وهو حجر أرجواني أو بنفسجي مائل للزرقة.
الباب الثامن عشر
المستعمرات الفينيقية (1) استعمار قبرس
كانت سفائن الصوريين مثل سفائن بقية الأمم المشرقية عبارة عن مراكب لها نصف كويرتة (أي نصف سطح) تسير بالقلع والمجداف، وكان أصحابها يمخرون بها بحذاء الساحل، وما كانت تسافر إلا نهارا فإذا جاء المساء لجأت إلى جون بجانب رأس داخل في البحر.
وفي بعض الأحيان كانوا يجرون المراكب على البر حتى تبقى واقفة على الرمل، فينزل من فيها إلى الأرض لقضاء الليل ثم يسافرون في اليوم الثاني، وما كانوا يخاطرون بالسير في الغاطس بعيدا عن الشواطئ إلا إذا لم يكن لهم عن ذلك مندوحة لأجل عبور بوغاز فاصل بين قارتين أو لأجل الذهاب إلى جزيرة بعيدة.
وكانت قبرس أول جزيرة احتلها الفينيقيون وكثرت فيها مستعمراتهم منذ القرن السابع عشر قبل الميلاد، وكان الفينيقيون يستغلون ما أودعته فيها الطبيعة من أصول الثروة وموارد الرزق. واعلم أن هذه الجزيرة يخترقها جبلان من المشرق إلى المغرب يكادان يكونان متوازيين وبينهما واد يعجب السائحين إلى الآن بنضرته وكثرة خصوبته، وأخص محصولاته القمح والكرم والزيتون، وأكثر ثروته من المعادن خصوصا وكان نحاسها مشهورا جدا حتى إن الرومانيين اعتادوا على تسمية هذا المعدن بالقبرسي «كبريوم»، ومن هذا اللفظ اشتقت أسماء النحاس المستعملة في أغلب لغات أوروبا، وقد أقامت مدينة ببلوس المحراب الأكبر المخصص لبافوس (باف) على الساحل الغربي، وأما باقي الجزيرة فكان منقسما إلى ممالك صغيرة وهي كيتيوم (كيتين واسمها الآن شيتي) وأماثونت (أماثونطا) وكوريوم (كوري) وكل هذه الولايات كانت تعترف تارة بسيادة صور وأخرى بسيطرة صيدون، وبالأمة المصرية أو الآشورية التي كان أسيادها الصوريون أو الصيدونيون يؤدون لها الجزية. (2) الفينيقيون في بحر إيجه (المعروف الآن بالأرخبيل) وفي البحر الأسود
لم يكن للصوريين في الجنوب مستعمرات مستقلة بنفسها، إذ كانت مخازنهم في أغلب مدائن الدلتا تحت مراقبة الحكام المصريين. ولقد كثر عددهم في منف حتى صار لهم قسم منها استقلوا بسكناه ثم صرفوا وجهة عزيمتهم نحو آسيا الصغرى، فلم تلبث سواحل كيليكيا (لواء أطنه) المحاذية لقبرس أن كثرت بها المخازن التجارية العامرة الزاهرة، غير أن أهالي ليكيا (صوف زاوية) منعوهم من دخول بلادهم كل المنع وقاوموهم في ذلك أشد المقاومة، وأما الكاريون فما كان أسهل امتزاجهم بهم؛ إذ سمحوا للصيدونيين بالاستحواذ والسيادة على رودس، وخالطوهم بالمصاهرة وتشبهوا كل التشبه بأسيادهم المستجدين حتى صارت بلادهم تعرف باسم فينيقية؛ أي الأرض الفينيقية.
وفيما وراء رودس كان للملاح طريقان في البحر، أحدهما يوصله إلى الشمال نحو الهلسبنطس (مرمرا والدردانيل) فالبحر الأسود فاستعمر الفينيقيون مع الكاريين معظم جزائر الأرخبيل مثل ديلوس وباروس وميلوس
1
وأخذوا منها كثيرا من الشب والكبريت وغير ذلك، وجعلوا للؤلؤ مصايد نيسيرا (نجدلي غدا) وجياروس (جورا) وشيدوا معامل للصباغة والأقمشة في كوس (استانكوي) ثم وضعوا أيديهم على لمنوس (لمنو أو ستاليمين) وسموثراقة (سموثراكي أو سمندرك) وثاسوس (طاشيوز) واستخرجوا معادن الذهب في جبل بانجي (كستنيان أو بنهارطاغ) على ساحل ثراقة، ولما كان دأبهم مداومة السعي للبحث على أسواق جديدة يصرفون فيها بضائعهم، فقد جشموا أنفسهم الدخول في قنال هلسبنطس الضيق، ووصلوا إلى ذلك الحوض الفسيح الهادئ المعروف ببحر مرمرا، وبعد أن آمنوا على حرية مرورهم بهذا البوغاز بإنشاء مدينتي أبيدوس (نجارا أوبوردك) ولمبساك (جارداك) قد توطنوا في برونكتوس (قره مرسل
Bog aan la aqoon