كما فعل غيره من بعده.
وفي أيامه أنشئ أول خط حديدي في مصر، بل في ممالك الشرق بأجمعها؛ وذلك هو الخط الممتد بين الإسكندرية والقاهرة، وقد قام بهذا المشروع «ربرت استيفنسن» مخترع القطر البخارية؛ إذ أخذ على عاتقه جلب كل المهمات اللازمة لمده، وابتدأ العمل سنة (1268ه/1852م)، وتممه في عام (1272ه/1856م)، وكان الموعز لمد هذه السكة الحكومة الإنجليزية لتسهيل نقل البريد والمسافرين بين الهند وأوروبا عن طريق مصر، وقد عارضت في الأمر الحكومة الفرنسية؛ فسبب ذلك بعض التأخير في إنجاز المشروع.
وكان عباس باشا يريد حرمان عمه «سعيد» من الملك بعده ليكون لابنه «إلهامي»، فأتت المقادير على عكس ما أراد؛ إذ قتل فجأة في قصره في بنها، وكان ابنه إلهامي غائبا عن الديار المصرية، فورث الملك سعيد باشا بدون أدنى معارضة، وذلك في (ذي الحجة سنة 1270ه/12 يوليو سنة 1854م).
ولقد كثرت الإشاعات عن سبب مقتل عباس باشا الأول؛ فالمتداول على الألسن أن خصيين قتلاه خنقا وهو نائم في فراشه. وقال آخرون إنه قتل بإيعاز بعض أقربائه الذين كانوا يريدون نزعه من ولاية الملك. وهناك فريق آخر يعزي سبب قتله إلى أسباب سياسية، وكتم خبر موته عدة أيام، ثم نقلت جثته من بنها إلى قصره بالعباسية،
1
ومنها نقلت إلى مقرها الأخير بقرافة الإمام الشافعي بالقاهرة. (2) سعيد باشا (1270-1279ه/1854-1863م)
سعيد باشا.
كان سعيد باشا في حداثته محبوبا من والده محمد علي، فرباه تربية عالية في مدارس فرنسا أهلته لتولي زمام الملك، وقليل من الأمراء من نال نصيبا وافرا من العناية كسعيد. قبض على زمام الأمور والبلاد في حالة حسنة؛ إذ كانت خالية من الديون الأجنبية، وكان دخلها السنوي البالغ ثلاثة آلاف ألف من الجنيهات كافيا لسد كل حاجاتها، وكانت التجارة متقدمة والأراضي الزراعية آخذة في الازدياد، فلم يك ينقص البلاد إلا شيء من الحزم في حاكمها يستطيع به السير في سبيل المحافظة على مصالح الأمة حسب ما تقتضيه الأحوال، إلا أنه من سوء حظ البلاد لم تتوافر هذه الصفة في سعيد. تولى الملك وهو نشيط بطبعه محب للعمل؛ فكان مبدأ حكمه يبشر بحسن مستقبل مصر، ولكنه ما لبث أن أخذ مقاليد الأمور كلها في يده ولم يثق بأحد من الوطنيين ليشركه معه في إدارة شئون الملك؛ فقضى على المجلس الخصوصي «مجلس النظار»، ولم يدرب أحدا من أبناء الأمة على شئون البلاد حتى يكون له عونا. ولم يتبع طريقة عباس باشا في عزلته، بل كان يقابل الأجانب ويحادثهم ويكرم مثواهم، وبالغ في ذلك حتى ضاعت هيبته فلم يفلح في حكم البلاد. ذلك إلى أنه أصبح بدينا منغمسا في اللذات، لا يقوى على مزاولة العمل بالجد والنشاط اللذين عهدا فيه من قبل، فاعتل نظام الحكومة ودب فيه روح الفساد وسوء الإدارة.
وكان شغله الشاغل مدة حكمه تنظيم الجيش، لاعتقاده أنه ماهر في الفنون الحربية؛ فكان يغير في نظامه، ويبدل من حين لآخر، فتراه طورا يجند جيشا يربو على 50000، وطورا ينقصه إلى نصف ذلك العدد، متبعا في ذلك ما تمليه عليه أهواؤه وميوله، وقد اختار نقطة القناطر الخيرية فجعلها معسكرا لجيشه، لاعتقاده أنها مركز حربي هام لصد غارات المغيرين، كما كان يقيم بجيشه كثيرا في صحراء مريوط.
ومع ضعفه الأخلاقي، كان مخلصا في اهتمامه بتحسين حالة البلاد التي كان يعتبرها كضيعته الخاصة؛ فعمل جهده في مد السكك الحديدية وحفر الترع وغرس الأشجار، وتحسين حالة الفلاح؛ فأصدر قانون الأراضي الشهير في عام (1274ه/1858م) الذي به أصبح الفلاح لأول مرة المالك الحقيقي لما يفلحه من الأرض، ثم محا بعض الشيء من الاحتكارات المجحفة بحق الفلاح ، وهو أول من وضع نظام الضرائب المتبع الآن بدلا من الاحتكار والعشرية، وغيرها من المكوس التي كانت في عصر محمد علي.
Bog aan la aqoon