فحمل اصحاب عبد الرحمن على القوم حتى أزالوهم عن صفهم ثم عادوا، فإذا جيلة ابن زحر بن قيس الجعفى الذى كان على الرجالة - صريع؛ فانكسر القراء وحمل رأسه لى الحجاج، فقال : يا أهل الشام، أبشروا؛ هذا أول الفتح. وما زالوا يقتلون ويتبارز لرجل والرجل مائة يوم .
~~ثم إن أصحاب عبد الرحمن انهزموا فى بعض الايام، وأخذوا فى كل وجه، وصعد عبد الرحمن المنبر، وأخذ ينادى الناس : عباد الله، إلى إلى! عباد الله ، إلى، أنا ابن محمد. وجاء إلى جماعة من أصحابه، فأقبل أهل الشام، فحملوا عليهم وهو على المنبر فقال له عبد الله بن يزيد الأزدى : انزل؛ فإنى أخاف عليك أن تؤسر ، ولعلك إن انصرفت أن تجمع لهم جمعا يهلكهم الله به بعد اليوم .
~~وحضر مع القوم سلمة بن كهيل، وعطاء السلمى، والمعرور بن سويد، وطلحة بن مصرف، ورأى طلحة رجلا يضحك؛ فقال له : أما إنك تضحك ضحك من لم يحضر الجماجم! فقيل له : وشهدت الجماجم؟ فقال : نعم، ورميت فيها بسهم ، وليت يدى قطعت ولم أرم فيها.
~~ثم إنه نزل من على المنبر، وانهزم أهل العراق لا يلوون على شىء، ومضى عبد لرحمن فى أناس من أهل بيته إلى منزله، فخرجت إليه ابنته، فالتزمها، وخرج أهله يبكون؛ فأوصاهم بوصية وقال : لا تبكرا؛ فكم عسيت أن أبقى معكم، وإن الذى يرزقكم حى، ثم ودعهم وخرج من الكوفة، فقال الحجاج : لا تتبعوهم ، ومن رجع فهو آمن .
~~وجاء الحجاج إلى الكوفة فدخلها، فجاء الناس إليه، فكان لا يبايعه أحد إلا قال : تشهد أنك كفرت؟ فإذا قال : نعم، بايعه وإلا قتله، فجاء رجل من خيعم فقال له : أتشهد انك كافر؟ فقال: بثس الرجل أنا إن كنت عبدت الله عز وجل ثمانين ستة، ثم أشهد على تفسى بالكفر! قال : إذن أقتلك، قال : وإن قتلتنى فوالله ما بقى من عمرى ظمء حمار، وإنى لأنتظر الموت صباحا ومساء، فقال: اضربوا عنقه، فضربت عنقه، ودعا بكميل بن زياد فقتله، وأتى برجل فقال الحجاج : إنى أرى رجلا ما أظنه يشهد على نفسه بالكفر، فقال : أخادعى أنت عن نفسى؟ أنا أكفر أهل الأرض، وأكفر من فرعون ذى الأوتاد؛ الضحك الحجاج وخلى سبيله. وأقام الحجاج بالكوفة شهرا (1) وفيها كانت الوقعة بمسكن بين الحجاج وابن الأشعث، بعدما انهزم من دير الجماجم.
~~وفيها عزل عبد الملك أبان بن عثمان عن المدينة، واستعمل عليها هشام بن إسماعيل ----
Bogga 149