الجزء الاوّل من تاريخ الخميس فى أحوال أنفس نفيس
* (بسم الله الرحمن الرحيم) *
ذكر ترتيب الكتاب على مقدّمة وثلاثة أركان وخاتمة
الحمد لله الذى خلق نور نبيه قبل كل أوائل* ثم خلق منه كل شئ من الاعالى والاسافل* ثم أودعه فى الاصلاب الطيبة الجلائل* ورباه فى الارحام الطاهرة من الرذائل* فقلبه فى الآباء والامّهات الجزائل* حتى أظهره من أطهر بيت من خير الشعوب والقبائل* محمد المخصص بأبين السير وأحسن الشمائل* المؤيد بأثبت المعجزات وأوضح الدّلائل* صلى الله عليه وعلى اخوانه المصطفين أولى أكمل الفضائل* وعلى آله وأصحابه المقتدين ذوى أجمل الخصائل* (أما بعد) فيقول المستوهب من الله ذى المنن العبد الضعيف حسين بن محمد بن الحسن الديار بكرى غفر الله له ولو الديه* ونوّلهم كرامة لديه* هذه مجموعة فى سير سيد المرسلين وشمائل خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين* انتخبتها من الكتب المعتبرة تحفة للاخوان الكرام البررة وهى التفسير الكبير والكشاف وحاشيته للشريف الجرجانى والكشف والوسيط ومعالم التنزيل وأنوار التنزيل ومدارك التنزيل وتفسير القشيرى وبحر العلوم والنهر ولباب التأويل وتفسير الحدّادى وعمدة المعانى وزاد المسير لابن الجوزى وتفسير الينابيع وتبصير الرحمن وتفسير أبى الليث السمرقندى وصحيحا البخارى ومسلم وسنن الترمذى وشمائله وسنن أبى داود والنسائى وابن ماجه والمصابيح وشرح السنة والمشكاة وشرحها للطيبى ومشارق الانوار للصغانى والموطأ وشرحا صحيح البخارى لابن حجر والكرمانى ومسند الامام أحمد ومستدرك الحاكم وجامع الاصول لابن الاثير والنهاية له وأسد الغابة والكامل له والشفاء وشعب الايمان للبيهقى ودلائل النبوّة له واحياء العلوم والتلقيح لابن الجوزى وصفوة الصفوة له وشرف المصطفى له والحدائق له والوفاء له وخلاصة الوفا للسمهودى
1 / 2
وايضاح النووى والمنهاج له والاذكار له ورياض الصالحين له والنجم الوهاج ومعجم الطبرانى وذخائر العقبى للمحب الطبرى والسمط الثمين له وخلاصة السير له والرياض النضرة له والمتقى وشواهد النبوّة والمواهب اللدنية لاحمد القسطلانى وروضة الاحباب وأسماء الرجال ومزيل الخلفا وسيرة ابن هشام واكتفاء الكلاعى والاستيعاب لابن عبد البرّ وسيرة اليعمرى وسيرة الدمياطى وسيرة مغلطاى ومناسك الكرمانى والتذنيب للرافعى وهدى ابن القيم والتنبيه لابى الليث السمرقندى وفصل الخطاب والفتوحات المكية وربيع الابرار وحياة الحيوان وتلخيص المغازى وزين القصص وأمثال العسكرى وكتاب الاعلام للسهروردى وتاريخ مكة للازرقى وتاريخ اليافعى وشفاء الغرام للقاسى ودول الاسلام للذهبى وشرح المواقف للشريف الجرجانى وشرح المقاصد للتفتازانى وشرح العقائد العضدية للدوانى وتفسير قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ له وأنموذج العلوم له وعقائد الفيروزابادى وفصوص الحكم والعروة الوثقى وشرعة الاسلام والملل والنحل لمحمد الشهرستانى والهداية والمضمرات وكنز العباد والمهمات وتشويق المساجد والمختصر الجامع وصحاح الجوهرى والقاموس وسامى الاسامى ومورد اللطافة والاصل الاصيل للسخاوى والفوائد والانس الجليل وبهجة الانوار والعوارف ومعجم ما استعجم للبكرى وأنموذج اللبيب للسيوطى والكشف له والدرجة المنيفة له والعرائس للثعلبى وسح السحابة وأصول الصفار والبحر العميق وسر الادب والانسان الكامل* (وسميتها) * بالخميس فى أحوال أنفس نفيس* ورتبتها على مقدّمة وثلاثة أو كان وخاتمة* (أما المقدّمة) ففى الحوادث من أوّل خلق نوره الى زمان ولادته وظهوره وهى ثلاث طلائع (الطليعة الاولى) فى تعريف النبىّ ﷺ والرسول وأولى العزم والخاتم والفرق بينهم وبين البشر والملك وبين النبى والولى والساحر وفى أوّل ما خلق الله وما بدأ من أنواره قبل وجوده الصورى وخلق طينته قبل طينة آدم وحديث صور الانبياء وذكر دلائل نبوّته وعلامات رسالته من بشائر الكتب القديمة والعلماء المتقدّمين وأخبار الجنّ والكهنة (الطليعة الثانية) فى ذكر خلق السماء والارض ومدّة خلقهما وخلق الملائكة والجان وذكر مدّة الدنيا وذكر مدّة هذه الامّة وابتداء خلق آدم وحوّاء وذكر الروح وذكر عيسى ومريم ويحيى وأخذ الميثاق وكيفية انتقاله من الاصلاب الطيبة الى الارحام الطاهرة وبالعكس وبيان نسبه من الطرفين وذكر مولد ابراهيم وذكر القائه فى النار وذكر الشأم والارض المقدّسة وذكر أوّلية الكعبة وعدد بنائها ومن تولى بناءها وفيها ذكر ذى القرنين ويأجوج ومأجوج والدجال والخضر ودابة الارض وبدء ظهور زمزم فى زمن اسماعيل وانطماسها بعده وبقائها منطمسة الى زمن عبد المطلب وفيها ذكر يعقوب ويوسف وذكر قتل شعياء وتخريب بخت نصر بيت المقدس وقصة قتل زكريا ويحيى وذكر ظهور زمزم فى زمن عبد المطلب ثانيا (الطليعة الثالثة) فى ولادة عبد الله ونذر عبد المطلب ذبحه وعرض عبد الله عليه وتزوّجه آمنة وقصة الخثعمية ووقائع مدّة الحمل من وفاة عبد الله وقصة أصحاب الفيل (وأما الاركان الثلاثة فالركن الاوّل) فى الحوادث من عام ولادته الى زمان نبوّته وفيه ثلاثة أبواب (الباب الاوّل) فى الوقائع من عام ولادته الى السنة الحادية عشر من تاريخ ولادته وما وقع حين الولادة وذكر الختان وذكر أسمائه وألقابه وكناه وشمائله وصفاته وخصائصه ومعجزاته وارضاع الاظآر وعددها وما وقع عند حليمة من شق الصدر وغيره وولادة أبى بكر الصدّيق وفقد حليمة النبى ﷺ فى الطريق حين ردّته الى أمّه ووفاة أمّه وولادة عثمان بن عفان وكفالة عبد المطلب ورمده واستسقاء عبد المطلب وحديث سيف بن ذى يزن وذكر سليمان وبلقيس ووفاة عبد المطلب وكفالة أبى طالب وموت حاتم الطائى وموت كسرى أنو شروان وولاية ابنه هرمز
1 / 3
السلطنة وخروج أبى طالب عم النبى ﷺ الى الشأم وحرب الفجار الاوّل وشق الصدر على قول (الباب الثانى) فى الحوادث من السنة الثانية عشر من مولده الى السنة الرابعة والعشرين من ارتحال أبى طالب مع النبى ﷺ الى الشام وذكر رعيه الغنم ومولد عمر بن الخطاب والفجار الثانى وعزم الزبير بن عبد المطلب أو العباس لسفر اليمن وخلع هرمز عن السلطنة وقتله وتولى كسرى برويز السلطنة وحرب الفجار الثانى عند البعض وتجارة الشأم مع أبى بكر وحلف الفضول وشكايته الى عمه من آت يأتيه منذ ليال وهدم الكعبة وبنائها فى قول بعض العلماء (الباب الثالث) فى الحوادث من السنة الخامسة والعشرين الى السنة الاربعين من مولده ﷺ من خروجه الى الشأم مع ميسرة عبد خديجة وقصة نسطور الراهب وتزوّج خديجة ووليمته وذكر سائر أزواجه اجمالا وذكر سراريه وأولاده وتزويج بناته وأختانه وولادة علىّ بن أبى طالب وهدم الكعبة وبنائها وولادة فاطمة وموت زيد بن عمرو بن نفيل ورؤيته الضوء والنور وقتل كسرى برويز النعمان بن المنذر (الركن الثانى) فى الحوادث من ابتداء نبوّته الى زمان هجرته من صفة نزول الوحى ورمى الشياطين بالشهب وانقصام طاق كسرى وأوّل من أسلم واخفاء الدعوة ووفاة ورقة بن نوفل واظهار الدعوة وولادة عائشة وهجرة الحبشة وايذاء المشركين ووفاة سمية بنت حباط واسلام حمزة وعمر بن الخطاب ووقعة بغاث وتقاسم قريش على معاداة بنى هاشم وبنى المطلب ونزول سورة الروم وانشقاق القمر ووفاة أبى طالب وخديجة وذكر ثقيف ووفود الجنّ وتزوّج سودة وعائشة وبدء اسلام الانصار وذكر المعراج وفرض الصلوات الخمس وبيعة العقبة الاولى وبيعة العقبة الثانية وهجرة أبى بكر الى الحبشة وبدء هجرة الاصحاب الى المدينة ومشاورة قريش فى حبسه أو قتله أو اخراجه واخبار جبريل اياه بذلك واذنه له بالهجرة (الركن الثالث) فى الحوادث من ابتداء نبوّته الى زمان هجرته ووفاته وفيه أحد عشر موطنا (الموطن الأوّل) فى وقائع السنة الاولى من الهجرة وفيه فصلان (الفصل الاوّل) فى خروجه مع أبى بكر من مكة الى الغار ولبثهما فيه ثلاثة أيام وخروجهما من الغار وتوجههما الى المدينة وما وقع لهما فى الطريق من ادراك سراقة ومرورهما بخيمتى أمّ معيد ولقيهما بريدة بن الخصيب ولقيهما طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوّام فى الطريق وموت البراء ابن معرور واستقبال أهل المدينة ونزولهما بقباء ولبثهما فى بنى عمرو بن عوف وتأسيسه مسجد قباء (الفصل الثانى) فى انتقاله من قباء الى باطن المدينة وأوّل جمعة صليت فى الاسلام قبل قدومه باطن المدينة ونزوله على أبى أيوب وسكناه بداره وبناء المسجد وموت كلثوم بن المهدم واسلام عبد الله بن سلام وموت أسعد بن زرارة وابتداء خدمة أنس والزيادة فى صلاة الحضر ووعك أبى بكر والصحابة واسلام سلمان والمواخاة بين المهاجرين والانصار وموادعة اليهود وموت العاص بن وائل من مشركى مكة وبعث زيد بن حارثة الى مكة للاتيان بعياله وولادة النعمان بن بشير وولادة عبد الله بن الزبير وذكر فاطمة بنت النعمان وتكلم الذئب وابتداء الغزوات وبعث حمزة بن عبد المطلب الى سيف البحر وسرية عبيدة بن الحارث الى بطن رابغ وبنائه بعائشة وبعث سعد بن أبى وقاص الى الخرار وابتداء الاذان (الموطن الثانى) فى حوادث السنة الثانية من الهجرة من صوم عاشوراء وتزوّج علىّ بفاطمة وغزوة الابواء وودّان وغزوة بواط وغزوة العشيرة وتسكنية علىّ بأبى تراب وغزوة بدر الاولى وسرية عبد الله بن جحش وتحويل القبلة وتجديد مسجد قباء ونزول فرض رمضان وغزوة بدر الكبرى وغلبة الروم على فارس ووفاة رقية وقتل عمير بن عدى العصماء وصلاة الفطر وزكاته وفرض زكاة الاموال وغزوة قرقرة الكدر وسرية سالم بن عمير وغزوة بنى قينقاع وغزوة السويق وموت عثمان
