Taariikhda Ka Hor Taariikhda
تاريخ ما قبل التاريخ
Noocyada
كلمة المؤلف
شعار المؤلف
1 - ما هو تاريخ ما قبل التاريخ؟
2 - قبل الحياة على الأرض
3 - الحياة على الكرة الأرضية
4 - عصر الزواحف
5 - عصر اللبونات
6 - عصر القردة والإنسان الناقص
7 - الإنسان الحقيقي الأول
8 - التطور والتدهور
Bog aan la aqoon
9 - العصور الچيولوچية وعصور المصنوعات المعدنية
10 - قصص آدم وحواء وجنة عدن والطوفان ونوح
11 - الدين والتأليه
12 - السحر والشعوذة
13 - العقل والعلم والتعليم
14 - المثيولوچيا: الأساطير والأدب
15 - اللغة والكتابة والطباعة
16 - الفلسفة
17 - الصناعة
18 - الفن
Bog aan la aqoon
19 - التنقيب عن الآثار
20 - الزراعة
21 - العواطف الجنسية
22 - العادات: طعام الأمم القديمة وغيره
مراجع الكتاب
كلمة المؤلف
شعار المؤلف
1 - ما هو تاريخ ما قبل التاريخ؟
2 - قبل الحياة على الأرض
3 - الحياة على الكرة الأرضية
Bog aan la aqoon
4 - عصر الزواحف
5 - عصر اللبونات
6 - عصر القردة والإنسان الناقص
7 - الإنسان الحقيقي الأول
8 - التطور والتدهور
9 - العصور الچيولوچية وعصور المصنوعات المعدنية
10 - قصص آدم وحواء وجنة عدن والطوفان ونوح
11 - الدين والتأليه
12 - السحر والشعوذة
13 - العقل والعلم والتعليم
Bog aan la aqoon
14 - المثيولوچيا: الأساطير والأدب
15 - اللغة والكتابة والطباعة
16 - الفلسفة
17 - الصناعة
18 - الفن
19 - التنقيب عن الآثار
20 - الزراعة
21 - العواطف الجنسية
22 - العادات: طعام الأمم القديمة وغيره
مراجع الكتاب
Bog aan la aqoon
تاريخ ما قبل التاريخ
تاريخ ما قبل التاريخ
تأليف
عبد الله حسين
كلمة المؤلف
حين أعددت كتابي عن «السودان من التاريخ القديم» للطبع في عام 1935، كنت أرجو أن يكون مقدمة لمؤلفات أخرى تتناول حياة مصر السياسية والبرلمانية ونهضتها الاجتماعية والاقتصادية وبحوثا علمية أخرى.
غير أن أحداثا حدثت وشواغل عرضت، لعل في مقدمتها أن حالتي الصحية كانت مهددة بالإعياء بل بالانهيار على أثر طبع كتابي «السودان والمسألة الحبشية»، مما كان من عاقبته أن عمدت إلى التخفف من أعبائي والتحلل من تبعاتي إلى ما يتفق وحالتي الصحية المجهدة.
ثم إنه قد أعقب هذا أن الحياة السياسية المصرية، التي كنت أعتزم أن أتناولها بالبحث والتأريخ والتأليف قد قل نشاطها على أثر المفاوضات التي انتهت بعقد معاهدة الزعفران، معاهدة التحالف والصداقة بين مصر وبريطانيا العظمى في العاصمة البريطانية في 26 أغسطس سنة 1936، ومعاهدة مونترو التي قضت بإلغاء الامتيازات الأجنبية في 8 مايو 1937.
كذلك نجم خلف سياسي كان من جرائه أن أعيد تأليف وزارة مصطفى النحاس باشا الرابعة في 3 أغسطس 1937، وأن بدت في إثر ذلك أزمة سياسية حادة انتهت باعتزال الوزارة الحكم في 30 ديسمبر 1937، وبتأليف وزارة محمد محمود باشا الثانية. وعلى أثر قبول استقالتها في 18 أغسطس 1939 تألفت وزارة علي ماهر باشا الثانية، ثم إنه في 3 سبتمبر 1939 قامت الحرب بين الحلفاء وبين ألمانيا وأعلنت الأحكام العرفية المصرية وفرضت الرقابة على الصحف، واستقالت الوزارة الماهرية الثانية في 23 يونيو 1940 وفي 28 يونيو قبلت استقالتها، وخلفتها وزارة حسن صبري باشا، وعلى أثر وفاة دولته إذ كان يلقي خطاب العرش في 14 نوفمبر 1940، تألفت وزارة حسين سري باشا في 15 نوفمبر 1940، ولما استقالت الوزارة السرية خلفتها الوزارة النحاسية الخامسة في 6 فبراير 1942، فالوزارة النحاسية السادسة في 26 مايو 1942.
كان من جراء هذه الأحداث مع ما تخلل هذا من الغارات الجوية على البلاد واقتحام حدودها الغربية وانتشار الظلام، واضطراب الأفكار، وغلاء الورق، والانتقال في سرعة من طور إلى آخر، أنني آثرت إرجاء طبع مؤلفاتي إلى ما بعد الحرب.
Bog aan la aqoon
غير أنه، وقد مضى على الحرب أعوام خمسة، مستقبلة عامها السادس، مرجئة ولا شك حين تضع أوزارها أسباب الاستقرار السامي أعواما أخرى، اعتزمت أن أمضي في إعداد مؤلفاتي للطبع، وكان باكورتها هذا الكتاب «تاريخ ما قبل التاريخ».
أما موضوعه فإنه يتناول تلك العصور البعيدة التي سبقت الحضارات التاريخية القديمة المعروفة، مبتدئا بالكون وظهور الحياة على الكرة الأرضية عارضا للتقلبات الطبيعية ونشوء الإنسان وغرائزه وإنتاجه المادي والعقلي. ولما كان هذا الموضوع يتطلب من الاستقصاء والاستيعاب ما تقصر عنه هذه الصفحات، كان حماداي أنني جمعت أصوله ونسقت فصوله وأوجزت تفاصيله، ميسرا للمستزيدين أن ينهلوا من مراجعه المدونة في آخره، معتمدا على فطنة القارئين في استدراك الأخطاء المطبعية واللغوية، وفي إدراك الألفاظ الأجنبية من ترجمتها العربية، داعيا أبناء مصر والعروبة إلى استكمال بحث هذا الموضوع.
