فحمل عليهم فقتل ثلاثين شيخا فيهم حوثرة بن أسد، ومضى شبيب إلى أمه فحملها، وأشرف رجل من الدير على أصحاب شبيب، وكان قد استخلف شبيب عليهم أخاه مصاد بن يزيد، وهم قد حصروا من فى الدير فقال : يا قوم، بيننا وبينكم القرآن ، قال الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارلك فجره حق يسمع كلم الله شر أنلغه مأمنة* التوبة : 6]، فكفوا عنا حتى نخرج إليكم على أمان ، وتعرضوا علينا أمركم ، فإن قبلناه حرمت عليكم دماؤنا وأموالنا، وإن نحن لم نقبله رددتمونا إلى مأمننا، ثم رأيتم رأيكم، فأجابوهم فخرجوا إليهم، فعرض عليهم أصحاب شبيب قولهم، فقبلوه كله، ثم خالطوه ونزلوا إليهم، وجاء شبيب فأخبروه بذلك؛ فقال: أصبتم ووفقتم.
~~ذكر الوقعة بين شبيب وسفيان الختعمى: ثم إن شبيبا ارتحل ، فخرج معه طائفة وأقامت طائفة ، وسار شبيب فى أرض الموصل نحو أذربيجان، وكتب الحجاج إلى سفيان بن أبى العالية الختعمى يأمره بالقفول ، وكان معه ألف فارس يريد أن يدخل بها طبرستان، فلما أتاه كتاب الحجاج صالخ صاحب طبرستان ورجع، فأمره الحجاج بنزول الدسكرة حتى يأتيه جيش الحارث بن عميرة الهمدانى - وهو الذى قتل صالحا - وحتى تأتيه خيل المناظر ، ثم يسير إلى شبيب، فأقام بالدسكرة ونودى فى جيش الحارث الحرب بالكوفة والمدائن؛ فخرجوا حتى أتوا سفيان وأتته خيل المناظر عليهم سورة بن الحر التميمى، فكتب إليه سورة بالتوقف حتى يلحقه، فعجل سفيان في طلب شبيب؛ فلحقه بخانقين، وارتفع شبيب عنهم حتى كأنه يكره قتالهم، وأكمن أخاه مصادا فى هزم من الأرض فى خمسين رجلا فارسا، ومضى فى سفح الجيل فقالوا: هرب عدو الله! فاتبعوه؛ فقال لهم عدى بن عميرة الشيبانى : لا تعجلوا حتى نبصر الأرض؛ لثآلا يكون قد كمن فيها كمينا، فلم يلتفتوا فاتبعوه، فلما جازوا الكمين رجع عليهم شبيب، وخرج أخوه فى الكمين؛ فانهزم الناس بغير قتال، وثبت سفيان في نحو من مائتى رجل، فقاتلهم قتالا شديدا، وحمل سويد بن سليم على سفيان فطاعنه ثم تضاربا بالسيوف، واعتنق كل واحد منهما صاحبه؛ فوقعا إلى الأرض، ثم تحاجزوا، وحمل عليهم شبيب فانكشفوا وأتى سفيان غلام له، فنزل عن دابته وأركبه ، وقاتل دونه، فقتل الغلام ونجا سفيان حتى انتهى إلى بابل مهروذ، وكتب إلى الحجاج بالخبر، ويعرفه وصول الجند إلا سورة بن الحر؛ فإنه لم يشهد معى القتال، فلما قرأ الحجاج الكتاب أثنى عليه (1).
----
Bogga 136