1 / 4
ابن مظعون وصلاة العيد والتضحبة وبناء علىّ بفاطمة وموت أمية بن أبى الصلت (الموطن الثالث) فى وقائع السنة الثالثة من الهجرة من سرية محمد بن سلمة لقتل كعب بن الاشرف وتزوّج عثمان أم كلثوم وغزوة غطفان وغزوة نجران وسرية زيد بن حارثة الى قردة وتزوّج حفصة وتزوّج زينب بنت خزيمة وذكر ميلاد الحسن وغزوة أحد ومقتل حمزة ومصعب بن عمير وأنس بن النضر وثابت بن دحداح وحنظلة غسيل الملائكة وجحدر بن زياد وغزوة حمراء الاسد وسرقة طعمة بن الابيرق وعلوق فاطمة بالحسين (الموطن الرابع) فى وقائع السنة الرابعة من الهجرة من سرية أبى سلمة الى قطن ووفاته وسرية عبد الله بن أنيس الى قتل سفيان بن خالد وسرية المنذر بن عمرو الى بئر معونة وسرية عاصم الى الرجيع وسرية عمرو بن أمية الضمرى الى مكة لقتل أبى سفيان وغزوة بنى النضير ووفاة زينب بنت خزيمة وغزوة ذات الرقاع وصلاة الخوف فيها ووفاة عبد الله بن عثمان وولادة الحسين بن على وتعلم زيد بن ثابت كتاب اليهود وغزوة بدر الصغرى الموعودة وتزوّج أم سلمة ورجم اليهوديين ووفاة فاطمة بنت أسد وتحريم الخمر عند البعض (الموطن الخامس) فى وقائع السنة الخامسة من الهجرة من فك سلمان من الرق وغزوة دومة الجندل ووفاة أم سعد بن عبادة وخسوف القمر وشدّة قريش ووفد بلال بن الحارث المزنى وقدوم ضمام بن ثعلبة وغزوة المريسيع وتسمى غزوة بنى المصطلق أيضا وتنازع جهجاه وقدوم مقبس بن حبابة ونزول آية التيمم وتزوّج جويرية وافك عائشة وغزوة الخندق وغزوة بنى قريظة وقصة أولاد جابر وتزوّج زينب بنت جحش ونزول آية الحجاب وزلزلة المدينة وسقوطه عن الفرس ومسابقة الخيل ونزول فرض الحج والنهى عن ادّخار لحوم الاضاحى (الموطن السادس) فى وقائع السنة السادسة من الهجرة من سرية محمد بن مسلمة الى القرظان وقصة ثمامة وكسوف الشمس وغزوة بنى لحيان وبعث أبى بكر الى كراع الغميم وزيارة النبى ﷺ قبر أمّه وغزوة الغابة وسرية عكاشة الى عمرو وسرية محمد بن مسلمة الى ذى القصة وسرية أبى عبيدة بن الجرّاح الى مصارع أصحاب محمد بن مسلمة وسرية زيد بن حارثة الى بنى سليم بالجموم وسرية زيد بن حارثة الى العيص وسرية زيد بن حارثة الى الطرف وسرية زيد بن حارثة الى حسمى وسرية كرز بن جابر الفهرى الى العرنيين وسرية زيد بن حارثة الى وادى القرى وبعث عبد الرحمن بن عوف الى بنى كلب وبعث علىّ بن أبى طالب الى بنى سعد وسرية زيد بن حارثة الى أم قرفة وسرية عبد الله بن عتيك لقتل أبى رافع والاستسقاء وسرية عبد الله بن رواحة الى أسير بن رازم اليهودى بخيبر وسرية زيد بن حارثة الى مدين وغزوة الحديبية وبيعة الرضوان ونزول حكم الظهار ووفاة أم رومان وتحريم الخمر وتزوّج أم حبيبة (الموطن السابع) فى وقائع السنة السابعة من الهجرة من اتخاذ الخاتم وارسال الرسل الى ملوك الاطراف وسحره ﷺ وبعث أبان بن سعيد قبل نجد واسلام أبى هريرة وغزوة خيبر وسمه بها واستصفاء صفية وفتح فدك وطلوع الشمس بعد غروبها وفتح وادى القرى وليلة التعريس والبناء بأمّ حبيبة وسرية عمر بن الخطاب الى تربة وبعث أبى بكر الى بنى كلاب وبعث بشر بن سعد الى بنى مرّة وبعث غالب بن عبد الله الى الميفعة وبعث بشر ابن سعد الى يمن وجبار وبعث سرية قبل نجد وكتابه الى جبلة بن الايهم وقتل شيرويه أباه ووصول هدية المقوقس وعمرة القضاء وتزوّج ميمونة وسرية ابن أبى العوجاء الى بنى سليم (الموطن الثامن) فى وقائع السنة الثامنة من الهجرة من اسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة وتزوّج فاطمة بنت الضحاك وسرية غالب بن عبد الله الليثى الى بنى الملوح وسرية غالب بن عبد الله الى مصاب اصحاب بشر بن سعد بفدك واتخاذ المنبر والقصاص
وسرية شجاع بن وهب الى بنى عامر
1 / 5
بالثنى وسرية كعب بن عمير الغفارى الى ذات الهلاح وسرية عمرو بن العاص الى ذات السلاسل وسرية أبى عبيدة بن الجرّاح الى سيف البحر وسرية أبى قتادة الى خضرة وسرية أبى قتادة الى بطن اضم وسرية عبد الله بن أبى حدود الى الغابة وغزوة فتح مكة واسلام أبى سفيان بن حرب واسلام أبى قحافة واسلام حكيم بن حزام واسلام عكرمة بن ابى جهل وسرية خالد بن الوليد عقب فتح مكة الى العزى بنخلة وسرية عمرو بن العاص الى سواع صنم هذيل وسرية سعد بن زيد الاشهلى الى مناة صنم الاوس وسرية خالد بن الوليد الى بنى خزيمة وغزوة حنين وسرية أبى عامر الى أوطاس وسرية الطفيل ابن عمرو الدوسى الى ذى الكفين وغزوة الطائف واسلام صفوان بن أمية واسلام مالك بن عوف النضرى وبعث عمرو بن العاص الى عمان وبعث العلاء الحضرمى الى البحرين واسلام عروة بن مسعود الثقفى وبعث قيس بن سعد بن عبادة الى ناحية اليمن وتزوّج مليكة السكندية وطلاق سودة وولادة ابراهيم وابتداء لوفود ووفاة زينب (الموطن التاسع) فى وقائع السنة التاسعة من الهجرة من بعث عيينة بن حصن الفزارى الى بنى تميم وبعث الوليد بن عقبة بن أبى معيط الى بنى المصطلق وسرية قطبة بن عامر الى خثعم وبعث الضحاك الى بنى كلاب وسرية علقمة الى الحبشة وبعث على بن أبى طالب الى الفلس صنم طى وسرية عكاشة الى الحباب واسلام كعب بن زهير وتتابع الوفود وقصة الايلاء وغزوة تبوك وسرية خالد بن الوليد الى اكيدر وكتابه الى هرقل وموت عبد الله ذى النجادين وهدم مسجد الضرار وقصة كعب بن مالك وصاحبيه وارجاء أمرهم وقصة اللعان واسلام ثقيف ومجئ كتاب ملوك حمير ورجم الغامدية ووفاة النجاشى ووفاة أم كلثوم وموت عبد الله بن أبىّ بن سلول وحج أبى بكر وقتل فارس ملكهم شهريار بن شيرويه وتمليكهم توران بنت كسرى (الموطن العاشر) فى وقائع السنة العاشرة من الهجرة من قدوم عدى بن حاتم وبعث أبى موسى ومعاذ بن جبل الى اليمن وبعث خالد بن الوليد الى بنى الحارث بنجران وبعث على بن أبى طالب الى اليمن وبعث جرير بن عبد الله البجلى الى تخريب ذى الخلصة وبعث جرير الى ذى الكلاع وبعث أبى عبيدة بن الجرّاح الى نجران وقصة بديل وتميم الدارى ووفاة ابراهيم وانكساف الشمس يوم مات ابراهيم وظهور جبريل فى مجلس النبى ﷺ وقدوم فيروز الديلمى واسلام فروة بن عمرو الجذامى وحجة الوداع ومجىء صبى فى حجة الوداع وموت باذان ونزول آية الاستئذان وموت أبى عامر الراهب (الموطن الحادى عشر) فى وقائع السنة الحادية عشر من الهجرة من قدوم وفد النخع والاستغفار لاهل البقيع وسرية أسامة بن زيد الى نبى وذكر الاسود العنسى وذكر مسيلمة الكذاب وسجاح وطليحة وذكر ما وقع قبل مرضه وما وقع فى مرضه ومدّة مرضه وذكر سنه ووقت موته وذكر بيعة أبى بكر وذكر غسله وتكفينه والصلاة عليه وقبره ودفنه والندب عليه وميراثه وتركته وحكمه فيها ورؤيته فى المنام وذكر زيارته ﷺ وسائر المزارات بالمدينة (وأما الخاتمة) ففيها فصلان (الفصل الاوّل) فى المتفرّقات من أرقائه وحرسه وخدمه ومن كان يضرب الاعناق بين يديه وذكر مواليه وأمرائه ورسله وكتابه ومؤذنيه وخطبائه وشعرائه وحداته وذكر خيله ولقاحه ودوابه وآلات حروبه ولباسه وذكر من وفد عليه (الفصل الثانى) فى ذكر الخلفاء الراشدين وذكر خلفاء بنى أمية والعباسيين.