عبد الله حسين
شعار المؤلف
كل كتاب جديد لا يضيف جديدا إلى المعرفة، إما أن يكون رجعا لصدى غيره أو لغوا غير جدير بعناء القراءة.
الفصل الأول
ما هو تاريخ ما قبل التاريخ؟
قلنا في «مقدمة الكتاب» إن موضوعه «يتناول تلك العصور البعيدة التي سبقت الحضارات التاريخية القديمة المعروفة، مبتدئا بالكون وظهور الحياة على الكرة الأرضية، عارضا للتقلبات الطبيعية ونشوء الإنسان وغرائزه وإنتاجه المادي والعقلي».
ونقول هنا إن هذا الموضوع يتناول الكثير من البحوث الفلكية والأرضية - الچيولوچية - والأثرية والنظريات الفلسفية، والعلوم النظرية والتطبيقية، ومن الدراسات المتصلة بالآداب والفنون والسياسة والغرائز والعواطف الحيوانية والبشرية، كما سنجلوه على القارئ الكريم في الفصول التالية، فليس بعجيب أن يتعاون الفلكيون والأرضيون والمؤرخون والأثريون والفلاسفة وعلماء الطبيعة والاجتماع والزراعة والاقتصاد والصناعة والطب والكيمياء على إيضاح سر الكون وأصل الخليقة، أو شيء من هذا؛ لأن ما أدركوه إلى الآن ليس يبلغ من بحر الحقيقة إلا قطرة ومن بستانها إلا زهرة.
ولما كان «التاريخ» يتناول ما وقف عليه المؤرخون منذ مطلع نشوء الحضارات القديمة ممثلة في الممالك ذات التيجان والإمبراطوريات ذات العروش، مبتدئة بحادث أو يوم معين أو بسنة بعينها، آثرنا أن نطلق على الحوادث التي جرت قبل «التاريخ» اسم «تاريخ ما قبل التاريخ»؛ إذ إننا لسنا حيال ممالك وإمبراطوريات وأشخاص بأسمائهم وذواتهم، بل إننا قبل «التاريخ» المدون المعروف، بإزاء عصور طويلة وتقلبات عديدة ونظريات معقولة أو غريبة، مرغمين على أن نضرب في بيداء الظنون وأن نلجأ إلى المنطق؛ لنصل إلى النتائج من مقدماتها.
Bog aan la aqoon
يقول المؤرخون إن «التاريخ» هو عرض الحوادث أو قل إنه الحوادث ذاتها، وإنه كان - في أصله - بحثا وبسطا. أما في العصر الحديث فإن «التاريخ» هو تلك الظاهرة الإنسانية التي تؤلف أو تعين على أن تؤلف موضوع الحوادث ذلك أننا إذا أردنا أن نعرض «لتاريخ مصر» كان لا معدى لنا عن أن نتحدث عن ملوكها وحكامها.
وثمة معنى أوسع منحى من معنى ظاهرة حياة الإنسان وأسره المالكة. ذلك أن الحوادث التي ينبغي أن يتناولها «التاريخ» يجب أن تشتعب كل ما في الدنيا الطبيعية ذاتها وما يحيط بها، فيتحدث عن كل شيء في الكون والكرة الأرضية يكون هدفا للتقليب والتغيير. ولما كان ليس ثم شيء في هذا الكون ثابتا، كان للكون كله ولكل جزء فيه «تاريخ»، فلقد كان من أثر كشف «الأثير» أن غير العلماء رأيهم في العالم الطبيعي، بأن تطور البيان الحسابي الثابت إلى معنى الحركة الدائمة التغيير في الكون، وبأن انتقلت الصخور والمعادن من مرحلة التحليل والتبلور إلى مرحلة التسلسل والتطور، فأصبح علم الطبيعة وعلم الحياة - البيولوچيا - من بحوث «التاريخ».
لقد كان الناس يقيمون المباني لتخليد ذكرى ملوكهم وحكامهم. أما الآن فالمباني تقام في المناسبات وللمنفعة الشخصية ولوقت محدود.
ولما كان لم يسن للأدب والفلسفة والسياسة والأخلاق والنقد والتجربة في العصور القديمة، مقاييس أو معايير - فإن التاريخ حقيق بأن يردنا إلى الصواب، حين نعمد إلى نقد شاعر كشاكسبير محتجين بأنه قد خالف قوانين الدرامة. (1) تدوين التاريخ
كان اليونانيون الأقدمون يعنون «بالتاريخ» البحث عن الحقيقة في أوسع نطاقها، وكان «هيرودوت» المؤرخ اليوناني الكبير في القرن الخامس قبل الميلاد وصافا لأحوال الأمم وخاصة مصر، والحروب القديمة التي قامت بين البلاد اليونانية وبين إيران، وكان كاشفا رحالة طلعة حالته قلعة في غيرما إجادة أو دقة، وجاء «ديودور الصقلي» في القرن الأول للميلاد يصف مصر كما رآها يومئذ مماثلا لهيرودوت. وكان التاريخ، على عهد «أرسطو» والعرب، نوعا من الأدب. أما في العصر الحديث فإن «التاريخ» يتألف من عنصرين: أولهما البحث، وهو الجانب العلمي، وثانيهما العرض الأدبي ذلك أن «تاريخ» التاريخ يدل على أن نهضة التاريخ كانت مسايرة للنهضة الأدبية والفنية؛ إذ كان المؤرخ لا غنى له عن: (1) التفكير. و(2) عن الخيال. و«التاريخ» الذي يدونه عالم غير أديب، لا يكون تناوله قريبا كما أن أسلوبه لا يكون جذابا وحوادثه ليست مشرقة خلابة؛ لأن العالم الباحث لا يحتفل للفظ، فالمعنى هو كل ما يعنيه.
