وأما علم الحساب: فهو أعسر شيء علي وأبعده عن ذهني، وإذا نظرت إلى مسألة تتعلق به، فكأنما أحاول جبلًا أحمله.
وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى. أقول ذلك، تحدثًا بنعمة الله علي، لا فخرًا، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيله بالفخر! وقد أزف الرحيل، وبدا الشيب، وذهب أطيب العمر، ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفًا بأقوالها وأدلتها العقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل الله، لا بحولي ولا بقوتي، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئًا في المنطق، ثم ألقى الله كراهته في قلبي، وسمعت ابن الصلاح أفتى بتحريمه فتركته لذلك فعوضني الله تعالى عنه علم الحديث الذي هو أشرف العلوم.
وأما مشايخي في الرواية سماعًا وإجازة فكثير، أوردتهم في المعجم الذي جمعتهم فيه، وعدتهم نحو مائة وخمسين، ولم أكثر من سماع الرواية؛ لاشتغالي بما هو أهم، وهو قراءة الدراية١.
_________
١ حسن المحاضرة "١: ٥٣٣-٩٣٣".
1 / 7