الطليعة الاولى فى تعريف النبىّ والرسول
* (الطليعة الاولى من المقدّمة فى تعريف النبى والرسول واولى العزم والخاتم والفرق بينهم وبين البشر والملك وبين النبى والولى والساحر وفى أوّل ما خلق الله وما بدأ من أنواره قبل وجوده الصورى وخلق طينته قبل طينة آدم وحديث صور الانبياء وذكر دلائل نبوّته وعلامات رسالته من بشائر الكتب القديمة والعلماء المتقدّمين وأخبار الجنّ والكهنة) *
1 / 6
قال فى شواهد النبوّة اعلم أن النبى عبارة عن انسان أنزل عليه شريعة من عند الله بطريق الوحى تتضمن تلك الشريعة بيان كيفية تعبده لله تعالى فاذا أمر بتبليغها الى الغير يسمى رسولا* وفى الفتوحات المكية النبى هو الذى يأتيه الملك بالوحى من عند الله يتضمن ذلك الوحى شريعة يتعبد بها فى نفسه فان بعث بها الى غيره كان رسولا* وفى شرح العقائد العضدية للشيخ جلال الدين الدوانى النبى انسان بعثه الله الى الخلق لتبليغ ما أوحاه الله اليه والرسول قد يستعمل مراد فاله وقد يختص بمن هو صاحب كتاب فيكون أخص من النبى* وفى أنوار التنزيل الرسول من بعثه الله تعالى بشريعة مجدّدة يدعو الناس اليها والنبى يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق كأنبياء بنى اسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام ولذلك شبه النبى ﷺ علماء أمّته بهم حيث قال علماء أمّتى كأنبياء بنى اسرائيل فالنبى أعم من الرسول ويدل عليه أنه سئل ﷺ عن الانبياء فقال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قيل- كم الرسل منهم قال ثلثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا* وقيل الرسول من جمع الى المعجزة كتابا منزلا عليه والنبى غير الرسول من لا كتاب له وقيل الرسول من يأتيه الملك بالوحى والنبى يقال له ولمن يوحى اليه فى المنام* وفى العروة الوثقى كل من كان تصرفه فى ظواهر الخلق فهو سلطان وكل من كان تصرفه فى ظواهر الخلق وبواطن المؤمنين به مؤيدا من عند الله مستغنيا بنفسه فى التلقى من ربه عن بشر مثله فهو نبىّ فالنبى سلطان فى الظاهر ولىّ فى الباطن مستغن فى ارشاد الخلق عن بشر مثله فاذا اجتمعت السلطنة والولاية فى شخص واحد انتشر العدل فى الظاهر والباطن ويتم امر معاش الناس ومعادهم على نحو أكمل وأفضل والرسول عامّ يطلق على الملك والبشر والنبى خاص لا يطلق الا على البشر* وفى معالم التنزيل وجملتهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا والرسل منهم ثلثمائة وثلاثة عشر كما مر والمذكور فى القرآن باسم العلم ثمانية وعشرون نبيا* وفى الينابيع روى الكلبى عن كعب الاحبار أن عدد الانبياء ألفا ألف ومائتا ألف وخمسة وعشرون ألفا والرسل ثلثمائة وثلاثة عشر* وفى العمدة لم يبعث الله نبيا من أهل البادية قط ولا من النساء ولا من الجنّ ويؤيده قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك الا رجالا نوحى اليهم من أهل القرى وسيجىء الخلاف فى نبوّة النساء فى الباب السابع فى حوادث السنة الخامسة والعشرين من النبوّة* وفى ربيع الابرار للزمخشرى عن فرقد السنجى لم يبعث نبىّ قط من مصر من الامصار وانما بعثوا من القرى لان أهل الامصار أهل السواد والريف وأهل القرى أرق وعن أبى ذرّ الغفارى قال قلت يا رسول الله من أوّل الانبياء قال آدم فقلت أنبىّ مرسل قال نعم ثم قال يا أباذرّ أربعة سريانيون آدم وشيث وأخنوخ وهو ادريس وهو أوّل من خط وخاط ونوح وأربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أباذرّ وأوّل أنبياء بنى اسرائيل موسى وآخرهم عيسى قلت كم أنزل الله من كتاب قال مائة صحيفة وأربعة كتب على شيث خمسين صحيفة وعلى أخنوخ ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عشر صحائف وعلى موسى قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان ولم يذكر آدم فى هذه الرواية* وفى الينابيع وعلى آدم عشر صحائف ولم يذكر صحف موسى وقال وأنزل التوراة على موسى والزبور على داود والانجيل على عيسى والفرقان على نبيكم* وفى المدارك أنزل التوراة وهى سبعون وقر بعير لم يقرأها كلها الا أربعة موسى ويوشع وعزير وعيسى ﵈* وفى بحر العلوم وعشرين صحيفة على ابراهيم والتوراة على موسى ألف سورة كل سورة ألف آية والانجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد ﷺ* وفى الانسان الكامل الزبور لفظة سريانية وهى بمعنى الكتاب فاستعملها العرب حتى أنزل الله تعالى وكل شئ فعلوه فى الزبر أى فى الكتب وأنزل الزبور على داود آيات
مفصلات ولكنه لم يخرجه الى قومه
1 / 7
الاجملة واحدة بعد أن كمل الله نزوله عليه وكان داود ألطف الناس محاورة وأحسنهم شمائل وكان نحيف البدن قصير القامة ذا قوّة شديدة كثير الاطلاع على العلوم المستعملة فى زمانه
مطلب نفيس فى نغمات داود
* وفى العرائس قال وهب وكعب كان داود ﵇ أحمر الوجه دقيق الساقين سبط الرأس قليل الشعر أبيض الجسم طويل اللحية فيها جعودة حسن الصوت وكان اذا تلا الزبور وقفت الحيوانات حوله من الوحوش والطيور وكان يهلك الناس فى مجلسه من صوته الحسن ونغمته اللذيذة والترجيع والالحان ولم يعط أحد من خلق الله مثل صوته وكان يقرأ الزبور تسعين لحنا لحنة منها يفيق المجنون والمغمى عليه وما صنعت المزامير والعيدان والبرابط وسائر أنواع الاوتار والملاهى الاعلى نغماته وأجناس صوته بتعليم ابليس وعفاريته انتهى كلام العرائس* وفى كتاب طهارة القلوب للشيخ العارف عبد العزيز الديرينى يروى أن داود ﵇ كان اذا أراد أن ينوح على ذنبه مكث سبعة أيام بلياليها لا يأكل ولا يشرب ولا يقرب النساء ثم يخرج له منبرا الى البرية ثم يأمر سليمان ﵇ أن ينادى بصوت عال من أراد أن يسمع نوح داود فليأت فتأتى الوحوش من البرارى والآكام وتأتى الهوام من الجبال والطير من الاوكار وتخرج العذارى من خدورهنّ وتجتمع الخلائق لذلك اليوم فيأتى داود فيرقى على المنبر فيحيط به بنو اسرائيل على طبقاتهم وكل صنف من الخلق على حدته وسليمان ﵇ واقف على قدميه عنده فيأخذ داود فى الثناء على الله تعالى فيضجون بالبكاء والصراخ ثم يأخذ فى ذكر الجنة والنار فيموت خلق كثير من الناس والوحوش والطيور والهوام ثم يأخذ فى أهوال القيامة وينوح على نفسه فيموت من كل صنف طائفة عظيمة فاذا رأى سليمان كثرة الموتى قال يا أبتاه مزقت المستمعين كل ممزق وماتت طائفة من بنى اسرائيل ومن الوحوش والطير والهوام ثم يأخذ فى الدعاء حتى يقع مغشيا عليه فيحمل الى منزله وتكثر الجنائز فى الناس فيقال هذا قتيل ذكر الله تعالى وهذا قتيل خوف الله وهذا قتيل ذكر الجنة وهذا قتيل ذكر النار ثم يدخل داود بيت عبادته ويغلق بابه ويقول يا اله داود أغضبان أنت على داود ولا يزال يناجى ربه حتى يأتى سليمان فيستأذن ويدخل ويقدّم اليه قرصا من شعير ويقول يا أبت تقوّ بهذا على ما تريد فيأكل منه ما شاء الله تعالى ثم يخرج الى بنى اسرائيل وقال يزيد الرقاشى خرج داود مرّة ينوح على نفسه ومعه أربعون ألفا فمات منهم ثلاثون ألفا فما رجع منهم الا عشرة آلاف وكان اذا جاءه الخوف سقط واضطرب حتى يقعد انسان على رجليه وآخر على صدره لئلا تتفرّق أعضاؤه ومفاصله* وفى الانسان الكامل أنزل الله الانجيل على عيسى باللغة السريانية وقرئ على سبعة عشر لغة وأوّل الانجيل
دقبقة فى الاب والام والابن
* باسم الاب والامّ والابن* كما أن أوّل القرآن* بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وأخذ هذا الكلام قومه على ظاهره فظنوا أن الاب والامّ والابن عبارة عن الروح ومريم وعيسى فحينئذ قالوا ثالث ثلاثة ولم يعلموا أن المراد بالاب هو اسم الله وبالامّ كنه الذات المعبر عنها بماهية الحقائق وبالابن الكتاب وهو الوجود المطلق لانه فرع ونتيجة عن ماهية الكنه واليه أشار فى قوله تعالى وعنده امّ الكتاب* وفى أنوار التنزيل ان السبب فى وقوع النصارى فى هذه الضلالة أن أرباب الشرائع المتقدّمة كانوا يطلقون الاب على الله باعتبار أنه السبب الاوّل حتى قالوا ان الاب هو الرب الاصغر والله سبحانه هو الرب الاكبر ثم ظنت الجهلة منهم أن المراد به الولادة فاعتقدوا ذلك تقليدا ولذلك كفر قائله ومنع مطلقا حسما لمادّة الفساد* وعن وهب بن منبه قال ان صحف ابراهيم ﵇ أنزلت فى أوّل ليلة من شهر رمضان وأنزلت التوراة على موسى ﵊ لست ليال خلون من شهر رمضان بعد صحف ابراهيم بسبعمائة عام وأنزل الزبور على داود ﵊ لا ثنتى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بعد التوراة بخمسمائة عام وأنزل الانجيل على عيسى عليه الصلاة
1 / 8
والسلام لثلاث عشر على ما فى الكشاف وقيل لثمان عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بعد الزبور بألف عام ومائتى عام وأنزل الفرقان على محمد ﷺ لاربع وعشرين أو سبع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان بعد الانجيل بستمائة عام وعشرين عاما واختلف فى كيفية انزاله على ثلاثة أقوال أحدها أنه نزل جملة واحدة فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا وأملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزل بعد ذلك على رسول الله ﷺ نجوما فى عشرين سنة أو فى ثلاث وعشرين سنة أو خمس وعشرين سنة على حسب الاختلاف فى مدّة اقامته ﷺ بمكة بعد النبوّة فقيل عشر وقيل ثلاثة عشر وقيل خمسة عشر ولم يختلف فى مدّة اقامته بالمدينة انها عشر واختلفوا فى وقت ليلة القدر فأكثرهم على انها فى شهر رمضان فى العشر الاواخر فى أوتارها وأكثر الاقوال انها السابعة منها كذا فى الكشاف وهذا أى القول الاوّل أشهر وأصح واليه ذهب الاكثرون ويؤيده ما رواه الحاكم فى مستدركه عن ابن عباس قال أنزل القرآن جملة واحدة الى السماء الدنيا فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك فى عشرين سنة قال الحاكم صح على شرط الشيخين* وأخرج النسائى فى تفسيره من جهة حسان بن أبى الاشرس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فصل القرآن من الذكر أى أمّ الكتاب وهو اللوح الى بيت العزة فى السماء الدنيا جملة واحدة واسناده صحيح وحسان بن أبى الاشرس وثقه النسائى وغيره* والقول الثانى انه نزل الى السماء الدنيا فى عشرين ليلة قدر من عشرين سنة وقيل فى