- الباب الرابع عشر- في ذكر مبانيه وأوقافه
لما علم - تغمده الله برحمته - أن بقاء الآثار ، تقوم لمؤثرها مقام تطاول الأعمار ، وأن منسي الذكر بها يتجدد ، وهمة المؤثر تظهر بما عنه يخلد ، أعمل فكره في ابتناء ما قصرت عنه الملوك الأوايل ، وأنشأ ما تقصر دونه يد المتناول .
غرف من بناء دين ودنيا
يوجب الله منه أجر الباني
فبنى من الجوامع والمساجد والمعابد والمشاهد والقصور الرفيعة التي من دونها سبل العهاد ، والمنازل التي ضاهت إرم ذات العماد ، وأزرى إشراقها بالمشترى ، وعانقت شرفاتها قطع السحاب الممطر ، ودل اتقانها على همة منشئها ، فلو راها الرضي لعلم انها أحق بأن يقال فيها :
شهدت بفضل الرافعين قبابها
ويبين بالبنيان فضل الباني
وبنى ما هدمه التتر من المعاقل والحصون ، وجدد أماكن لم يخطر بالبال آنها تكون ، وجعل لها من رؤوس الأعداء تمايم وإن لم يكن بها جنون ، ووشح شرفاتها منطقة الجوزاء ، واعلاها حتى بلغ بها عنان السماء.
ذكر مبانيه بالديار المصرية
ما عمره بقلعة الجبل :
منها دار سماها بدار الذهب ؛ وتشتمل على إيوان ومجلس وصفتين وحرمية ، ويعلوها طبقة واحدة على باذهنجها طيارة ، وجدد بجوار هذه القاعة طباقا عدة ، وعمر بالرحبة التي تعرف برحبة الحبارج قبة محمولة على اثني عشر عمودا من الرخامالمون ، قد زخرفت وصور فيها صورته وساير آمرائه وحاشيته على هيئتهم في الموكب ، فكأن أبا الفتيان بن حيوس عناها بقوله :
Bogga 339