من أجل هذا كان البون كبيرا بين التاريخ في عصر بيتيكلر ومؤلفات هيرودوت وتكسيديديس وفيدياس، وبين تاريخ يضعه السير ويليام فليندرز بيتري العالم البريطاني الأثري الكبير الذي توفي في 28 يوليو سنة 1942 عن 86 سنة، وهو واضع قواعد علم التنقيب عن الآثار؛ لأن تاريخ الأولين طابعه أدبي، وخالد على الدهر.
ولما كان التاريخ - في معناه الأعم - يتناول، كما قلنا، كل شيء؛ كان هناك تاريخ سياسي، وتاريخ للتجارة، وللمدن، وللقانون، وللعلم، والفلسفة؛ الفلسفة في ذاتها وفلسفة التاريخ التي تتحدث عن الحقائق التي سيطرت على حوادثه.
ومما يجدر بالذكر أن الناس كانوا - قبل إتقان الكتابة وانتشارها - يتناقلون الحوادث التاريخية مشافهة، وكانت هذه الحوادث ممتزجة بالأساطير والأناشيد والشعر والنثر وأنباء البطولة والآلهة، وكانت الأسر اليونانية تعنى بتدوين أنباء رجالها على اللوحات، كذلك حفظ لنا كتاب «مانيثون» تاريخ الأسر المصرية القديمة. و«مانيثون» هذا كان كاهنا مصريا من سمنود، أمره ملك مصر بطليموس فيلادلفوس بأن يجمع البيانات المتصلة بتلك الأسر.
وبعد الشاعر والأديب جاء الكاهن فدون الحوادث في المعابد والكنائس، فقد كان بونتفيكس ماكسيموس في عهد الجراكي (131ق.م) يؤرخ الحوادث سنويا في ألواح من الخشب.
وهناك تقاويم سنوية مختلفة ظهرت في عصر التاريخ وقبله، فقد كان اليونانيون يؤرخون التاريخ تبعا لدورات الألعاب الرياضية (الأولومبية)، والرومان ببناء مدينة روما أو حكم أباطرتهم، والعرب بعام الفيل. ولعل تقسيم السنة إلى 12 شهرا قمريا يرجع إلى ما قبل التاريخ؛ لأن الإنسان الأول عرف القمر يدور حول الأرض 12 مرة في السنة. وكان روملس منشئ روما يجعل السنة 10 شهور. (2) خصوم التاريخ
Bog aan la aqoon
وقبل أن نختتم هذا الفصل، لا معدى لنا عن أن نذكر أن للتاريخ، إلى مزاياه وآثاره في العلم والتعليم والتربية والحياة الإنسانية، خصوما في أوروبا ومصر، ذلك أن عندهم أن المفتريات والدعايات وألوان التزيد والغلو قد تدسست إلى المرويات التاريخية، وحسبهم من الشواهد على هذا أن يشيروا إلى أن مئات الحوادث قد تباينت فيها الوقائع، وأن ما يجري تحت أعيننا، ونحن نزعم أننا في عصر العلم والنور والحرية والمطبعة، لا يذكر ولا ينقل مشافهة أو كتابة على حقيقته، مع أنه سيكون الأساس الذي يقيم عليه المؤرخ المقبل تاريخ هذه الأيام. وعلى رأس خصوم التاريخ من المصريين، عبد العزيز فهمي باشا رئيس محكمة النقض الأسبق، فقد نشرت مجلة «المصور» في 13 نوفمبر 1942 لمعاليه الحديث التالي:
إنك مصدر من مصادر التاريخ المصري للحركة الوطنية الأخيرة، فهل تسمح بأن تتحدث عن هذا التاريخ ؟
لست من المؤمنين بالتاريخ بل إني من الكافرين بآلهة التاريخ؛ لأنه مملوء بالكذب. وإذا حدثتك عن يوم 13 نوفمبر فقد يكون ما أرويه لكم اختلاقا؛ لأنه رواية والرواية خبر من الأخبار، والخبر كما يقول علماء اللغة: يحتمل الصدق والكذب، أو كما يقول الشرعيون: ما يحتمل الصدق والكذب لذاته. وقد زادوا كلمة «لذاته»؛ لئلا يتناول الأنبياء وهم معصومون عن الكذب أما غيرهم فيجوز لهم الكذب، بل إن الكثيرين يكذبون في التاريخ وليس هناك حقيقة تاريخية تكون صدقا صرفا.
ولكن حادثة ذهابك أنت وسعد باشا وعلي باشا شعراوي إلى سيرونجت حقيقة صادقة صرفة؟
قد يكون أننا ذهبنا إلى سيرونجت بدار المعتمد البريطاني، ولكن هل يعلم أحد حقيقة ما حدث في اجتماعنا به؟ وإذا رويت أنا هذه الحادثة كما وقعت، فإن روايتي تحتمل الصدق والكذب، كما أن رواية كل من زميلي تحتمل ذلك، فأينا يكون الصادق؟
الفصل الثاني
قبل الحياة على الأرض
الكون والوجود والطبيعة والخليقة والعالم والدنيا ألفاظ تطلق - لغة واستعارة واصطلاحا في اللغة العربية واللغات الأخرى - على معان عامة ومدلولات شائعة.
والناس قد يذكرون أو يتعاورون اللفظ من هذه الألفاظ على أن معناه هو المعنى ذاته الذي تدل عليه الألفاظ الأخرى أو بعضها، وحسبنا أن نذكر هنا أنهم قد يتحدثون عن «العالم»، ومعناه لغة: الخلق كله أو صنف من صنوفه، وهم يريدون أن يعرضوا «للدنيا»، ومعناها هذه الحياة الدانية القريبة منا؛ أي التي نشهدها وتلابسنا.
ولا مرية في أن الإنسان القديم والجديد، جاهلا كان أم مثقفا صبيا كان أم شيخا، قد خطر بباله هذا «الكون» نشوءا وبقاء، وتمنى أن يقف على سره ومصيره.
Bog aan la aqoon
فأما الذين استهواهم هذا الموضوع واسترعت عقولهم عجائب الكون وغوامضه، فقد وقفوا حياتهم على حل معمياته وتوضيح مشكلاته، غير أنهم لم يوفقوا إلا إلى كشف القليل جدا من حقائق الدنيا، وجملة ما يقال أن المتأخرين قد أصابوا من المعرفة أضعاف أضعاف ما وفق إليه المتقدمون.
