حديث الوقعة الكبرى
وعندما انتهى إلى البلد ذلك الفل (1)، واستقر بجمع الروم ذلك المحل، عزم الوالي على النهوض لقتاله، وحشر من غاب وحضر من فرسانه ورجاله، وخرج وحاله عن المآل تترجم، وأمره يقضي بنحسه من لا ينجم.
فرغب الناس منه أن يتأنى قليلا، ويجعل بين البلد وبينه ميلا، ويتربص بالرعية نزول نازلها، وتفرغ حالبها وناقلها، وتأتي الاستظهار بفارسها وراجلها.
فتصلب في مناجزة أهل الصليب، ومشى على غير نظام ولا ترتيب، ومعه من الفرسان ألفان إلا مائتين، قليلون بالمعنى كثيرون (2) في العين، فأما الرجالة فكانوا عشرين ألفا، أكثرهم ما شهد زحفا، ولا حضر من مصاف القتال صفا.
وبات بهم ليلة الثلاثاء في منزل نزله،/ 27/ وقد ولى من حاكم الاستبداد ما عزه ثم عزله، وركب إثر صلاة الصبح، وعارضه لا تبدو منه مخيلة النجح (3)، فكان دأبه في مشيه أن ينادي قومه المرة بعد المرة، ويستطعم ما عندهم ليوم الكريهة المرة (4)، وإذا لقوا العدو فكيف يجالدون، وبأي عزم يجاهدون (5)، فيجيبونه بأنهم يثبون إليهم ويثبتون لمثليهم، ويشربون كل جنان حب الحفاظ، ويشرعون كل سنان إلى تلك الأفئدة الغلاظ، حتى دنا من عسكر الروم، ومعه ألف الغيران وقفا المهزوم.
Bogga 104