ثلاث وعشرين ليلة قدر من ثلاث وعشرين سنة وقيل فى خمس وعشرين ليلة قدر من خمس وعشرين سنة نزل فى كل ليلة قدر انزاله فى كل سنة ثم ينزل بعد ذلك منجما فى جميع السنة على سيدنا رسول الله ﷺ وهذا معنى قول بعض العلماء كان ينزل من القرآن فى كل ليلة قدر من السنة الى السنة ما يكفيه الى مثلها من القابل وكان جبريل ينزل فى ليلة القدر من السماء السابعة الى بيت العزة فى السماء الدنيا ثم ينزل عليه من السماء الدنيا بحسب المصالح والوقائع الى ليلة القدر من قابل واذا كان ليلة القدر من قابل أنزل عليه مثل ما أنزل فى ليلة القدر التى قبلها وبهذا أى بالقول الثانى قال مقاتل والامام أبو عبد الله الحليمى فى المنهاج والماوردى فى تفسيره* والقول الثالث أنه ابتدئ انزاله فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجما فى أوقات مختلفة من سائر الاوقات وبهذا أى بالقول الثالث قال الشعبى وغيره* واعلم أنه اتفق أهل السنة على أن كلام الله منزل واختلفوا فى معنى الانزال فقيل معناه اظهار القرآن وقيل ان الله أفهم كلامه جبريل وهو فى السماء وهو عال من المكان وعلمه قراءته ثم جبريل أدّاه فى الارض وهو يهبط فى المكان وذكر النيسابورى فى تفسيره كلم الله جبريل بالقرآن فى ليلة واحدة وهى ليلة القدر فسمعه جبريل وحفظه بقلبه وجاء به الى السماء الدنيا الى الكتبة فكتبوه ثم نزل على محمد ﷺ بالنجوم أى الاوقات قال الزركشى فى البرهان فى التنزيل طريقان أحدهما أن رسول الله ﷺ انخلع من صورة البشرية الى صورة الملكية وأخذه من جبريل والثانى أن الملك انخلع الى البشرية حتى يأخذه رسول الله ﷺ منه والاوّل أصعب الحالين ونقل بعضهم عن السمرقندى حكاية ثلاثة أقوال فى أن المنزل على النبى ﷺ ما هو أحدها أنه اللفظ والمعنى وان جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به وذكر بعضهم أن احرف القرآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وان تحت كل حرف معان لا يحيط بها الا الله وهذا معنى قول الغزالى ان هذه الاحرف سترة لمعانيه والثانى أنه انما نزل جبريل ﵊ بالمعانى خاصة وأنه ﷺ علم تلك المعانى وعبر عنها بلغة العرب وانما تمسكوا بقوله تعالى نزل به الروح الامين على قلبك والقول
الثالث أن جبريل ﵇ انما ألقى عليه المعنى وانه عبر بهذه الالفاظ
1 / 9
بلغة العرب وان أهل السماء يقرؤنه بالعربية ثم انه نزل به كذلك قيل السرّ فى انزاله حملة الى السماء الدنيا التفخيم لامره وأمر من نزل عليه وذلك باعلام سكان السموات السبع ان هذا آخر الكتب المنزلة منزل على خاتم الرسل لا شرف الامم ولقد صرفناه اليهم لينزله عليهم ولولا الحكمة الالهية اقتضت نزوله منجما بسبب الوقائع لاهبط الى الارض جملة فان قيل فى أى زمان نزل جملة الى السماء الدنيا بعد ظهور بنوّة محمد ﷺ أم قبلها قلت قال الشيخ أبو شامة الظاهر أنه قبلها وكلاهما محتمل قيل ان ليلة القدر مما منحه الله محمدا ﷺ واختص به بعد ظهور نبوّته فكيف يمكن نزوله قبل ذلك* وفى بحر العلوم للشيخ نجم الدين عمر النسفى وكتاب البرهان لابى عبد الله محمد بن عبد الله الزركشى قال الامام أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته وترتيب ما نزل بمكة ابتداء ووسطا وانتهاء وترتيب ما نزل بالمدينة كذلك وما اختلفوا فيه فقال بعضهم هو مكى وقال بعضهم هو مدنى وما نزل مرتين وما نزل بمكة وحكمه مدنى وما نزل بالمدينة وحكمه مكى وما نزل بمكة فى أهل المدينة وما نزل بالمدينة فى أهل مكة وما يشبه نزول المكى فى المدنية وما يشبه نزول المدنى فى المكية وما نزل بالجحفة وما نزل ببيت المقدس وما نزل بالطائف وما نزل بالحديبية وما نزل ليلا وما نزل نهارا وما نزل شتاء وما نزل صيفا وما نزل مشيعا وما نزل مفردا والآيات المدنيات فى السور المكية والآيات المكيات فى السور المدنيات وما حمل من مكة الى المدينة وما حمل من المدينة الى مكة وما حمل من المدينة الى أرض الحبشة وما نزل مجملا وما نزل مفسرا وما نزل مرموزا وما هو ناسخ وما هو منسوخ فهذه ثلاثون وجها من لم يعرفها ولم يميز بينها لم يحل له أن يتكلم فى كتاب الله*
(ذكر ترتيب ما نزل بمكة)
* روى عن الحسين بن واقد أنه قال أوّل ما نزل من القرآن بمكة اقرأ باسم ربك وقيل أوّل ما نزل سورة الفاتحة كذا فى البرهان وهو ضعيف وفى رواية أورد نزول الفاتحة بعد يأيها المدّثر ثم ن والقلم ثم يأيها المزمّل ثم يأيها المدّثر ثم تبت يدا أبى لهب ثم اذا الشمس كوّرت ثم سبح اسم ربك الاعلى ثم والليل اذا يغشى ثم والفجر ثم والضحى ثم ألم نشرح ثم والعصر ثم والعاديات ثم انا أعطيناك الكوثر ثم ألها كم التكاثر ثم أرأيت الذى يكذب بالدين ثم قل يأيها الكافرون ثم سورة الفيل ثم الفلق ثم قل أعوذ برب الناس ثم قل هو الله أحد ثم والنجم اذا هوى ثم عبس وتولى ثم انا أنزلناه ثم والشمس وضحاها ثم والسماء ذات البروج ثم والتين والزيتون ثم لا يلاف قريش ثم القارعة ثم لا أقسم بيوم القيامة ثم الهمزة ثم والمرسلات ثم ق والقرآن المجيد ثم لا أقسم بهذا البلد ثم الطارق ثم اقتربت الساعة ثم ص والقرآن ثم الاعراف ثم الجنّ ثم يس ثم الفرقان ثم الملائكة ثم مريم ثم طه ثم الواقعة ثم الشعراء ثم النمل ثم القصص ثم بنو اسرائيل ثم يونس ثم هود ثم يوسف ثم الحجر ثم الانعام ثم والصافات ثم لقمان ثم سبأ ثم الزمر ثم حم المؤمن ثم حم السجدة ثم حم عسق ثم حم الزخرف ثم حم الدخان ثم حم الجاثية ثم حم الاحقاف ثم والذاريات ثم الغاشية ثم الكهف ثم النحل ثم نوح ثم ابراهيم ثم الانبياء ثم المؤمنون ثم الم تنزيل السجدة ثم الطور ثم الملك ثم الحاقة ثم سأل سائل ثم عم يتساءلون ثم والنازعات ثم اذا السماء انفطرت ثم اذا السماء انشقت ثم الروم* واختلفوا فى آخر ما نزل بمكة قال ابن عباس العنكبوت وقال الضحاك وعطاء المؤمنون وقال مجاهد ويل للمطففين فهذا ترتيب ما نزل من القرآن بمكة وعليه استقرّت الرواية من الثقات وهى خمس وثمانون سورة كذا فى بحر العلوم للنسفى والبرهان للزركشى*
(ذكر ترتيب ما نزل بالمدينة)
* وأوّل ما نزل بالمدينة سورة البقرة ثم الانفال ثم آل عمران ثم الاحزاب ثم الممتحنة ثم النساء ثم اذا زلزلت ثم الحديد ثم سورة محمد ﷺ ثم الرعد ثم الرحمن ثم هل أتى على الانسان ثم الطلاق ثم لم يكن ثم الحشر ثم اذا جاء نصر الله ثم النور ثم الحج
1 / 10
ثم المنافقون ثم المجادلة ثم الحجرات ثم التحريم ثم الصف ثم الجمعة ثم التغابن ثم الفتح ثم التوبة ثم المائدة ومنهم من يقدّم المائدة على التوبة وقرأ النبى ﷺ سورة المائدة فى خطبته يوم حجة الوداع فقال أيها الناس ان آخر القرآن نزولا سورة المائدة فأحلوا حلالها وحرّموا حرامها*
(ذكر ما اختلفوا فيه)
* اختلفوا فى ويل للمطففين قال ابن عباس هى مدنية وقال عطاء هى آخر ما نزل بمكة كما مرّ وقال قتادة سورة المزمّل مدنية وقال الباقون هى مكية واختلفوا فى الفاتحة وسيجىء بيانه فهذا ترتيب ما نزل بالمدينة وهى تسع وعشرون سورة فجميع ما نزل بمكة خمس وثمانون سورة كما مرّ وجميع ما نزل بالمدينة تسع وعشرون سورة على اختلاف الروايات وقال علقمة والحسن ما فى القرآن يأيها الناس فهو مكى وما فيه يأيها الذين آمنوا فهو مدنى وقال نجم الدين عمر النسفى فى بحر العلوم اختلفوا فى فاتحة الكتاب انها مكية أو مدنية أو مكية ومدنية معا على ثلاثة أقوال قال على وابن عباس وأبىّ بن كعب ومقاتل وقتادة فى جماعة آخرين انها مكية وقال مجاهد انها مدنية وذكر الحسين بن الفضل البجلى والثعالبى ان مجاهدا انفرد بالقول انها مدنية*
(ذكر ما نزل مرّتين)
قال بعضهم ان الفاتحة نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حوّلت القبلة وقد صح أنها مكية لقوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم وهو مكى كذا فى أنوار التنزيل ولتثنية نزولها سميت مثانى وهو نظير قوله تعالى أليس الله بكاف عبده وهو النبىّ ﷺ وهذه الكفاية فى حقه انه دفع عنه مكر الكفار كما قال واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك الآية ونزلت هذه الآية مرة أخرى فى شأن خالد بن الوليد حين بعثه رسول الله ﷺ لتحريق الشجرة التى كانت العرب يزعمون أن فيها عزى فخوّفه الكفار منها وكانوا يقولون يا عزى خبليه وجننيه فجاء وقلعها وحرقها وخرجت عزى فقتلها وقال ﵇ تلك العزى ولن تعبد أبدا* وأما ما نزل بمكة وحكمه مدنى فمنها قوله فى الحجرات يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية نزلت بمكة يوم فتحها وهى مدنية لانها نزلت بعد الهجرة ومنها قوله فى المائدة اليوم أكملت لكم دينكم الى قوله الخاسرين نزلت يوم الجمعة والناس وقوف بعرفات فبركت ناقته من هيبة القرآن وسورة المائدة مدنية لنزولها بعد الهجرة وهى عدّة آيات* وأما ما نزل بالمدينة وحكمه مكى فمنها قوله تعالى فى الممتحنة يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوّى وعدوّكم أولياء وهى قصة حاطب بن أبى بلتعة وسارة والكتاب الذى دفعه الى سارة يخاطب أهل مكة ومنها قوله تعالى فى سورة النحل والذين هاجروا فى الله من بعد ما ظلموا الى قوله ويفعلون ما يؤمرون* وفى البرهان الى آخر السورة مدنيات يخاطب بها أهل مكة ومنها سورة الرعد يخاطب بها أهل مكة وهى مدنية ومن أوّل براءة الى قوله انما المشركون نجس خطاب لمشركى مكة وهى مدنية فهذا الذى ذكرناه من كلا القسمين من جملة ما نزل بمكة فى أهل المدينة وحكمه مدنى وما نزل بالمدينة فى أهل مكة وحكمه مكى* وأما ما يشبه تنزيل المدنية فى السور المكية فمن ذلك قوله تعالى فى سورة النجم الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم كبائر الاثم يعنى كل ذنب عاقبته النار والفواحش يعنى كل ذنب فيه الحدّ الا اللمم وهو ما بين الحدّين من الذنوب نزلت فى تيهان والمرأة التى راودها عن نفسها فأبت واستقرّت الرواية بما قلنا والدليل على صحته أنه لم يكن بمكة حدّ ولا زجر ومنها قوله تعالى فى هود وأقم الصلاة طرفى النهار الآية نزلت فى أبى مقبل الحسين بن عمير بن قبيس والمرأة التى اشترت برّا فراودها* وأما ما يشبه تنزيل مكة فى السور المدنية فمن ذلك قوله تعالى فى الانبياء لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا نزلت فى نصارى نجران السيد والعاقب ومنها سورة والعاديات ضبحا فى رواية الحسين بن واقد ومنها قوله تعالى فى سورة الانفال واذ قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق الآية* وأما ما نزل بالححفة فقوله تعالى فى سورة