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
قرآن كريم.
ففي مستهل القرن الثامن عشر الميلادي ، لم يسهم للناس أن يعرفوا من تاريخ الدنيا ما يزيد على 3000 سنة. بل إنه عند بعض الدارسين أن الدنيا قد خلقت فجأة في عام 4004 قبل الميلاد، على أنهم قد اختلفوا في هل وقع هذا في فصل الربيع أو في فصل الخريف!
أما مصدر الاختلاف فيرجع إلى اختلاف في تأويل بعض ما ورد في «التوراة»، وإلى تفسير بعض الأقوال والروايات التي انتهت إليهم!
وقد أسميت الأرض الكرة الأرضية؛ لأنها تماثل الكرة على وجه تقريبي. غير أنها تشبه البرتقالة؛ لأن كرة الأرض مضغوطة من طرفيها. أما طول قطرها فهو 8000 ميل.
ولم يدرك كبار العلماء - وما كان أقلهم - هذه الكروية إلا منذ 2500 سنة تقريبا. فقد كان الناس قبل هذا - كما يبدو من التاريخ المدون - يعتقدون أن الأرض مستوية منبسطة. بل إن هناك رأيا عصريا، وإن كان لا يزال شاذا، يقرر أن الأرض غير كروية.
وهي تتابع الدوران حول محورها في خلل الليل والنهار؛ أي في الساعات الأربع والعشرين. ثم إنها تدور حول الشمس في السنة دورة بيضوية الشكل على مبعدة منها تختلف مسافة بين 91 مليونا ونصف ميل وبين 94 مليون ونصف، هذا ويدور القمر حول الأرض في دائرة تبعد عن سطحها مسافة 239000 ميل. (1) انفصال الأرض عن الشمس
هذا ويقال إن الأرض كانت قطعة من الشمس انعزلت عنها منذ ألفي مليون سنة تقديرا. أما عن مرجع هذا الانفصال فالآراء متضاربة: منها أن نجما كبيرا اقترب من الشمس محدثا زيادة قوة الجذب بينهما؛ الأمر الذي نشأ عنه خروج لسان من مادتها إلى الفضاء منفصلا عن الشمس مبتعدا عنها دائرا حولها، ومن اللسان تألفت الأرض والكواكب وأشباهها دائبة الدوران حول الشمس، ثم إن هذه الكتلة الغازية الملتهبة قد تحولت إلى سائل، تجمد بعضه وتألفت القشرة الأرضية بما عليها من الجبال والسهول والبحار، وانفصل القمر كما انفصلت أقمار أخرى من كواكبها.
ومن الآراء أيضا أن الأرض انفصلت عن الشمس من غير أي احتكاك بين الشمس وجسم آخر. أما دوران الأرض حول الشمس فهو يجري في فلك قريب الشبه بالإهليلجي في سرعة قدرها 18 ميلا ونصف الميل في الثانية. ويقرب نصف قطر هذا الفلك من 93 ميلون ميل، وتستغرق المدة التي تمضيها الأرض في قطع محيطه سنة. وعند «چينز» أن الأرض ليست إلا ذرة تافهة في الفضاء الفلكي العام ولا ترى إلا بالمجهر.
Bog aan la aqoon
يقال إن «كوبرنيكس» في القرن السادس قبل الميلاد، كان أول من قال إن ما يبدو من حركة الشمس والقمر والنجوم من الشرق إلى الغرب حول الأرض قد نشأ عن دوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق؛ إذ إن الأرض والكواكب السيارة ليست إلا أجراما، تدور حول الشمس.
وقد تتابعت آراء الدينيين والعلماء عامة والفلكيين خاصة من منددة بنظرية كوبرنيكس إلى مقرة بها مستوعبة لتفاصيلها بعد التردد. وشاهدنا على هذا أن بطليموس وحكماء اليونان، ثم البوزجاني والبيروني والبتاني والصوفي وأضرابهم من فلكيي العرب، ذهبوا إلى أن الأرض ملكة الكون ومركزه، تحيط بها الشمس والقمر والكواكب والنجوم، وملحقاتها دائرة من فوقها نهارا ومن تحتها ليلا. (2) وزن الأرض
ثقل المادة هو مقدار جاذبية الأرض لها، وجميع المواد تتجاذب، فإذا أخذنا كرة صغيرة من الفلين مع كرة أكبر منها من الرصاص تسنى لنا أن نقيس مقدار جذب كل منها للأخرى، أما الكرة الكبرى فهي أقوى جذبا من الصغرى، ثم إن مقدار جاذبية الأرض للكرة الصغرى (أي ثقل الكرة الصغرى) هو أضعاف مقدار جاذبية كرة الرصاص لكرة الفلين؛ أي إن الأرض هي أثقل من كرة الرصاص بعدد تلك الأضعاف، فإذا عرفت وزن كرة الرصاص فاضربه في عدد تلك الأضعاف يكن لك وزن الكرة الأرضية.
هذا وثمة طريقة أخرى وهي أن يؤخذ حجم الكرة الأرضية طبقا لقواعد هندسة الأجسام أو الهندسة الفراغية، ثم تؤخذ كرة صغيرة من مادة نسبة كثافتها إلى كثافة الماء 5,52 وتقيس حجمها ثم تستخرج النسبة بين هذا الحجم وحجم الكرة الأرضية، ثم تضرب هذه النسبة في ثقل الكرة الصغيرة فيكون من ذلك ثقل الكرة الأرضية؛ إذ إن متوسط كثافة الكرة الأرضية هو 5,52 أضعاف كثافة الماء. وعند الفلكي (چينز) أن وزن الأرض 5885516 ألف ألف ألف ألف ألف طن.
