عاد الحديث عن إطلالهم على البر وإطلاقهم أعنة الشر
/ 25/ ولما طاب البحر للمسافر، واغتنم الكابر الحرد سجاحة الكافر، فركب بجمعه، ولج حتى لجج في قطعه، وحين أتم العبور، وقصد بنزوله المرسى المذكور، أخرج الوالي جماعة تسد تلك المسالك، وتمنعهم النزول هنالك، فباتوا على المرسى في الرجل والخيل، وأجفان الروم سطور تمنع قراءة سوادها سواد الليل.
وبات المقدمون على الجماعة وهم من قوم الوالي يتجارون المنكر، ويتهادون المسكر (1)، وهم بالمعاقرة (2) عارفون، وللمقارعة عائفون، وقال لهم الناس إن هاهنا مرسى آخر (3)، ولا نأمن أن يقصده الروم فعزمهم ساهر، والليل لهم ساتر، وإن جاؤوه ولا حامي له نزلوا بساحته، وحصلوا على استباحته، والرأي أن تكون هنالك جماعة تذكي العيون وتمنع هذا المتوقع أن يكون، فزجرهم أولئك المقدمون، وقالوا كيف تنصحون وأنتم المتهمون (4).
فلما جن الليل على النصارى ذهبوا كما قدر، وتأتى لهم النزول حيث ذكر، فنزل منهم تلك الليلة بذلك المرسى خمسمائة فارس وعشرة آلاف راجل، فأصبحوا هنالك في الثامن عشر من شوال، وهو يوم الاثنين، وسار إليهم الجمع ولا رغبة/ 26/ لهم في إحدى الحسنيين، فحين رأوهم
Bogga 102