Taariikhda Masar Laga Soo Bilaabo Qabsashadii Cuthmaaniyada Ilaa Ku Dhawaad Waqtiga Casriga ah
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Noocyada
أنه رأى لا بد من أن عثمان بك البرديسي ومحمد بك الألفي سيتفقان على مناوأته، وهو لا يقوى على مكافحتهما متحدين. (2)
أن أتباعه من الجند لم تكن إلا عصابة صغيرة من الألبانيين لا تقوى على منازعة جميع الماليك. (3)
أنه كان يعتبر في هذه الفترة خارجا على الدولة لاشتراكه في خلع خسرو، وأن الدولة ربما أرسلت جيشا لقهره والضرب على يده.
فأراد أن يتخلص من هذا المأزق الحرج بإذاعته أنه يريد تحرير القطر المصري من جور المماليك وعسفهم، حتى يكون قد خدم الدولة خدمة جليلة تمحو ما مضى من سيئاته وعصيانه، ومهد السبيل لذلك أنه لما علم أن الباب العالي عين واليا جديدا بدلا من الجزائري
1
قام في الحال وأطلق خسرو باشا - وكان سجينا - ليتولى الأمور حتى يصل الوالي الجديد، ولكن الجند لم يرضوا بأي حال إعادة تنصيبه واليا؛ فاضطر محمد علي بعد إطلاقه بثلاثة أيام أن يسفره إلى رشيد، ومن ثم أبحر إلى القسطنطينية بعد أن أظهر له عجزه عن حمايته.
وبعد هذا الحادث بزمن وجيز وصل «أحمد خورشيد باشا» الوالي الجديد، واعترف بتوليته كل الجيش من ترك وألبان، وأذعنوا له بالطاعة، ولكنه أظهر بعد فترة من الزمن أنه وال ضعيف الإرادة غير كفء لهذا المنصب، وعجز كسابقيه عن دفع مرتب الجند والأتراك، فرجعوا إلى السلب والنهب. أما محمد علي فاتبع الطريق الأقصد، ومنع أتباعه من الألبانيين من مصادرة الأهالي، بل كان بالعكس يجتهد في حمايتهم من ظلم الأتراك وعسفهم. ولما رأى الأهالي ما ارتكبه الجنود ثاروا على الوالي والتجئوا إلى محمد علي ليوقف هذه المظالم، فأمنهم على حياتهم وأموالهم بشرط أن يدفعوا له من المال ما يقوم بحاجة أتباعه من الألبانيين. وفي هذه الأثناء جاء إلى خورشيد باشا الوالي أمر سلطاني باستدعاء الألبانيين وقائدهم محمد علي، فتأهب هو وجنده للرحيل من الديار المصرية، فرجاه كبار الأمة وعلماؤها في البقاء بمصر خوفا من تسلط الأتراك وبطشهم، فقبل ذلك منهم وأبى الرجوع. وفي هذه الأثناء جمعت المماليك جموعها على مقربة من المنية للإغارة على القاهرة، فولى خورشيد محمد علي قائدا على الجيش الذي أعده لمحاربة المماليك، فحاربهم في عدة وقائع لم تكن فاصلة. وفي خلال هذه الحروب وصل جيش من الدلاة من قبل الباب العالي أكثر همجية وأبشع حالا من الجيش الذي في داخل البلاد ليحل محل الألبانيين، فلما علم محمد علي بذلك ظن أنه وقع بين نارين، فقفل راجعا إلى القاهرة وواجه الجيش الجديد جهة «البساتين» و«دير الطين»، وأخبرهم أنه لم يحضر لخلاف ولا عصيان، ولكن لطلب النفقة والمئونة، وأنه يرمي معهم إلى غرض واحد وهو تأييد الوالي والسلطان وإبادة المماليك؛ فانخدعوا بقوله، وأفسحوا له الطريق، فدخل القاهرة دخول المنتصر بعد أن اتفق مع الدلاة وأجزل لهم العطاء والهدايا، فأصبحوا معه على الوالي، وسمح لهم بالذهاب في طول البلاد وعرضها، يجمعون الضرائب ويأكلونها.
ولما عاثت جنود الأكراد - الدلاة - في الأرض فسادا قام الأهالي في وجه خورشيد، وطلبوا من محمد علي أن يحميهم ويكون الوالي عليهم، فقبل ذلك وشن الغارة على الوالي، فاعتصم هذا بالقلعة، ولما لم يجد له وسيلة يتخلص بها من محمد علي اجتهد في الحصول على عهد من الباب العالي بتنصيب محمد علي واليا على جدة، فلم يلتفت محمد علي لهذا التنصيب، وحاصر خورشيد باشا في القلعة، وأطلق عليها المدافع إطلاقا ذريعا، وذلك في (صفر سنة 1220ه/مايو سنة 1805م).
وحينئذ اجتمع علماء البلد ووجهاؤها وأقاموا محمد علي واليا على مصر، فقام إليه الشيخ الشرقاوي و«السيد عمر مكرم» نقيب الأشراف وألبساه «الكرك» إيذانا بالولاية. وكان في يد السيد عمر أمر العامة في جميع أنحاء مصر، لا يعصون له أمرا؛ فأيد أمر محمد علي بنفوذه وجاهه أكثر من 4 سنين تأييدا لم يقم به أحد مثله، وأرسل العلماء رسولا إلى الباب العالي ليلتمس العفو عما فرط منهم في حق الوالي ويرجو اعتماد تنصيب محمد علي خلفا له، فعلم السلطان من ذلك مقدار ميل الأهلين لمحمد علي، وأيقن أنه أصبح صاحب الكلمة العليا في مصر، فوافق على تنصيبه واليا عليها في (ربيع الآخر سنة 1220ه/يوليو سنة 1805م). ولما علم خورشيد باشا بهذا النبأ سلم له القلعة وتخلى عنها. (1-2) توطيد سلطة محمد علي في مصر
كانت لا تزال سلطة محمد علي بعد يوليو سنة 1805 مزعزعة الأركان؛ لأن اختياره واليا كان بالرغم من الباب العالي، فكان أولياء الأمور في القسطنطينية يتحينون أول فرصة للتخلص منه، فإنه وإن كان أدار الشئون المصرية بالضبط والمهارة، وقام بها خير قيام، لا يبعد أن يجاهر يوما ما بالعصيان في وجه الباب العالي كما فعل من قبل. هذا إلى أن ما حاق بالمماليك من المصائب والنكبات المتتابعة جعلهم يتحدون معا على محمد علي عدوهم العنيد، ثم دهمه أمر لم يكن في الحسبان، وهو ورود حملة إنجليزية لغزو مصر، والسبب فيها يرجع إلى تحالف فرنسا مع الترك بعد توليته بعام ونصف، وكانت فرنسا إذ ذاك في حرب عوان مع إنجلترا، فأرسلت الأخيرة حملة لتغزو البلاد المصرية باتفاق مع حليفتها الروسيا مؤملة أن ترجع البلاد المصرية إلى حكم المماليك على الأقل، وتقضي على آمال الترك فيها «وأرسلت أيضا أسطولها ليقتحم الدردنيل»، فساعد الحظ محمد علي باشا وتخلص من كل هذه الأخطار التي كانت تحدق به، الواحد بعد الآخر؛ فأرضى الباب العالي، وقضى على المماليك وسلطتهم، وتغلب بمعونة الأهالي وحامية رشيد على الحملة الإنجليزية.
Bog aan la aqoon