1 / 11
القصص ان الذى فرض عليك القرآن لرادّك الى معاد نزلت بالجحفة فى طريق المدينة والنبىّ ﷺ مهاجر* وأما ما نزل ببيت المقدس فقوله تعالى فى سورة الزخرف واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون نزلت ببيت المقدس فى ليلة أسرى به* وفى الكشاف قيل ان النبى ﷺ جمع له الانبياء ليلة الاسراء فى بيت المقدس وأمّهم وقيل له سلهم فلم يشك ولم يسأل* وفى الينابيع سمع النبى ﷺ آمن الرسول مع الآية التى بعدها ليلة المعراج من الحق تعالى بلا واسطة* وأما ما نزل بالطائف فقوله ﷿ فى الفرقان ألم تر الى ربك كيف مدّ الظل الآية وفى اذا السماء انشقت بل الذين كفروا يكذبون والله أعلم بما يوعون فبشرهم بعذاب أليم يعنى كفار مكة* وأما ما نزل بالحديبية حين صالح النبى ﷺ أهل مكة فقال رسول الله ﷺ لعلى اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو ما نعرف الرحمن ولو علمنا أنك رسول الله لتابعناك فأنزل الله تعالى وهم يكفرون بالرحمن الى قوله متاب* وفى الينابيع قوله بل الذين كفروا يكذبون الآية وقوله وهم يكفرون بالرحمن فى سورة الرعد نزلتا بالحديبية فى حق الصلح* وأما ما نزل ليلا فقوله فى أوّل سورة الحج يأيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شئ عظيم نزلت ليلا فى غزوة بنى المصطلق وهم حىّ من خزاعة والناس يسيرون فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة ومنها قوله تعالى فى المائدة والله يعصمك من الناس وذلك أن النبى ﷺ كان يحرسه أصحابه كل ليلة فى غزوة والنبى ﷺ فى خيمة من أدم فبات على باب الخيمة حذيفة وسعد فى آخرين فلما أن كان بعد هزيع من الليل أنزل الله عليه الآية فخرج رسول الله ﷺ من الخيمة* وفى البرهان أخرج رأسه من الخيمة وقال يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمنى الله تعالى* ومنها قوله تعالى انك لا تهدى من أحببت قالت عائشة رضى الله عنها نزلت هذه الآية وأنا مع النبىّ ﷺ فى اللحاف ومنها ما نزل ليلة المعراج وهو قوله تعالى آمن الرسول مع الآية التى بعدها سمعها رسول الله ﷺ ليلة المعراج كما مرّ من رواية الينابيع ونزل عليه أكثر القرآن نهارا* وأما ما نزل فى الشتاء وما نزل فى الصيف فقد ذكر العلماء ان آية الكلالة فى أوائل سورة النساء نزلت فى الشتاء وان الآية التى فى آخرها نزلت فى الصيف* وأما ما نزل مشيعا فالفاتحة نزلت ومعها ثمانون ألف ملك وفى رواية سبعمائة ألف ملك طبقوا ما بين السماء والارض لهم زجل بالتسبيح فقال النبى ﷺ سبحان الله وخرّسا جدا ومنها سورة الانعام نزلت جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد وكذا فى الكشاف وزاد فى البرهان طبقوا ما بين السماء والارض فقال رسول الله ﷺ سبحان الله وخرّسا جدا* وقال الزركشى قد روى ما يخالفه فروى أنها لم تنزل جملة واحدة بل نزل منها آيات بالمدينة اختلفوا فى عددها فقيل ثلاث وهى قوله تعالى قل تعالوا الى آخر الآيات الثلاث وقيل ست آيات وقيل غير ذلك وسائرها نزل بمكة ونزلت آية الكرسى ومعها ثلاثون ألف ملك ونزلت سورة يس ومعها ثلاثون ألف ملك ونزلت واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ومعها عشرون ألف ملك* وذكر الامام أحمد فى مسنده من حديث معقل بن يسار أن رسول الله ﷺ قال البقرة سنام القرآن وذروته نزل مع كل آية منها ثمانون ملكا ورواه الطبرانى أيضا كذا فى البرهان وسائر القرآن نزل به جبريل ﵊ مفردا بلا تشييع* وأما الآيات المدنيات فى السور المكية فمنها سورة الانعام وهى كلها مكية خلاست آيات استقرّت بذلك الروايات وما قدروا الله حق قدره الآية نزلت فى مالك بن الصيف من أحبار اليهود ورؤسائهم والثانية والثالثة ومن أظلم
ممن افترى على الله كذبا أو قال
1 / 12
أوحى الىّ ولم يوح اليه شىء* فى الكشاف هو مسيلمة الحنيفى الكذاب أو كذاب صنعاء الاسود العنسى ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله هو عبد الله بن سعد بن أبى سرح القرشى أخو عثمان من الرضاعة وثلاث آيات من أواخرها قل تعالوا الى قوله تتقون ومنها سورة الاعراف كلها مكية خلا ثمان آيات واسألهم عن القرية الى قوله واذنتقنا الجبل فوقهم الآية ومنها سورة ابراهيم مكية غير آيتين نزلتا فى قتلى بدر وهما قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا الآيتين ومنها سورة النحل مكية الى قوله تعالى وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ والباقى مدنيات ومنها سورة بنى اسرائيل مكية غير قوله تعالى وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يعنى ثقيفا وغير قوله تعالى وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ الآية ومنها سورة الكهف مكية غير قوله تعالى وَاصْبِرْ نَفْسَكَ نزلت فى سلمان الفارسى ومنها سورة القصص مكية غير آية وهى قوله تعالى وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يعنى الانجيل من قبله هم به يؤمنون يعنى بالفرقان نزلت فى أربعين رجلا من مؤمنى أهل الكتاب قدموا من الحبشة مع جعفر بن أبى طالب فأسلموا ومنها سورة الزمر مكية غير قوله تعالى قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
الآية ومنها الحواميم كلها مكيات غير قوله تعالى فى الاحقاف قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الآية نزلت فى عبد الله ابن سلام ومنها سورة النجم مكية الا قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى الآية ومنها سورة أرأيت الذى مكية غير قوله فويل للمصلين فانها مدنية كذا قال مقاتل بن سليمان وأما الآيات المكيات فى السور المدنية فمنها قوله تعالى فى الانفال وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ يعنى أهل مكة حتى تخرج من بين أظهرهم ومنها سورة التوبة مدنية غير آيتين لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ الى آخر السورة ومنها سورة الرعد مدنية غير قوله تعالى وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ الى جميعا ومنها سورة الحج مدنية غير أربع آيات مكيات وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ الى قوله عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ* وأما ما حمل من مكة الى المدينة فاوّل سورة حملت من مكة الى المدينة سورة يوسف انطلق بها عوف بن عفراء فى الثمانية الذين قدموا على رسول الله ﷺ مكة فأسلموا وهو أوّل من أسلم من الانصار ثم حمل بعدها قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الى آخرها ثم حمل بعدها الآية التى فى الاعراف قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الى قوله يهتدون فأسلم عليها طوائف من أهل المدينة* وأما ما حمل من المدينة الى مكة فمن ذلك قوله فى البقرة يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه نزلت فى سرية عبد الله بن جحش وقتل ابن الحضرمى ثم حملت آية الربا من المدينة الى مكة فى حضور ثقيف وبنى المغيرة الى عتاب بن أسيد عامل رسول الله ﷺ على مكة فقرأها عتاب عليهم وهى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وذروا ما بقى من الربا فأقرّوا بتحريمه وتابوا وأخذروا رأس المال ثم حملت تسع آيات من سورة براءة من أوّلها قرأها علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه يوم النحر على الناس ثم حملت من المدينة الى مكة الآية التى فى النساء وهى قوله الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الى قوله عفوّا غفورا* وأما ما حمل من المدينة الى أرض الحبشة فهى ست آيات بعث رسول الله ﷺ الى جعفر بن أبى طالب فى خصومة الرهبان والقسيسين يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم فأسلم النجاشى وأسلموا* وأما المجمل فكقوله وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وافعلوا الخير وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا* وأما المفسر فكقوله واضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ انطاكية إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ أصحاب عيسى إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ ناروض وماروض فكذبوهما فعززنا بثالث شمعون الصفاقصة اصحاب القرية ومثلهم مشتملة على المثلين المثل الثانى وهو قوله إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ الى آخره بيان وتفسير للاوّل وهو قوله إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ الى آخرها كذا فى الكشاف وقوله التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الآية قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الآيات وقوله الله الصمد وفسره بما بعده وقوله خلق هلوعا
1 / 13
وفسره بما بعده* وأما المرموز فكقوله طه يس وقالوا فى طه بأقاويل قيل خاطب به رسول الله ﷺ فقال يا طه وقيل معناه يا رجل وقيل يا بدر وقيل يا طامسا للاشرار يا هاجدا بالاسحار وياسين يا سيد المرسلين وقيل أى يسرنا لك ولامّتك الكتاب المبين وأثبتنا رسالتك بالشهادة واليمين قد كفى بالله شهيدا انك سيد المرسلين فيكن من الشاكرين وقل الحمد لله رب العالمين*
وأما الناسخ والمنسوخ
