60

Taariikhda Makka

تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

Baare

علاء إبراهيم، أيمن نصر

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

Goobta Daabacaadda

بيروت / لبنان

أَبْرَهَة يكون بالجند ومحاليفها، فَلَمَّا تقَارب النَّاس ودنا بَعضهم من بعض أرسل أَبْرَهَة إِلَى أرياط لإنك " لَا تضع " بِأَن تلقى الْحَبَشَة بَعضهم بِبَعْض فتفنيها بسبأ، وَلَكِن أبرز إليّ وأبرز لَك فأينا أصَاب صَاحبه انْصَرف إِلَيْهِ جنده، فَأرْسل إِلَيْهِ أرياط أَن قد صدقت وَانْصَرف، فَخرج أرياط وَكَانَ رجلا عَظِيما طَويلا وسيمًا وَفِي يَده حَرْبَة لَهُ، وَخرج لَهُ أَبْرَهَة وَكَانَ رجلا قَصِيرا حادرًا رحِيما دحداحًا، وَكَانَ ذَا دين فِي النَّصْرَانِيَّة وَخلف أَبْرَهَة عبد لَهُ يحمى ظَهره يُقَال لَهُ: عتودة، فَلَمَّا دنا أَحدهمَا من صَاحبه رفع أرياط الحربة فَضرب بهَا رَأس أَبْرَهَة يُرِيد يأفوخه بِالْهَمْز فَوَقَعت الحربة على جبهة أَبْرَهَة فشرمت حَاجِبه وعينه وَأَنْفه وشفته فبذلك سمي أَبْرَهَة الأشرم، وَحمل غُلَام أَبْرَهَة على أرياط من خلف فزرقه بالحربة فَقتله، فَانْصَرف جند أرياط إِلَى أَبْرَهَة فاجتمعت عَلَيْهِ الْحَبَشَة بِالْيمن، وَكَانَ مَا صنع أَبْرَهَة من قَتله أرياط بِغَيْر علم النَّجَاشِيّ ملك الْحَبَشَة بِأَرْض البسوم من بِلَاد الْحَبَشَة، فَلَمَّا بلغه ذَلِك غضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ: عدا على أَمِيري بِغَيْر أَمْرِي فَقتله، ثمَّ حلف النَّجَاشِيّ لَا يدع أَبْرَهَة حَتَّى يطَأ أرضه ويجز ناصيته، فَلَمَّا بلغ ذَلِك أَبْرَهَة حلق رَأسه ثمَّ مَلأ جرابًا من تُرَاب أَرض الْيمن، ثمَّ بعث بِهِ إِلَى النَّجَاشِيّ وَكتب إِلَيْهِ: أَيهَا الْملك إِنَّمَا كَانَ أرياط عَبدك وَأَنا عَبدك اخْتَلَفْنَا فِي أَمرك وكلنَا طَاعَته لَك إِلَّا أَنِّي كنت أقوى على أَمر الْحَبَشَة مِنْهُ وأضبط، وَقد حلقت رَأْسِي كُله حِين بَلغنِي قسم الْملك وَبعثت بِهِ إِلَيْهِ مَعَ جراب من تُرَاب أرضي ليضعه تَحت قَدَمَيْهِ فيبر بذلك قسمه، فَلَمَّا انْتهى ذَلِك إِلَى النَّجَاشِيّ كتب إِلَيْهِ أَن اثْبتْ بِأَرْض الْيمن حَتَّى يَأْتِيك أَمْرِي، فَأَقَامَ أَبْرَهَة بِالْيمن، وَبنى أَبْرَهَة عِنْد ذَلِك الْقليس بِصَنْعَاء إِلَى جنب غمدان فَبنى كَنِيسَة وأحكمها وسماها الْقليس، وَكتب إِلَى النَّجَاشِيّ ملك الْحَبَشَة: إِنِّي قد بنيت لَك

1 / 79