Taariikhda Mabaadi'da Dhaqaalaha
محاضرات في تاريخ المبادئ الاقتصادية والنظامات الأوروبية
Noocyada
انتقاد تلك النظامات
والذي كان ينتقد على هذه النظامات هو تسخيرها لإرادة الفرد، وجعله أداة للمجموع، وتقييد أعماله وأوقاته بحيث كان عبارة عن آلة متحركة تعمل ما تؤمر به بدون إرادة، وكان ذلك لا شك لاختلاط السلطتين الدينية والدنيوية، فلما تقدمت الأمم زالت تلك القيود شيئا فشيئا بانفصال السلطتين، ودخلت المسائل الاقتصادية في حيز الحياة الاجتماعية المستقلة تمام الاستقلال عن الحياة الدينية.
الاقتصاد عند اليونان
فأنتم ترون أيها الإخوان أن أول من ظهرت لديهم أفكار اقتصادية كانوا المشارقة، ثم تلاهم اليونان أصحاب المدنية الكبرى.
وأول من كتب من علماء اليونان في الاقتصاد الحكيم هسيود مؤلف كتاب «الأعمال والأيام»، ومعظم أفكار هذا الفيلسوف ومبادئه يشبه مبادئ وأفكار المشارقة التي سبق الكلام عليها.
ثم جاء أفلاطون وألف كتاب «الجمهورية» الشهير. وليس في هذا الكتاب فصول خاصة بالاقتصاد، إنما وردت فيه عرضا عبارات اقتصادية غايتها وضع الفرد تحت تصرف الهيئة السائدة في كل الشئون، وتلاشي شخصيته حيال شخصية الحكومة. وكانت غاية أفلاطون من هذا الكتاب هي وصف حياة اجتماعية خيالية تسعى سعيا متواصلا للسعادة البشرية المطلقة، وهو بذلك أول من ابتدع طريقة الكتابة عن الإيتوبيات
utopie ، فالحال الاقتصادية التي وصفها كانت هي التي يريد تحقيقها في جمهوريته الخيالية.
ثم تلاه زنيوفون الذي كتب كتابا واحدا خاصا بالاقتصاد، وقد ظهرت في هذا الكتاب همة رجال الأعمال الحقيقية، أما الكتاب فاسمه
Acconomicus
أي التدبير وقد قصره على فن التدبير المنزلي ليس إلا، ويمتاز هذا الكتاب ببعض مبادئ جديدة أصبحت بعد قرون طويلة علما على فئة من الاقتصاديين الفرنساويين، اسمهم الفيزوقراطيون سيأتي الكلام عليهم بالتفصيل، فمن تلك المبادئ تفضيل زينوفون الزراعة على سائر الفنون، ومنها احترام حق الملكية، ومنها تقليل ساعات العمل، بحيث يصبح في وسع أهل المدينة التفرغ لبعض الأعمال العقلية والأدبية.
Bog aan la aqoon