ففى أنوار التنزيل نسخ الآية بيان انتهاء التعبد بقراءتها أو الحكم المستفاد منها أو بهما جميعا فما نسخت تلاوته ما قال أنس أنزل الله فى الذين قتلوا يوم بئر معونة قرآنا قرأناه ثم نسخ بعد وهو بلغوا عنا قومنا انا قد لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه وفى رواية عنه وأرضانا ومما نسخت تلاوته وبقى حكمه فيعمل به اذ تلقته الامّة بالقبول ما روى أنه كان فى سورة النور الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عليم حكيم ولهذا قال عمر لولا أن يقول الناس زاد عمر فى كتاب الله لكتبتها بيدى رواه البيهقى وأصله فى الصحيحين ومنه قراءة ابن مسعود فى كفارة اليمين فصيام ثلاثة أيام متتابعات بزيادة متتابعات وقراءة ابن عباس فى السرقة فاقطعوا أيمانهما مكان أيديهما نسخت تلاوتهما فى حياة النبى ﷺ بصرف القلوب عن حفظهما الاقلوب ذينك الروايين أو بالانساء كذا قاله فخر الاسلام* ومما نسخ حكمه وبقيت تلاوته قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية نسخ حكمه وهو جواز الفطر مع اعطاء الفدية ومنه قوله تعالى لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ومنه قوله تعالى لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ من بعد فانه منسوخ بما روت عائشة رضى الله عنها أن النبىّ ﷺ أخبر أباها بأن الله تعالى أباح له من النساء ما شاء* وفى الكشاف عن عائشة رضى الله عنها ما مات النبىّ ﷺ حتى أحل الله له النساء يعنى ان الآية قد نسخت ولا يخلو نسخها اما أن يكون بالسنة واما بقوله انا أحللنا لك أزواجك وترتيب النزول ليس على ترتيب المصحف وقوله تعالى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ فانه نسخ بقوله ﵊ لا تقتلوا أهل الذمّة وهذان القسمان من قبيل نسخ الكتاب بالسنة كما سيجىء ومما نسخت تلاوته وحكمه معا ما نسخ فى حيات النبىّ ﷺ بالانساء ما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرّ من فنسخن بخمس معلومات* قال الشيخ جلال الدين الدوانى اختلف المسلمون فى جواز نسخ بعض آيات القرآن بعد اتفاقهم قاطبة على أنه لا يجوز نسخ جميع القرآن وذهب بعض الاصوليين كأبى مسلم الاصفهانى وجماعة من الصوفية الى أنه ليس فى شئ من آيات القرآن منسوخ أصلا وذهب آخرون الى أن النسخ واقع فى بعض آيات القرآن وجعلوا المنسوخ منها ثلاثة أقسام* الاوّل ما نسخ تلاوته وبقى حكمه ان كان له حكم والثانى عكسه والثالث ما نسخنا جميعا كما مرّ أمثلتها واعلم أن النسخ كما يكون فى الكتاب يكون فى السنة أيضا مثال نسخ السنة بالسنة قوله ﷺ كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألافزوروها وفى رواية فانها تذكر الموت ومثال نسخ السنة بالكتاب نسخ التوجه الى بيت المقدس فانه ﷺ كان بمكة متوجها الى الكعبة ثم تحوّل بوجهه الى بيت المقدس بالمدينة ثم نسخ بقوله تعالى فولّ وجهك شطر المسجد الحرام ومثال نسخ الكتاب بالسنة ما مرّ من رواية عائشة فى اباحة ما شاء من النساء ومن النهى عن قتل أهل الذمّة قال الشيخ جلال الدين الدوانى رأيت فى بعض التفاسير ان قوله وامسحوا برؤسكم وأرجلكم من هذا القبيل فانه نسخ بالسنة المتواترة فى وجوب الغسل فى الرجلين*
وأوّل من تتبع القرآن وجمعه
فى زمن أبى بكر رضى الله عنه زيد بن ثابت الانصارى تتبع القرآن وجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور الرجال حتى وجد آخر التوبة لقد جاءكم مع خزيمة الانصارى ذى الشهادتين لم يجدها مع أحد غيره فألحقها فى سورتها وكانت الصحف عند أبى بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى قبض ثم عند حفصة بنت عمر
1 / 14
والعسب بضم المهملتين ثم موحدة جمع عسيب وهى جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتسبون فى الطرف العريض وقيل العسب طرف الجريدة العريض الذى لم ينبت عليه الخوص والذى ينبت عليه الخوص السعف والرقاع جمع رقعة وقد يكون من جلد أورق أو كاغد وفى رواية وقطع الاديم واللخاف بكسر اللام ثم خاء معجمة خفيفة وآخره فاء جمع لخفة بفتح اللام وسكون المعجمة وفى رواية واللخف بضمتين وآخره فاء قال أبو داود وهى الحجارة الرقاق قال الخطابى صفائح الحجارة الرقاق قال الاصمعى فيها عرض ورقة وفسره ابن حجر بالخزف بفتح المعجمة والزاى وهى الآنية التى تصنع من الطين المشوى وفى رواية قال زيد فقدنا آية من الاحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرأ بها لم أجدها مع أحد الا مع خزيمة الانصارى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فألحقناها فى سورتها وخزيمة هو ذو الشهادتين روى البخارى فى صحيحه عن أنس أن حذيفة قدم على عثمان وكان يغازى أهل الشأم فى فتح ارمينية واذربيجان مع أهل العراق وأفزع حذيفة اختلافهم فى القراءة وقال لعثمان أدرك هذه الامّة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان الى حفصة أن أرسلى الينا الصحف ننسخها فى المصاحف ثم نردّها اليك فأرسلت اليه فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها فى المصاحف وقال عثمان لرهط القرشيين الثلاثة اذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فى شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فانما نزل بلسانهم ففعلوا حتى اذا نسخوا الصحف فى المصاحف ردّ عثمان الصحف الى حفصة فأرسل فى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن فى كل صحيفة أو مصحف أن يحرق* واعلم أنه قد اشتهر أن عثمان أوّل من جمع المصاحف وليس كذلك بل أوّل من جمعها فى مصحف واحد أبو بكر الصدّيق ثم أمر عثمان حين خاف الاختلاف فى القراءة بتحويله منها الى المصاحف هكذا نقله البيهقى كذا فى البرهان
ذكر اللغات التى نزل بها كلام الله
يقال اللغات التى نزل بها كلام الله العربية والعبرانية والسريانية القرآن نزل باللغة العربية والتوراة بالعبرانية والزبور والانجيل بالسريانية كذا فى الانسان الكامل يعنى ان الانجيل بالسريانية وفى صحيح البخارى فى قصة ورقة بن نوفل أنه تنصرفى الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبرانى يكتب من الانجيل بالعربية فيفهم منه أن الانجيل كان بالعبرانية وفى رواية الزبور باللغة العبرانية وهو مائة وخمسون سورة فاذا عبر عن كلام الله بالعربية يسمى قرآنا وان عبر بالعبرانية يسمى توراة واذا عبر بالسريانية يسمى زبورا وانجيلا وهذه العبارات جميعها كلام الله تعالى من غير خلاف بين العلماء لانها يفهم منها ما يفهم من كلام الله الذى هو قائم بالنفس وهو مدلول هذه العبارات فان العلماء أجمعوا على أن المحفوظ فى الصدور والمقروء بالالسن والمكتوب فى المصاحف يقال له كلام الله*
مطلب أولو العزم
وأما أولو العزم من الرسل فهم الذين كانوا مأمورين بقتال الكفار وجهاد الفجار بعد تبليغ الرسالة اليهم بخلاف النبوّة والرسالة فان الجهاد ليس بشرط فيهما كما كان فى أوائل بعثة نبينا ﷺ حيث كان يوحى اليه تارة ان عليك الا البلاغ ووقتا يخاطب بقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وفى الاواخر صار مأمورا بالقتال والجهاد قال الله تعالى قاتلوا المشركين كافة فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم* وفى الكشاف أولو العزم أولو الجدّ والثبات والصبر قيل هم نوح وابراهيم ويعقوب ويوسف وأيوب وموسى وداود وعيسى عليهم الصلاة والسلام* وفى المدارك المراد من أولى العزم ما ذكر فى الاحزاب واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم* وفى عمدة المعانى أولو العزم هم أصحاب الشرائع وقيل هم نوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام وقيل ثمانية عشر نبيا ذكروا فى الانعام فى ثلاث أو أربع آيات متواليات
1 / 15
* وأما الخاتم فهو الذى جمع فيه معنى النبوّة والرسالة وأولو العزمية ولا يبعث بعده نبىّ ولا ينسخ دينه وشرعه بل يبقى مؤبدا مخلدا* وفى العروة الوثقى كل من كان من أولى العزم مرسل اليهم والخاتم الامىّ هو النبىّ المرسل اليهم سيد أولى العزم بحيث لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعه ويقتدى عيسى بعد نزوله بامام من أمّته*
الفرق بين البشر والملك
وأما الفرق بين البشر والملك فقد قال النسفى فى عقائده رسل البشر أفضل من رسل الملائكة ورسل الملائكة أفضل من عامّة البشر وعامّة البشر أفضل من عامّة الملائكة واتفق العلماء على أن الانبياء عليهم الصلاة والسلام أفضل من جميع البشر ولا يبلغ أحد من الاولياء والصدّيقين درجات الانبياء وان كانوا فى أعالى مراتبهم قال أبو يزيد البسطامى قدّس الله سرّه آخر نهايات الصدّيقين أوّل أحوال الانبياء وقال ابن عطاء الله أدنى مراتب المرسلين أعلى مراتب الانبياء وأدنى مراتب الانبياء أعلى مراتب الصدّيقين وأدنى مراتب الصدّيقين أعلى مراتب الشهداء وأدنى مراتب الشهداء أعلى مراتب الصالحين وأدنى مراتب الصالحين أعلى مراتب المؤمنين*
مطلب نفيس في قولهم أن الولاية أفضل من النبوّة
فما نقل عن بعض الاولياء من أن الولاية أفضل من النبوّة فمبنىّ على أن للنبىّ جهتين احداهما جهة الولاية التى هى باطن النبوّة وثانيتهما جهة النبوّة التى هى ظاهر الولاية فالنبىّ بجهة الولاية يأخذ الفيض والعلى من الله تعالى وبجهة النبوّة تبليغة للخلق ولا شك فى أن الوجه الذى الى الحق أشرف وأفضل من الوجه الذى الى الخلق فالمراد أن جهة ولاية نبىّ أفضل من جهة نبوّته وهو من حيث انه ولىّ أفضل من حيث انه نبىّ لا أن ولاية ولىّ تابع أفضل من نبوّة نبىّ متبوع حتى يلزم أن يكون الولىّ أفضل من النبىّ كما يتوهم القاصرون فان مرتبة الولاية حاصلة للنبىّ على وجه أكمل من ولاية الولىّ مع أمر زائد وهو مرتبة النبوّة فكل نبىّ ولىّ من غير عكس* وما وقع فى كلام محمد بن على الحكيم الترمذى وذهب اليه الشيخ سعد الدين الحموى أيضا من أن نهاية الانبياء بداية الاولياء فالمراد منه أن نهاية الانبياء فى الشرائع بداية الاولياء فيها ولما كانت شرائع الانبياء تتم وتكمل فى أواخر أحوالهم كما ان نبينا ﷺ فى أواخر أمره قيل له اليوم أكملت لكم دينكم والولىّ ما لم يأخذ الشريعة بكمالها لم يكن له الشروع فى الولاية فان ما هو للنبىّ فى التشريع فى أواخر الامر للولىّ فى أوّله ولو أن أحدا مثلا سلك جميع الاحكام النازلة بمكة ولم يلتفت الى الاحكام النازلة بالمدينة لن ينال مرتبة الولاية بل لو أنكر لكفر فبداية الولاية أن يقبل الشريعة التى هى نهاية أمر النبىّ كذا فى شواهد النبوّة* وفى العروة الوثقى ولا بدّ فى كل حين من مرشد يرشد الخلق خلافة عن النبىّ ولا بدّ للمرشد من التأييد الالهى ليتمكن له تسخير المسترشدين وافادة المستفيدين وتعليم المتعلمين وهو العالم الولى الشيخ والى هذا السرّ أشار النبى ﷺ حيث قال الشيخ فى قومه كالنبىّ فى أمّته والشيخ ينبغى أن يكون وليا لله والولىّ لا بدّ أن يكون عالما لان الله ما اتخذ وليا جاهلا قط*