وعند الدكتور والي الأستاذ بجامعة هارفارد الأمريكية أن القشرة الأرضية لا تزيد على 64 كيلومترا، وأن تحتها مواد أصلب من الفولاذ كثافتها 1800 ميل، وعند قلب الأرض حديد مصهور حار جدا. (2-1) جوف الأرض
أما جوف الأرض فإن ما تحمله البوصة المربعة من الصخور والمواد المختلفة يزن أكثر من 300 طن على عمق 100 ميل، أما الحرارة فتزيد درجة سنتيجرادية في كل مائة قدم. (2-2) عمر الأرض
وأما عمر الأرض فقد عكف الرياضيون والفلكيون والأرضيون (علماء طبقات الأرض) على تقدير هذا العمر منذ القرن السابع عشر، مستخدمين نظريات وطرقا، منها قياس ما يستغرق من الزمن في بناء طبقات الأرض أو نقل الأملاح الذائبة من الأنهار والسيول إلى المحيطات أو برودة القشرة، أو معرفة كمية هذه الأملاح في المحيطات، وهناك من عمد إلى قياس الزمن الذي يمضي على تحول اليورانيوم والثوريوم والراديوم والعناصر المعدنية الأخرى إلى رصاص، أو تقدير ينبوع الحرارة ومصدر النشاط الإشعاعي لهذه العناصر.
هذا ويتابع هؤلاء الاستقصاء. (2-3) الفضاء المحيط بالأرض
أما الفضاء المحيط بالأرض فيتألف من طبقة جوية من النيتروچين والأوكسيچين، ومن قليل من الأركون وثاني أوكسيد الكربون والهيدروچين، ثم الكريبتون والنيون والهليوم وغيره من الغازات النادرة.
وبعد ستة أميال فوق الأرض تقل كثافة الهواء ويلطف، وينبغي على الطيار حينئذ أن يستنشق الأوكسيچين الصناعي. هذا والجو طبقات قد تصل إلى مائتي ميل. وبعد عشرين ميلا فوق الأرض يوجد غاز الأوزون الذي يمتص الأشعة فوق البنفسجية للشمس والنجوم، ويحول دون إضرارها بالإنسان.
Bog aan la aqoon
وتنعكس أشعة الشمس إلى كل الجهات فتضيؤها حين تقع الأشعة على ذرات الهواء وغباره وعلى الأجسام الأرضية. (2-4) قلب الأرض وحرارتها
يقول الدكتور ليسون آدمز مدير المعمل الچيوفيزكي في معهد كارنيجي في واشنطون: إنه يؤخذ من دراسة أمواج الزلازل وحقائق طبقات الأرض أن على سطح الأرض قشرة ثخانتها بين 25 و30 ميلا، وفي قلبها كرة ضخمة قطرها حوالي 4000 ميل، وما بينهما طبقة متوسطة ثخانتها ألفا ميل، وأن الكرة المركزية كثيفة ومحشوكة جدا لضغط القشرة وتقلص كتلة الأرض ولوجود مادة يرجح أنها معدن الحديد، ذلك أن الحديد رابع المعادن وفرة في القشرة الأرضية، وهو كثير في الرجم والنيازك، ومفروض وجوده في الشمس كما يبدو من دراسة طيفها. أما حرارة مركز الأرض، فمع أن (آدمز) يبدي ما يواجه تقديرها من صعوبة، فإنه يقدرها بثلاثة آلاف درجة مئوية. (3) الشمس
يبلغ حجم الشمس مليون وثلاثمائة ألف مرة مثل حجم الأرض. ولئن كانت تبدو لنا أكبر الأجسام السماوية لقربها منا. غير أن بين هذه ما يكبرها بمئات الألوف من مثلها. ولا يسع أسرع الطائرات أن يصل إليها في أقل من عشرين سنة؛ إذ إن المسافة بين الشمس والأرض 93 مليون ميل تقديرا. أما درجة الحرارة على سطح الشمس فهي ستة آلاف درجة سنتيجرادية.
هذا ويشاهد الفلكيون على الشمس كلفا، وهي بقع سوداء، ويذهبون إلى أنها من أثر إشعاع الشمس وخروج حرارة جوفها أو برودة في قشرتها.
وعند «چينز» أن الشمس تفقد أكثر من أربعة ملايين طن في الثانية. (3-1) الكلف الشمسية
الكلف الشمسية هي المناطق القاتمة على سطح الشمس كما يوضحها المنظار. أما أول كاشف لها فهو جاليليو العالم الفلكي المشهور في سنة 1610، وقد كان ذلك بعيد استنباط المرقب (التلسكوب). والكلف كثيرة جدا تبدو كأنها حفر هائلة تسع كل ما في الكرة الأرضية، وهي تختلف حجما فإن بعضها لا يزيد قطره على ألف ميل، في حين أن قطر البعض الآخر قد يبلغ مائة ألف ميل. والكلف تكثر وتقل في كل إحدى عشرة سنة؛ ولظهورها واختفائها علاقة بمغناطيسية الأرض وبوقوع الأمطار والخصب والجدب، بل بوقوع كثير من حوادث العالم من حروب ومجاعات وأمراض وما إلى ذلك.
هذا ولا يزال العلماء يجهلون حقيقة هذه الكلف. والمظنون أنها مواد مصهورة غازية تخرج من جوف الشمس، وتنتشر على سطحها في فترات محددة يبلغ متوسطها 11,39 سنة. ويكون فيها كهربائية مغناطيسية قوية. (3-2) عمر الشمس وطيفها
أما عمر الشمس فهو 7550000 مليون سنة. وتفقد بالإشعاع أكثر من أربعة ملايين طن في الثانية. هذا وقد يحتجب نور الشمس عنا فيسمى (الكسوف).
وهناك آلات فلكية توضح كيماوية الشمس والنجوم، منها آلة كاشفة للطيف «السبكترسكوب». أما الطيف فهو شريط ملون ينشأ من مرور شعاع النور الأبيض، كضوء الشمس، على منشور ثلاثي زجاجي، من شأنه أن يدع الأشعة تنفذ منه وتتحلل. ومتى وقعت على حاجز أبيض، ظهرت الأشعة النافذة عليه كشريط ملون طرفه الأسفل أحمر والأعلى بنفسجي، وما بين اللونين يقع البرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق فالنيلي. وقد استدل من هذه الخطوط الشعاعية على غاز الهليوم وغيره، وعلى أن في الشمس عناصر أرضية، كالهيدروچين والهليوم والكبريت والنيكل والكلسيوم والكربون والصوديوم والحديد والنحاس.
