الظلام، ويرعى عَلَيْهِمَا عَامر بن فهَيْرَة مولى أبي بكر منحة من لبن فيريحها عَلَيْهِمَا حَتَّى تذْهب سَاعَة من الْعشَاء، فيبيتان فِي رسل حَتَّى ينعق بهما عَامر بِغَلَس فَفعل ذَلِك فِي كل لَيْلَة من تِلْكَ اللَّيَالِي، واستأجر رَسُول الله ﷺ وَأَبُو بكر رجلا من بني الديل هاديًا ماهرًا بالهداية وَهُوَ على دين كفار قُرَيْش فأمناه فدفعا إِلَيْهِ راحلتيهما، وواعده غَار ثَوْر بعد ثَلَاث براحلتيهما، وَانْطَلق مَعَهُمَا عَامر بن فهَيْرَة وَالدَّلِيل فَأخذ بهم طَرِيق السواحل، وَكَانَ اسْم دليلهم عبد الله بن أريقط اللَّيْثِيّ، وَلم يعرف لَهُ إِسْلَام بعد ذَلِك، وَكَانَت هجرته ﷺ يَوْم الِاثْنَيْنِ لثمان خلون من شهر ربيع الأول. وَقيل: كَانَت آخر لَيْلَة من صفر، وعمره إِذْ ذَاك ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة وَتِسْعَة أشهر بعد الْمِعْرَاج بِسنة وشهرين وَيَوْم وَاحِد، فَكَانَ بَين الْبَعْث وَالْهجْرَة اثْنَا عشر سنة وَتِسْعَة أشهر وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَقيل: كَانَت إِقَامَته بِمَكَّة بعد النُّبُوَّة ثَلَاث عشرَة سنة. ومروا على خَيْمَتي أم معبد الْخُزَاعِيَّة فِي قديد، وَكَانَت امْرَأَة بَرزَة جلدَة تَحْتَبِيَ وتجلس بِفنَاء الْخَيْمَة أَو الْقبَّة ثمَّ تَسْقِي وَتطعم، فَسَأَلُوهَا تَمرا وَلَحْمًا لِيَشْتَرُوهُ فَلم يُصِيبُوا عِنْدهَا شَيْئا من ذَلِك وَإِذا الْقَوْم مرملون مسنتون فَقَالَت: لَو كَانَ عندنَا شَيْء مَا أعوزكم الْقرى. فَنظر النَّبِي ﷺ إِلَى شَاة فِي كرّ خيمتها فَقَالَ: " مَا هَذِه الشَّاة يَا أم معبد؟ " فَقَالَت: شَاة خلفهَا الْجهد عَن الْغنم فَقَالَ: " هَل بهَا من لبن؟ " فَقَالَت: هِيَ أجهد من ذَلِك. قَالَ ﷺ: " أفتأذنين لي أَن أَحْلَبَهَا؟ " قَالَت: نعم بِأبي أَنْت وَأمي إِن رَأَيْت بهَا حَلبًا فاحلبها. فَدَعَا النَّبِي ﷺ بِالشَّاة فَمسح ضرْعهَا، وَذكر اسْم الله