الفرق بين النبىّ والولىّ والساحر
وأما الفرق بين النبىّ والولىّ والساحر أن النبىّ يتحدّى الخلق بالمعجزة ويستعجزهم على الاتيان بمثلها ويخبرهم عن الله تعالى بخرق العادة بها لتصديقه ولو كان كاذبا لم تنخرق العادة على يديه ولو خرقها الله على يد كاذب لخرقها على أيدى المعارضين للانبياء وأما الولىّ والساحر فلا يتحدّيان الخلق ولا يستدلان على نبوّة ولو ادّعيا شيئا من ذلك لم تنخرق العادة لهما وأما الفرق بين الولىّ والساحر فمن وجهين أحدهما وهو المشهور اجماع المسلمين على أن السحر لا يظهر الاعلى يد فاسق والكرامة لا تظهر الا على يدولىّ ولا تظهر على يد فاسق وبهذا جزم امام الحرمين وأبو سعيد المتولى وغيرهما والثانى أن السحر يكون ناشئا بفعل ومزج ومعاناة وعلاج والكرامة لا تفتقر الى ذلك وفى كثير من الاوقات يقع ذلك اتفاقا من غير أن يستدعيه أو يشعر به والله أعلم* وفى التفسير الكبير للامام النّحرير فخر الدين الرازى اذا ظهر فعل خارق للعادة على يد انسان
1 / 16
فذلك اما أن يكون مقرونا بالدعوى أولا مع الدعوى والقسم الاوّل وهو أن يكون مقرونا بالدعوى فتلك الدعوى اما أن تكون دعوى الالهية أو دعوى النبوّة أو دعوى الولاية أو دعوى السحر وطاعة الشياطين فهذه أربعة أقسام (القسم الاوّل) وهو ادّعاء الالهية جوّز أصحابنا ظهور خوارق العادات على يده من غير معارضة كما نقل أن فرعون كان يدّعى الالهية وكانت تظهر على يده خوارق العادات وكما نقل أيضا فى حق الدجال قال أصحابنا وانما جاز ذلك لان شكله وخلقته تدل على كذبه فظهور الخوارق على يده لا يفضى الى التلبيس (والقسم الثانى) وهو ادّعاء النبوّة وهذا القسم يكون على قسمين لانه اما أن يكون ذلك المدّعى صادقا أو كاذبا فان كان صادقا وجب ظهور الخوارق على يده وهذا متفق عليه بين كل من أقرّ بصحة نبوّة الانبياء وان كان كاذبا لم يجز ظهور الخوارق على يده وبتقدير أن تظهر وجب حصول المعارضة (وأما القسم الثالث) وهو ادّعاء الولاية والقائلون بكرامات الاولياء اختلفوا فى أنه هل يجوز ادّعاء الكرامة ثم انها تحصل على وفق دعواه أم لا (والقسم الرابع) وهو ادّعاء السحر وطاعة الشيطان فعند أصحابنا يجوز ظهور خوارق العادات على يده وعند المعتزلة لا يجوز وأما القسم الثانى وهو أن تظهر خوارق العادات على يد انسان من غير شئ من الدعاوى فذلك الانسان اما أن يكون صالحا مرضيا عند الله واما أن يكون خبيثا مذنبا والاوّل هو القول بكرامات الاولياء وقد اتفق أصحابنا على جوازها وأنكرها المعتزلة الا أبا الحسين البصرى وصاحبه محمود الخوارزمى وأما القسم الثالث وهو أن تظهر خوارق العادات على يد بعض من كان مردودا عن طاعة الله فهذا هو المسمى بالاستدراج قال العلامة الدوانى فى انموذج العلوم ذهب أهل الملل الثلاث الى أن العالم وهو ما سوى الله تعالى وصفاته من الجواهر والاعراض حادث أى كائن بعد ان لم يكن بعدية حقيقية لا بالذات فقط بمعنى أنها فى حدّ ذاتها لا تستحق الوجود بل محتاجة الى الغير فوجودها متأخر عن عدمها بحسب الذات كما تقوله الفلاسفة ويسمونه الحدوث الذاتى ويقسمون كلا من الحدوث والقدم الى ذاتى وزمانى بل بالزمان أيضا بمعنى انها لم تكن فى زمان فوجدت بعد ما لم تكن فيه كما يقوله المتكلمون ويسمونه المحدّثون الحدوث الزمانى بل ليس الحدوث والقدم عندهم الا بهذا المعنى فقط فبعد ما لم يكن فى الاوّل شئ من الممكنات موجودا كما هو فى الحديث الصحيح كان الله ولم يكن معه شئ أوجد الله الموجودات على ما اقتضته حكمته*
أوّل المخلوقات
واختلفت الروايات فى أوّل المخلوقات* ففى رواية نور رسول الله ﷺ وفى رواية العقل وفى رواية القلم وفى رواية اللوح ومنشأ الاختلاف ورود الاخبار المختلفة فى أوّل ما خلق الله ففى خبر أوّل ما خلق الله نور محمد ﷺ* وفى الانس الجليل ان الله خلق أوّلا نور رسول الله ﷺ قبل العرش والكرسى واللوح والقلم والسماء والارض والجنة والنار بألف ألف وستمائة وسبعين ألف سنة* وفى خبر آخر أوّل ما خلق الله العقل فقال له أقبل فأقبل وقال له أدبر فأدبر فقال وعزتى وجلالى بك أعطى وبك أمنع وبك أثيب وبك أعاقب* وفى المشكاة عن أبى هريرة عن النبىّ ﷺ لما خلق الله العقل قال له قم فقام ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال له أقبل فأقبل ثم قال له اقعد فقعد ثم قال له ما خلقت خلقا هو خير منك ولا أفضل منك ولا أحسن منك بك آخذ وبك أعطى وبك أعرف وبك أعاقب وبك الثواب وعليك العقاب وقد تكلم فيه بعض العلماء رواه البيهقى فى شعب الايمان* وفى خبر آخر أوّل ما خلق الله القلم عن عبادة بن الصامت مرفوعا أوّل ما خلق الله القلم فقال له اكتب فقال رب ما أكتب قال اكتب مقادير كل شئ رواه أحمد والترمذى وصححه فجرى القلم بما هو كائن الى يوم القيامة ولذلك قال النبىّ ﷺ جف القلم على علم الله وفى رواية جف القلم بما هو كائن الى يوم القيامة وفى
1 / 17
خبر آخر أوّل ما خلق الله اللوح المحفوظ وعن ابن عباس أوّل ما خلق الله اللوح المحفوظ بحفظ الله بما كتب فيه ما كان ويكون لا يعلم ما فيه الا الله*
مطلب اللوح والقلم
وفى المدارك محفوظ من وصول الشيطان انتهى وهو من درّة بيضاء دفتاه ياقوتتان حمراوان وهو فى عظم لا يوصف وخلق الله له قلما من جوهرة طولها مسيرة خمسمائة عام مشقوق السنّ ينبع منه النور كما ينبع من أقلام أهل الدنيا المداد ثم نودى القلم أن اكتب فاضطرب من هول النداء حتى صار له ترجيع كترجيع الرعد ثم جرى فى اللوح بما هو كائن وما هو فاعله فى الوقت الذى يفعله الى يوم القيامة فامتلأ اللوح وجف القلم سعد من سعد وشقى من شقى وفى طوالع الانوار للبيضاوى القلم يشبه أن يكون العقل الاوّل لقوله ﵊ أوّل ما خلق الله القلم فقال له اكتب فقال ما أكتب فقال القدر ما كان وما هو كائن الى الابد كما مرّ واللوح وهو الخلق الثانى يشبه أن يكون العرش أو يكون متصلا به لقوله ﵊ ما من مخلوق الا وصورته تحت العرش* وفى أنوار التنزيل وقرئ فى لوح بضم اللام وهو الهواء أى ما فوق السماء السابعة الذى فيه اللوح* وفى المدارك اللوح عند الحسن شئ يلوح للملائكة فيقرؤنه وعن ابن عباس هو من درّة بيضاء طوله ما بين السماء والارض وعرضه ما بين المشرق والمغرب قلمه نور وكل شئ فيه مسطور وعن مقاتل هو عن يمين العرش وقيل أعلاه معقود بالعرش وأسفله فى حجر ملك عظيم* وفى المواهب اللدنية قد اختلف أهل العلم فى أوّل المخلوقات بعد النور المحمدى فقال الحافظ وأبو يعلى الهمدانى الاصح أن العرش قبل القلم لما ثبت فى الصحيح عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله ﷺ قدّر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والارض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش والتقدير وقع عند أوّل خلق القلم لحديث عبادة بن الصامت كما سبق وروى أحمد وصححه أيضا من حديث أبى رزين العقيلى مرفوعا ان الماء خلق قبل العرش وروى السدّى بأسانيد متعدّدة أن الله لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أوّلية القلم بالنسبة الى ما عدا النور المحمدى والماء والعرش* قيل أوّل شىء كتبه القلم على اللوح المحفوظ بسم الله الرحمن الرحيم انى أنا الله لا اله الا أنا محمد عبدى ورسولى من استسلم لقضائى وصبر على بلائى وشكر على نعمائى ورضى بحكمى كتبته صدّيقا وبعثته يوم القيامة مع الصدّيقين ومن لم يستسلم لقضائى ولم يصبر على بلائى ولم يشكر على نعمائى ولم يرض بحكمى فليختر الها سواى وفى رواية لما أمر الله القلم أن يكتب ما كان وما يكون الى الابد كتب على سرادق العرش لا اله الا الله ثم كتب كل قطرة نازلة من السماء وكل ورق نابت على الاشجار وكل حبة نابتة فى الارض وكل حصاة على الارض وكل رزق مقدّر للخلائق وقال فى هذا المعنى شعرا
جرى قلم القضاء بما يكون ... فسيان التحرّك والسكون
جنون منك أن تسعى لرزق ... ويرزق فى غشاوته الجنين
وفى هذا المعنى قيل
سهل عليك فان الامر مقدور ... وكل مستأنف فى اللوح مسطور
لا تكثرنّ فخير القول أصدقه ... ان الحريص على الدنيا لمغرور
وجه الجمع بين الاحاديث المختلفة المذكورة على تقدير صحة الكل أن يقال الاوّل الحقيقى نور نبينا ﷺ وأوّلية العقل والقلم اضافية يعنى أوّل مخلوق من المجرّدات العقل ومن الاجسام القلم أو يقال أوّل العقول العقل الذى لما خلقه الله تعالى أمره بالاقبال والادبار فأطاع ففاز من رب العزة بأنواع الاعزاز والاكرام وأوّل الاقلام القلم الذى أثبت بأمر الله تعالى تقديرات الاشياء
1 / 18
فى اللوح المحفوظ وأوّل الانوار نور محمد ﷺ وأهل التحقيق على أن المراد من هذه الاحاديث شىء واحد لكن باعتبار نسبه وحيثياته تعدّدت العبارات كما ان الاسود والمائع والبرّاق عبارة عن الحبر لكن باعتبار النسب* وفى شرح المواقف قال بعضهم ان المعلول الاوّل من حيث انه مجرّد تعقل ذاته ومبدؤه يسمى عقلا ومن حيث انه واسطة فى صدور سائر الموجودات ونقوش العلوم يسمى قلما ومن حيث توسطه فى افاضة أنوار النبوّة ومن حيث ان الكمالات المحمدية من أثر نور سيد الانبياء ﷺ من حيث انه سبب لحياته يسمى روحه وسيجىء لهذا زيادة بيان* وفى شواهد النبوّة أن نبينا ﷺ وان كان آخر الانبياء فى عالم الشهادة لكنه أوّلهم فى عالم الغيب قال ﵊ كنت نبيا وآدم بين الماء والطين بيانه ان الله تعالى فى أزل الآزال كان الله ولا شئ معه فجميع الشؤن من غير امتياز من بعض وصورة معلومية ذلك الشان تسمى تعينا أوّل وحقيقة محمدية وحقائق سائر الموجودات كلها أجزاء وتفاصيل فتلك الحقيقة والتجليات التى وقّعت بصورها فى الغيب انما نشأت وانبعثت من التجلى بصور تلك الحقيقة والصورة الوجودية لتلك الحقيقة أوّلا فى مرتبة الارواح كانت جوهرا مجرّدا عبر عنه الشارع ﷺ تارة بالعقل وتارة بالقلم وتارة بالنور وتارة بالروح حيث قال ﷺ أوّل ما خلق الله العقل وأوّل ما خلق الله القلم وأوّل ما خلق الله روحى أو نورى ولا شك أن اختلاف العبارات رتبى اذ مرتبة الاوّلية حقيقة لا تصلح لغير شئ واحد والصورة الوجودية لتلك الحقيقة مرتبة بعد مرتبة حتى انتقلت الى الصورة الجسمانية العنصرية