هذا وقد تم في أمريكا بناء منظار كبير - تلسكوب - قطر مرآته خمسة أمتار، وقد أعان الفلكيين على كشف نجوم جديدة. (4) المجرات
Bog aan la aqoon
تستطيع العين المجردة أن ترى حوالي تسعة آلاف نجم. أما المراصد الفلكية فتستطيع أن ترى أكثر من مائة ألف مليون، ومن كل مجموعة من النجوم يتألف ما يسمى «المجرة». والمجرات تختلف عن الأرض أبعادا بين 30 مليون سنة ضوئية ومائة مليون.
وهذه النجوم المتجمعة تكون على صورة قرص مستدير منفوخ غيمي كالرغيف، ثخانته ثلث قطره، نصفها في الليل من الشمال إلى الجنوب تسمى درب التبان عند العرب، وعند الأوروبيين الطريق اللبني، وفي دائرته تقع المجرة. وهناك مجرات أخرى في الفضاء اللانهائي. والمجرة التي منها الكرة الأرضية يطلق عليها «قارة» أما المجرات الأخرى فهي متجمعة بيضويا، وتسمى جزرا.
ويقول الدكتور هبل مدير مرصد جبل ويلسون في أمريكا إن في الكون مائة مليون مجرة في نطاق قطره 500 سنة ضوئية. أما السنة الضوئية فهي المسافة التي يجوزها الضوء في سنة في سرعة قدرها 186 ألف ميل في الثانية.
هذا وقد صنع في أمريكا تلسكوب كبير وبدئ به كشف مجرات لم تكن معروفة قبل الآن كما قدمنا.
وعند چيمس چينز الفلكي الإنجليزي أن عمر الكائنات كلها عشرة ملايين مليون سنة. أما الدكتور بوك الفلكي في مرصد هارفارد الأمريكية، فيقدر عمر الكون بعشرين ألف مليون سنة؛ أي بجزء من 500 جزء من تقدير چينز.
وعند هنري منيور الفلكي الفرنسي أن المجرة لا تزال في طفولتها فإن عمرها لا يزيد على 20 ألف مليون سنة. أما الكون فعمره نحو ألف ألف ألف مليون سنة. (4-1) السديم
هو مجموع كبير من المادة الغازية اللطيفة جدا تتقلص تدريجا، وتتألف منها الأجسام والنجوم ثم تنفصل منه.
وهناك سدم تتألف من الغازات الملتهبة الحارة جدا، وخاصة من غازي الأيدروچين والهليوم. (4-2) الهيولى والبروتون
الهيولى معربة معناها الهباء المنبث في جو الغرفة يوضحه خط ضوء الشمس، أو هو المتناثر من القطن. وقد أطلق هيولى على طينة العالم. والعالم الهيولي أو الهيولاني هو العالم المادي.
أما البروتون فهو أحد أركان العنصر (أو الجوهر الفرد) أو الومضة الموجبة، التي تدور مع الومضة السلبية (الإيلكترون) حول نواة العنصر كما تدور الكواكب حول الشمس. (5) القمر
Bog aan la aqoon
لكل كوكب من الكواكب السيارة ملحق أو تابع أو أكثر يتقيد بها ويدور حولها. فأما تابع الأرض فهو القمر وهو أقرب الأجرام السماوية إلى الأرض، مع أنه من أصغر الأجرام، وهو أصغر من الأرض نحوا من خمسين مرة، ويبعد عنها 85000 فرسخ ويدور حول الأرض في 29 يوما ونصف اليوم، وهذه الدورة تؤلف الشهر القمري، الذي يقال إنه كان أصل التقاويم السنوية قبل الحضارات التاريخية المعروفة، وإن بعض هذه الحضارات، ومنها الحضارة الإسلامية، قد أخذته عما قبل التاريخ؛ لأن حركة القمر ضمورا وظهورا استرعت، ولا شك، الإنسان البدائي، الذي كان لا يفتأ ينظر إلى السماء مفكرا معجبا بضوء نجومها وبأمر هذا القمر يتقلب رويدا بين المحاق والبدر، ومن أجل هذا كان القمر من آلهة الأقدمين الذين كانوا يعزون إليه الكثير من خير الدنيا وشقائها.
هذا ويبلغ متوسط بعد القمر عن الأرض نحو 240 ألف ميل متأرجحة بين 222 ألفا، وبين 253 ألفا؛ لأن المدار ليس دائريا، ولأن الأرض تنحرف قليلا عن مركزها إلى بؤرتها. أما قطره فيزيد قليلا على ربع قطرها؛ أي 2200 ميل، أما كثافة مادته فسدس مادة الأرض.
ويبدو أنه ليس حول الوسط المحيط بالقمر غازات أو ماء، وأن جباله وفجواته على فطرتها، وأن على سطحه مساحات واسعة مظلمة أطلق عليها اسم البحار مع عدم وجود الماء بها، هذا وقد درس الفلكيون القمر دراسة واسعة، وخاصة فيما يتصل بأثره في الجاذبية وإحداث الجزر والمد والخسوف. كذلك تغنى الشعراء والكتاب بوصفه وتشبيه الجمال ببدره، وسير الركب على ضوئه. (5-1) الحياة على القمر
هذا وقد تباينت آراء الفلكيين حول احتمال وجود الحياة بالفعل أو في المستقبل في هذا القمر؛ إذ إن الناظر إلى القمر يلمح على سطحه أشياء تبدو كأنها الجبال والوديان. على أن هناك من يقطع بأنه ليس ثمة حياة على وجه القمر، وللفريقين من النظريات والحجج ما لا يتسع المقام لإيرادها. (5-2) الوصول إلى القمر
هذا ويتحدث بعض الفلكيين والطيارين عن احتمال الوصول من الأرض إلى القمر، على أن الذي يحول دون تحقيق هذا أنه على بعد مائتي كيلومتر من سطح الأرض، توجد منطقة لا هواء فيها، ثم إن جاذبية الأرض تمنع الخروج من محيطها الهوائي.
