Taariikhda Makka
تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف
Baare
علاء إبراهيم، أيمن نصر
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م
Goobta Daabacaadda
بيروت / لبنان
ﷺ: " ألفى ذَلِك أم إِسْمَاعِيل، وَقد أحبت الْأنس " فنزلوا وبعثوا إِلَى أَهْليهمْ، فقدموا وَسَكنُوا تَحت الدوح واعترشوا عَلَيْهَا الْعَرْش، فَكَانَت مَعَهم هِيَ وَابْنهَا. قَالَ بعض أهل الْعلم: كَانَت جرهم تشرب من مَاء زَمْزَم فَمَكثت بذلك مَا شَاءَ الله أَن تمكث، فَلَمَّا استخفت جرهم بِالْحرم وتهاونت بِحرْمَة الْبَيْت، وأكلوا مَال الْكَعْبَة الَّذِي يهدى لَهَا سرا وَعَلَانِيَة وارتكبوا مَعَ ذَلِك أمورًا عظامًا، نضب مَاء زَمْزَم وَانْقطع فَلم يزل مَوْضِعه يدرس ويتقادم وتمر عَلَيْهِ السُّيُول عصرًا بعد عصر حَتَّى عفى مَكَانَهُ، وسلط الله خُزَاعَة على جرهم فأخرجتهم من الْحرم وَوليت عَلَيْهِم الْكَعْبَة وَالْحكم بِمَكَّة، وَمَوْضِع زَمْزَم فِي ذَلِك داثر لَا يعرف؛ لتقادم الزَّمَان حَتَّى بوأه الله لعبد الْمطلب بن هَاشم لما أَرَادَ الله تَعَالَى من ذَلِك فخصه بِهِ من بَين قُرَيْش. وَقيل: إِن جرهمًا دفنت زَمْزَم حِين ظعنوا من مَكَّة وَاسْتولى عَلَيْهَا غَيرهم. قَالَ السُّهيْلي: وَلما أحدثت جرهم فِي الْحرم واستخفوا بالمناسك وَالْحرم، وبغى بَعضهم على بعض واجترم، تغوّر مَاء زَمْزَم واكتتم، فَلَمَّا أخرج الله جرهم من مَكَّة بالأسباب الَّتِي ذَكرنَاهَا، عمد الْحَارِث بن مضاض الْأَصْغَر إِلَى مَا كَانَ عِنْده من مَال الْكَعْبَة وَفِيه غزالان من ذهب وأسياف قلعية كَانَ أهداها ساسان ملك الْفرس، وَقيل: سَابُور، وَذكروا أَن الْأَوَائِل من مُلُوك الْفرس كَانَت تحج الْكَعْبَة إِلَى عهد ساسان أَو سَابُور، فَلَمَّا علم ابْن مضاض أَنه مخرج مِنْهَا جَاءَ فِي اللَّيْل حَتَّى دفن ذَلِك فِي زَمْزَم وغطى عَلَيْهَا، وَلم تزل دارسة عافيًا اثرها حَتَّى آن مولد الْمُبَارك الَّذِي كَانَ يستسقى بِوَجْهِهِ غيث السَّمَاء، وتتفجر من بنانه ينابيع المَاء صَاحب الْكَوْثَر والحوض الرّواء، فَلَمَّا آن ظُهُوره أذن الله لسقيا أَبِيه أَن تظهر وَلما اندفن من مَائِهَا أَن يجْهر، فَكَانَ ﷺ قد سقت النَّاس بركته قبل أَن يُولد وَسقوا بدعوته وَهُوَ طِفْل حِين أجدب بهم الْبَلَد، وَذَلِكَ حِين خرج بِهِ جده مستسقيًا لقريش، وسقيت الخليقة غيوث السَّمَاء فِي حَيَاته الفينة بعد الفينة والمرة بعد الْمرة، تَارَة بدعائه وَتارَة ببنانه وَتارَة بإلقاء سَهْمه، ثمَّ بعد مَوته ﷺ استشفع عمر بِعَمِّهِ إِلَى الله تَعَالَى إِلَى عَام الرَّمَادَة وَأقسم عَلَيْهِ بِهِ وبنبيه، فَلم يبرح حَتَّى قلصوا
1 / 134