- الباب السابع- في ذكر ما اعتمده من أفعال البر
لما علم - تغمده برحمته - أن أفعال البر مما تقربه إلى الله زلفى ، وتقيه مصارع شرر شرها لا يطفى ، ثابر عليها مثابرة يرجو بها مضاعفة الثواب ، ويتخذها ذخيرةجدها يوم الحساب ، لا جرم آنه لما أراد الفوز بتحقيق أمله ، لم يخل من البر والصلة وضظايف عمله .
ما زال معتمدا للبر يفعله
فعل امرىء يذخر الدنيا لأخراه
والله ما وقف الأملاك رزق فتى
إلا وضاعفه جودأ وأجراه
كان - رحمه الله - ملازما للصلوات الخمس في أوقاتها سفرا وحضرا ، ولتحققه انها الصلة بينه وبين ربه ، وأنها الماحية لما قدمه بين يده من ذنبه .
كمل الشجاعة والخضوع لربه
ما أحسن المحراب في المحراب
كلف ساير مماليكه وحاشيته القيام بها والمحافضة عليها ، ورتب لكل طايفة من مماليكه معلما يعلمهم القرآن ، وإماما يصلي بهم ، وجعل عليهم عيونا حتى لا يخوضوا في حديث غير ما ندبوا إليه ، وكلفوا من التبتل له والدوام عليه .
ومنها أنه لم يشرب خمرأ قط مدة حياته ، على ما حكى لي من أثق إليه من ثقاته ، ولما ملك - رحمه الله - منع من كل مسكر وحضر عليه ، وحذر منه ، وأخذ خطوط ولاة ممالكه بأن لا يمكنوا أحدا من تعاطيه البتة ، وساوى في المنع بين أمرائه ورعيته ، وكان معدل ما يجنى فيه من الحقوق السلطانية ألف دينار في كل يوم ، وذلك بأعمال مصر لا غير . وكذلك منع المومسات وساير ما يرتكب من الفجور في ساير مالكه ، وكانت تؤخذ منها جبايات كثيرة ، كل ذلك رغبة في صيانة أعراض الناس وأموالهم ، وإصلاح ما تعمده الملوك من فساد أحوالهم .
Bogga 299