الانسانية التى أوّل افرادها آدم فهو وسائر الانبياء ما لم يظهروا لصورة جسمانية عنصرية فى الشهادة لم يوصفوا بالنبوّة بخلاف نبينا ﷺ فانه لما وجد بوجود روحانى بشره وأعلمه بالنبوّة بالفعل وفى كل الشرائع أعطى الحكم له لكن بأيدى الانبياء والرسل الذين كانوا نوّابه كما ان عليا ومعاذ بن جبل فى عالم الشهادة ذهبا بنيابته الى اليمن وبلغا الاحكام فانّ ثبوت النبوّة ليس الا باعتبار شرع مقرّر من عند الله فجميع الشرائع شريعته الى الخلق بأيدى نوّابه ولما ظهر بالوجود الجسمانى العنصرى نسخ تلك الشرائع التى كان اقتضاها بحسب الباطن فان اختلاف الامم فى الاستعدادات والقابليات مقتض لاختلاف الشرائع* وفى فصوص الحكم وشرحه وما كان من نبىّ يأخذ شيئا من الكمالات الا من مشكاة خاتم النبيين وان تأخر عنهم وجود طينته اذ لا تعلق لمشكاته بوجوده الطينى فانه بحقيقته موجود قبلهم لانه أبو الارواح كما انّ آدم أبو الاشباح* وفى كيفية خلق نوره ﷺ وردت روايات متعدّدة وحاصل الكل راجع الى أن الله تعالى خلق نور محمد ﷺ قبل خلق السموات والارض والعرش والكرسى واللوح والقلم والجنة والنار والملائكة والانس والجنّ وسائر المخلوقات بكذا كذا ألف سنة وكان يرى ذلك النور فى فضاء عالم القدس فتارة يأمره بالسجود وتارة يأمره بالتسبيح والتقديس وخلق له حجبا وأقامه فى كل حجاب مدّة مديدة يسبح الله تعالى فيه بتسبيح خاص فبعد ما خرج من الحجب تنفس بأنفاس فخلق من أنفاسه أرواح الانبياء والاولياء والصدّيقين والشهداء وسائر المؤمنين والملائكة كما روى عن جابر بن عبد الله الانصارى أنه قال سألت رسول الله ﷺ عن أوّل شئ خلقه الله قال هو نور نبيك يا جابر خلقه ثم خلق منه كل خير وخلق بعده كل شئ وحين خلقه أقامه قدّامه فى مقام القرب اثنى عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أقسام خلق العرش من قسم والكرسى من قسم وحملة العرش وخزنة الكرسى من قسم وأقام القسم الرابع فى مقام الحب اثنى عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أقسام فخلق الخلق من قسم واللوح من قسم والجنة من قسم وأقام القسم الرابع فى مقام الخوف اثنى عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أجزاء
1 / 19
فخلق الملائكة من جزء وخلق الشمس من جزء وخلق القمر والكواكب من جزء وأقام الجزء الرابع فى مقام الرجاء اثنى عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أجزاء فخلق العقل من جزء والحلم والعلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء وأقام الجزء الرابع فى مقام الحياء اثنى عشر ألف سنة ثم نظر الله سبحانه اليه فترشح النور عرقا فقطرت منه مائة ألف وعشرون ألفا وأربعة آلاف قطرة من النور فخلق الله سبحانه من كل قطرة روح نبىّ أو رسول ثمّ تنفّست أرواح الانبياء فخلق الله من أنفاسهم نور الاولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين الى يوم القيامة فالعرش والكرسى من نورى والكروبيون من نورى والروحانيون من الملائكة من نورى وملائكة السموات السبع من نورى والجنة وما فيها من النعيم من نورى والشمس والقمر والكواكب من نورى والعقل والعلم والتوفيق من نورى وأرواح الانبياء والرسل من نورى والشهداء والصالحون من نتائج نورى ثم خلق سبحانه اثنى عشر حجابا فأقام النور وهو الجزء الرابع فى كل حجاب ألف سنة وهى مقامات العبودية وهى حجاب الكرامة والسعادة والهيبة والرحمة والرأفة والحلم والعلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين فعبد الله ذلك النور فى كل حجاب ألف سنة فلما خرج النور من الحجب ركبه الله فى الارض وكان يضىء منه ما بين المشرق والمغرب كالسراج فى الليل المظلم ثم خلق الله آدم فى الارض وركب فيه النور فى جبينه ثم انتقل منه الى شيث ومنه الى يانش وهكذا كان ينتقل من طاهر الى طيب الى أن أوصله الله تعالى الى صلب عبد الله بن عبد المطلب ومنه الى رحم آمنة ثم أخرجنى الى الدنيا فجعلنى سيد المرسلين وخاتم النبيين ورحمة للعالمين وقائد الغرّ المحجلين هكذا بدء خلق نبيك يا جابر ذكره البيهقى وأخرج مسلم فى صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبىّ ﷺ أنه قال ان الله ﷿ كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والارض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء ومن جملة ما كتب فى الذكر وهو أمّ الكتاب أن محمدا خاتم النبيين وعن العرباض بن سارية عن النبىّ ﷺ أنه قال انى عبد الله وخاتم النبيين وان آدم لمنجدل فى طينته وسأخبركم بأوّل أمرى انى دعوة ابراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمى التى رأت حين وضعتنى وقد خرج منها نور أضاءت منه قصور الشأم رواه أحمد والبيهقى والحاكم وقال صحيح الاسناد كذا فى شرح السنة* قوله لمنجدل فى طينته* يعنى طريحا ملقى على الارض قبل نفخ الروح فيه عن ميسرة الضبى قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا قال وآدم بين الروح والجسد هذا لفظ رواية الامام أحمد ورواه البخارى فى تاريخه وأبو نعيم فى الحلية وصححه الحاكم وأما ما اشتهر على الالسنة بلفظ كنت نبيا وآدم بين الماء والطين فقال الشيخ الحافظ أبو الخير السخاوى فى كتابه المقاصد الحسنة لم نقف عليه بهذا اللفظ انتهى وقال الحافظ ابن رجب فى اللطائف وبعضهم برواية متى كتبت نبيا من الكتابة قال كتبت وآدم بين الروح والجسد فتحمل هذه الرواية مع رواية العرباض بن سارية على وجوب نبوّته وثبوتها وظهورها فى الخارج فان الكتابة تستعمل فيما هو واجب قال الله تعالى كتب عليكم الصيام وكتب الله لأغلبن أنا ورسلى وعن أبى هريرة أنهم قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوّة قال وآدم بين الروح والجسد رواه الترمذى وقال حديث حسن وروى فى جزء من أمالى ابن سهل القطان عن سهل بن صالح الهمدانى قال سألت أبا جعفر محمد بن على كيف صار محمد ﷺ يتقدّم الانبياء وهو آخر من بعث قال ان الله تعالى لما أخذ من بنى آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قال فان محمدا ﷺ أوّل من قال بلى ولذلك صار مقدّم الانبياء وهو آخر من بعث فان قيل ان النبوّة وصف لا بدّ أن يكون الموصوف به موجودا وانما يكون
بعد بلوغ
1 / 20
الاربعين سنة فكيف بوصف به قبل وجوده وارساله أجاب الغزالى فى كتاب النفخ والتسوية عن هذا وعن قوله أنا أوّل الانبياء خلقا وآخرهم بعثا بأن المراد بالخلق هنا التقدير دون الايجاد فانه قبل أن ولدته أمّه لم يكن موجودا مخلوقا ولكن الغايات والكمالات سابقة فى التقدير لاحقة فى الوجود قال وهو معنى قولهم أوّل الفكرة آخر العمل وآخر العمل أوّل الفكرة وبيانه أن المهندس المقدّر للدار أوّل ما يمثل فى نفسه صورة الدار ثم يقدّر ما يمثل فيحصل فى تقديره دارا كاملة وآخر ما يوجد من أعماله هى الدار الكاملة فالدار الكاملة هى أوّل الاشياء فى حقه تقديرا وآخرها وجودا لان ما قبلها من ضرب اللبنات وبناء الحيطان وتركيب الجذوع وسيلة الى غاية وكمال وهى الدار فالغاية هى الدار ولأجلها تقدّم الآلات والاعمال ثم قال وأما قوله كنت نبيا فاشارة الى ما ذكرناه وانه كان نبيا فى التقدير قبل تمام خلقة آدم ﵊ لانه لم ينشئ خلق آدم الا لينتزع من ذرّيّته محمدا ﷺ ويستصفيه تدريجا الى أن يبلغ كمال الصفا قال ولا تفهم هذه الحقيقة الا بأن يعلم أن للدار وجودين وجودا فى ذهن المهندس ودماغه وانه ينظر الى صورة الدار خارج الذهن فى الاعيان والوجود الذهنى سبب الوجود الخارجى العينى فهو سابق لا محالة وكذلك فاعلم أن الله تعالى يقدّر ثم يوجد على وفق التقدير ذكر هذا كله فى المواهب اللدنية* وعن كعب الاحبار قال لما أراد الله تعالى أن يخلق محمدا ﷺ أمر جبريل فأتاه بالقبضة البيضاء التى هى موضع قبر النبىّ ﷺ فعجنت بماء التسنيم ثم غمست فى انهار الجنة وطيف بها فى السموات والارض فعرفت الملائكة محمدا ﷺ قبل أن تعرف آدم ﵇ ثم عجنها بطينة آدم* عن ابن عباس عن النبىّ ﷺ أنه قال كنت نورا بين يدى الله قبل أن بخلق الله ﷿ آدم بألفى عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله آدم ألقى ذلك النور فى صلبه فقال رسول الله ﷺ فأهبطنى الله الى الارض فى صلب آدم وجعلنى فى صلب نوح فى السفنة وقذف بى فى النار فى صلب ابراهيم ثم لم يزل ينقلنى من الاصلاب الكريمة والارحام الطاهرة حتى أخرجنى من أبوىّ لم يلتقيا على سفاح قط* وعن على بن أبى طالب رضى الله عنه عن النبىّ ﷺ فى قوله تعالى من أنفسكم قال نسبا وصهرا وحسبا ليس فى آبائى من لدن آدم سفاح كلها نكاح قال ابن الكلبى كتبت للنبىّ ﷺ خمسمائة أمّ فما وجدت فيهنّ سفاحا ولا شيئا مما كان عليه الجاهلية ذكر هذه الثلاثة فى الشفاء وفى الصفوة عن واثلة بن الاسقع أن النبىّ ﷺ قال ان الله ﷿ اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل واصطفى من بنى اسماعيل كتانة واصطفى من كتانة قريشا واصطفى من قريش بنى هاشم واصطفانى من بنى هاشم انفرد باخراجه مسلم*
(حديث صور الانبياء)
* عن هشام بن العاصى قال بعثنى أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه ورجلا من قريش الى هرقل صاحب الروم ندعوه الى الاسلام فلما وصلنا اليه أمر لنا بمنزل حسن ونزلنا فأقمنا ثلاثا فأرسل الينا فدخلنا عليه فدعا بشئ كالربعة العظيمة مذهبة فيها بيوت صغار عليها أبواب ففتح بيتا فاستخرج حريرة سوداء فنشرها فاذا فيها صورة حمراء واذا فيها رجل ضخم العينين عظيم الأليتين لم أر مثل طول عنقه واذا ليس له لحية واذا له ظفيرتان أحسن ما خلق الله تعالى فقال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا آدم ﵊ واذا هو أكثر الناس شعرا ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فاذا فيها صورة بيضاء واذا رجل له شعر قطط أحمر العينين ضخم الهامة حسن اللحية فقال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا نوح ﵊ ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فاذا فيها رجل شديد البياض حسن العينين صلب الجبين طويل الخدّ شارع الانف أبيض اللحية كأنه يتبسم قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا ابراهيم
1 / 21