بيان ما أحدثه الوالي مما أضرم نار الحرقة وأبرم أسباب الفرقة
وعند خلاء الجو، وجلاء أهل البدو، ثارت أراقم (1) ضغنه، وكر بالأبطال على نص أمنه، وأمر صاحب شرطته أن يأتيه بأربعة من كبراء المصر فساقهم، وحين حضروا عنده ضرب أعناقهم، فطرحوا بالعراء، ثم أخرجوا على هيئة فرطهم من الإعراء. وكان فيهم ابنا خالة، كانا في البلد على أحسن حالة، وخالهما أبو حفص بن شيري ذو المكانة الوجيهة، والموطن لنفسه الكريمة على الكريهة (2)، وسيأتي ذكره في حصار الجبل، وما كان له فيه من سداد الرأي والعمل. فأما أحدهما فجزع عند قتله، وأما الآخر فصبر صبرا ما عهد من مثله، وكان لا يخلو عن طهارة الحدث، فاستقبل القبلة غير مكترث، ودخل في صلاته وقر، وضربته السيوف حتى خر.
وعند ذلك ضاق الرحب، وعظم الرعب (3)، وتعاور (4) جثث القتلى من الحركات الجر والنصب، فضاق الذرع بالمكروه، وفر إلى البادية كثير من الأعيان/ 21/ والوجوه، واجتمعوا بابن شيري فأخبروه بما نزل، وعزوه فيمن قتل. وقالوا هذا أمر لا يطاق، ونحن كل يوم إلى الموت نساق، فإن تداركنا الأمر ببقية الذماء، أو شك أن نخلص من هذه الغماء، وإلا فزرعنا حصيد، وما منا إلا من هو بشرك الشر مصيد (5)، وكيف لا نثقف في الرأي أحسن تثقيف،
Bogga 93