ومما خطر ببال بعض الفلكيين والرياضيين والطيارين إعداد قذيفة صاروخية من المدفع كرسالة من الأرض إلى القمر! (6) الكواكب السيارة
وثمة كواكب سيارة أخرى كعطارد والزهرة تماثل الأرض والقمر في طوافها حول الشمس على مبعدة 36 مليون ميل و67 مليون من الشمس. أما كواكب المريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون، فتدور حول الشمس على مبعدة 141 مليون ميل و483 مليونا و886 مليونا و1782 مليونا و2793 مليونا على التوالي.
هذا ويقع مركز الأرض على عمق 4000 ميل من سطحها. أما الحياة، فإلى أنه لم يتحقق وجودها في غير الكرة الأرضية، فإنها لم تعرف إلا على مبعدة ثلاثة أميال إلى جوف الأرض. أما على سطحها فهناك متسع للصعود إلى عشرات الأميال في المستقبل القريب.
ومنذ القرن الماضي نهض العلماء الباحثون لكشف عمر الكرة الأرضية، ثم التنقيب عن بداية الحياة النباتية فالحيوانية فالبشرية فيها، وكلما امتد هذا البحث، غلا المنقبون في تحديد هذا العمر. ولكل باحث الأداة التي يستند إليها والفروض التي تخطر بباله والنتائج التي ينتهي إليها بحثه. وكلها، على ما يبدو إلى الآن، ظنون لم تبلغ مرتبة اليقين والجزم، فعند بعض الباحثين أن الأرض تدور، ككوكب سيار، حول الشمس منذ 2000000000 سنة أو أكثر ، وأن الشمس والأرض والكواكب الأخرى والأقمار والنجوم كانت كلها دوامة من المادة المتناثرة الشائعة في الفضاء. ذلك أن المرقب (التلسكوب) يبين لنا سحبا حلزونية مضيئة من المادة، السدم اللولبي، الذي يبدو أنه يدور حول مركز ما.
ومما يظنه الكثيرون من الفلكيين أن الشمس وكواكبها السيارة كانت لولبية على النحو المتقدم، وأن مادتها قد كثفت وتركزت في الشكل الحاضر في غضون دهور تعاقبت بعد أن تأججت هذه المادة وصهرت عند سطحها، وكانت الشمس ذاتها تبدو شعلة أكبر مما صارت إليه الآن.
Bog aan la aqoon
ثم إنه يفترض أن الأرض أدنى إلى أن تكون تنورا متفجرة أو سطح حمم قبل أن تبرد، وأن الماء كان بخارا حارا جدا في جو عاصف من الغازات الكبريتية والمعدنية، وأن تحت هذا يغلي ويدور محيط من المادة الصخرية المصهورة، وأن ومض الشمس والقمر المتحركين في سرعة، يكتسح في طريقه كل شيء كما تندفع ألسنة اللهب، وأن هذه النار المندفعة قد فقدت تأججها، وأن الأبخرة قد صارت أمطارا، وأن الأقراص الصخرية المتجمدة البطئية شرعت تبدو على سطح البحر المنصهر ثم تهبط فيه وتحل أخرى محلها، مؤلفة هذه الكرة الأرضية بعد أن برد الجو الذي كان تغشاه تلك السحب والأبخرة، وبعد أن جرت خطوط من الماء الحار على الصخور المتبلورة، ومن البحيرات والأخاديد التي كانت تستقبل ما يجيء به ذلك الماء الجاري الحار من الرواسب والمواد المتفتتة.
في ذلك الزمن البعيد جدا الذي لا يحصي العد قرونه، لم تكن هناك حياة ما على وجه الأرض؛ إذ كانت الحياة مستحيلة يومئذ؛ لأن الأمطار الغزيرة كانت تهطل، ولأن الرياح كانت شديدة جدا وحارة جدا، والسحب كانت دائمة والسماء غائمة.
أما كيف عرفنا أن الأرض كانت هكذا قبل أن تعرف الحياة فيها، فإنا نعيد القول هنا بأن كل ما قدمنا لم يزل من الفروض والظنون، ذلك أنه لم يصل إلينا ما يعد حقا لا ريب فيه، إنما هي آراء خرجت من نظراتنا الفاحصة فيما تركت لنا الدهور ، وفيما تخلف في الأرض من الآثار في بعض البقاع.
أما الكواكب السيارة الأخرى فإن مدة دورانها حول الأرض بين 88 يوما أرضيا أو سنة كوكبية، وبين 48 سنة أرضية وسنة كوكبية (حسب الكوكب وبعده). (6-1) المريخ
المريخ أكبر من الأرض ثلاثمائة مرة، وتستغرق دورته حول الشمس 12 سنة أرضية وسنة واحدة مريخية. ويبدو أن قلب المريخ كرة صخرية فوقها محيط من الماء البارد المتجمد، وأن على قشرته زوابع وأن جوه غائم جدا، وأن له أقمارا كثيرة عرف منها 11 قمرا. (7) نور النجوم
نجم ألفا قنطورس هو - بعد الشمس - أقرب النجوم إلينا يصل نوره إلينا مرة في أربع سنوات وربع السنة. أما نجم النسر الطائر فإن نوره يصل إلينا في 14 سنة ونصف، والسماك الرامح في 50 سنة، ومنذ ألوف السنين خرج نور السدائم والمجموعات النجومية، فقد وصل نور سديم الدجاجة إلينا منذ 5000 سنة، وهناك نور سديم خرج قبل 1700 سنة. ومن السدائم ما يستغرق وصوله إلينا 140 مليون سنة. (7-1) مقاييس الفلكيين
يعتمد الفلكيون في نتائج رصدهم على قياس زاوية الاختلاف في النجوم القريبة من الأرض، وقياس مسافات المجموعات النجومية من سير النظام الشمسي في الفضاء، وقياس المسافة من مقارنة نور النجم المطلوب تحديد مسافته بنور النجم المعروفة مسافته، والآلة الكاشفة للطيف «السبكترسكوب». (8) النيازك
في شهر سبتمبر سنة 616ق.م سقط حجر من السماء وقتل عشرة أشخاص وحطم عربات، وفي القرن العاشر سقطت أحجار نارية أحرقت بيوتا، وفي شهر نوفمبر من القرن التاسع عشر سقط حجر انفجر عند قلعة لوزير أحرق محصول القمح والأغنام.
وفي 1832 شاهد عمال فرنسيون شهبا لامعة منقضة، وفي 1846 سقط حجر في (هوت كارون) أحدث دويا وأحرق حاصلات وأغناما. وفي 1872 سقط نيزك كان يبدو كالموقد المشتعل. وفي 1908 سقط في سيبريا نيزك كبير أحدث سقوطه دويا وعطبا إلى مسافة 100 ميل.
ولم يبدأ في دراسة سقوط هذه الأحجار السماوية إلا منذ أن انقض جسم كبير في أوائل القرن التاسع عشر على إحدى مدن فرنسا، فقد مضى العلماء والمجمع العلمي الفرنسي في بحث هذه الأجسام وبواعث سقوطها، وقد تبين أنها كتل نارية من المادة تسير حول الشمس في سرعة كبيرة قابلة للقياس، قيل إنها أكثر من 25 ميلا في الثانية جذبت إلى فلك الأرض حين اقتربت منها.
Bog aan la aqoon
والقطعة الصغيرة من هذه الأجسام تسمى شهبا. أما الكبيرة فأسماها (نيزك) وحرارة هذه الأجسام كبيرة جدا ومحدثة زيادة في كثافة الهواء والحرارة، ويبقى الشرر بضع دقائق بعد احتراق النيزك، وبينما يبقى سطح النيزك حارا يكون داخله باردا. وكلما انفجر قبل وصوله إلى الأرض، ضعف ولم يغر فيها.
هذا ويرجح أن تكون النيازك والشهب مواد تقذفها الكواكب السيارة أو من بقايا السديم الأصلي الذي تألفت منه الشمس والكواكب، وحين حللت هذه الأجسام وضح أن بها أكثر من ثلاثين معدنا كالحديد والنحاس والنيكل والبوتاس والكلسيوم والصوديوم والقصدير والأوكسيچين والسيليكون والمغنسيوم والكوبلت والكبريت، ويقال إنها من غير الأنواع التي على الأرض.
ولما أحميت، خرج منها غاز الهيدروچين والنيتروچين والهيدروكاربون وأول أوكسيد الكاربون وغيرها.
هذا ويبلغ عدد النيازك التي تنفصل من كواكبها خمسة عشر مليون نيزك في كل أربع وعشرين ساعة. ولكن أكثر هذه النيازك يحترق وهو بعيد جدا من الأرض فلا يصل إلى سطحها بل يتبدد في الفضاء، ومن الشذوذ أن يبلغ النيزك سطح الأرض، ولكن هذا نادر الحدوث، ففي ولاية كنساس الأمريكية قد لا يقتل بسبب سقوط نيزك إلا واحد في كل أربعة عشر ألف سنة. وقد سقط النيزك الكبير في سيبريا الشمالية في سنة 1908، فأحدث حريقا هائلا في غاباتها أتلف ما مساحته مائة ميل مربع مسببا أمواجا هوائية.
وقد صار نيزك سيبريا إلها تعبده بعض القبائل المقيمة هناك؛ إذ تزعم أنه إله هبط من السماء ليوقد ناره في الفجرة والعصاة.
وقد أخمدت إحدى الثورات على أثر سقوط نيزك في أمريكا الوسطى، فإن النيزك قتل زعيم ثورة إحدى الطوائف فخاف الثوار وتفرقوا.
ويغلب سقوط الأجسام ليلا خاصة بعد منتصف الليل. وفي متحف نيويورك نيزك حجمه 385 قدما، ووزنه 36 ونصف طنا، وأكبر نيزك هو الذي سقط قريبا من فانوفارا في سيبريا فإن وزنه 136 طنا.
على أن ما ينزل على الأرض من الأجسام يقدر بألوف المرات مما يشاهده الفلكيون والناس. وقد كان لسقوط الأجسام أثره قديما وحديثا. (9) القرآن ونشوء الكرة الأرضية
آثرنا - إتماما للحديث عن نشوء الأرض - أن نورد هنا بعض الآيات القرآنية التي عرضت لهذا الموضوع:
جاء في سورة الأنبياء:
Bog aan la aqoon
أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون * وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون .
وعند المفسرين أن السماوات والأرض كانتا مرتوقتين؛ أي مضمومتين؛ لأن الرتق هو الضم والالتحام؛ أي كانتا شيئا واحدا، ففتقهما الله؛ أي فتحهما فصارتا أفلاكا وطبقات وأقاليم وأقساما منوعة تفتح بعضها بالماء والمطر والإنبات. كذلك جعل الله في الأرض ثابتات كراهة أن تميد؛ أي تضطرب، كما جعل فيها فجاجا؛ أي مسالك.
وجاء في سورة المؤمنون:
وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون * فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون .
وجاء في سورة النور:
الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور .
كوكب دري؛ أي مضيء متلألئ.
وجاء في سورة البقرة:
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون .
وفي سورة آل عمران:
Bog aan la aqoon
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب .
وجاء في سورة الروم:
يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون * ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون * ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين * ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون * ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون
إلى قوله تعالى:
ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون .
وجاء في سورة لقمان:
ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير .
وجاء في سورة فاطر:
والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير * وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون .
وجاء في سورة ص:
Bog aan la aqoon
كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب .
وجاء في سورة الدخان:
وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون .
وجاء في سورة الجاثية:
إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين .
وجاء في سورة الحجرات:
إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون .
وفي سورة ق:
قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ .
وجاء في هذه السورة أيضا:
Bog aan la aqoon
كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود * وعاد وفرعون وإخوان لوط * وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد * أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد .
وفي سورة الحديد:
سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم * له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير * هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم .
وجاء في سورة الدهر:
هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا .
إن الاستفهام بهل في هذه الآية الكريمة هو استفهام تقرير وتقريب؛ ولذلك فسر بقد.
وجاء في سورة يونس:
وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون .
الفصل الثالث
الحياة على الكرة الأرضية
Bog aan la aqoon