Taariikhda Israa’iiliyiinta
تاريخ الإسرائيليين
Noocyada
(1) جمعية الاتحاد الإسرائيلي العمومي
وهي الجمعية العظيمة التي تغني شهرتها عن ذكرها وترديد اسمها، فمنافعها وفوائدها لا تحصى ولا تعد، ونتائجها الحسنة يعرفها كل إنسان ولا يختلف فيها اثنان، بل هي الوحيدة في بابها التي قاومت ما كان ينازعها من الحوادث وفازت على ما لاقته في طريقها من الاضطهاد بعزم شديد وجنان ثابت، وتدرجت منذ الصغر متقدمة تقدما سريعا يشهد به العالم كله، وقلما بارتها جمعية أخرى مهما كان مشربها ومقصدها، بل هي التي ثبتت في معمعان المشاكل السياسية والدينية ثبوتا عظيما دل على أنها أسست على دعائم قوية، ومشت بقدم راسخ لا يشوبه الفتور والكلال، وجرت شوطا بعيدا في مضمار الفلاح، فهي التي ساعدت على تقدم الأمة الإسرائيلية مساعدة عظيمة يردد ذكرها بالثناء الجميل والشكر الجزيل، وأقامت المئات من المدارس العلمية والمعاهد الأدبية والصناعية في أنحاء شتى من أقطار المسكونة تغدي العقول بلبان المعارف، وتنيرها بشعاع العلم والآداب، وكانت سببا قويا في إنجاح الإسرائيليين وتقدمهم وتحسين حالتهم وزيادة ثروتهم.
كل ذلك مبني على انتشار التعليم بإقامة مدارسها، إذ لا مندوحة في أن العلم هو أساس الفلاح والعمران، فلا عجب والحالة هذه إذا بعد صيتها، وأجمع الكل على عد فوائدها الجزيلة ومدح القائمين بأعباء أعمالها الذين خصوا وقتهم بالعمل في تقدمها وتوسيع نطاقها، والذين ساعدوها ماديا وأدبيا، فالأمة الإسرائيلية أجمع تعترف بفضلها وتقدر مساعيها قدرها ناظرة إلى منافعها الجمة التي لا تنكر وفوائدها التي لا تعد ولا تحصر، وهذه نتائجها ظاهرة كالصبح للعيان لا تحتاج إلى دليل أو برهان.
ولم تنحصر مساعي جمعية الاتحاد في إقامة المدارس الصناعية والمعاهد العلمية فقط، بل تجاوزتها إلى غرض أسمى وأشرف وهو الغرض الجوهري من تأسيسها ألا وهو مساعدة جميع الإسرائيليين المحتاجين في كل الأقطار، والسعي في تحسين حالتهم وعضدهم ماديا وأدبيا، والعمل في صد تيار الاضطهادات عنهم، ولها من هذا القبيل مآثر جمة تشهد لها بذلك نذكر منها ما أنفقته الجمعية من المبالغ الباهظة في مساعدة الإسرائيليين الرومانيين وما بذلته في سبيل خلاصهم وتحسين حالتهم، فإن الحكومة الرومانية طالما اضطهدت الإسرائيليين في بلادها وعملت على معاكستهم واجتهدت في إسقاطهم وإذلالهم وقفلت في وجههم أبواب الرزق والاكتساب، بل طالما عاقبتهم ظلما وعدوانا وخرجت في معاملتهم عن جادة العدل والصواب، كل ذلك ناتج ولا غرو عن التعصبات الدينية والتشيعات القومية حتى وصلت حالتهم إلى أقصى درجات الذل والهوان، وأضحوا في حالة من الفقر والعازة يرق لها الحجر الصلد، وقد رأى الإسرائيليون حرج الموقف والمصائب، فنفذ صبرهم وأخذوا في المهاجرة آلافا وهم لا يملكون ما يسدون به رمقهم وما يسترون به عورتهم، ورأت جمعية الاتحاد حالتهم التعيسة فهبت لمساعدتهم وبذلت الجهد في تخفيف مصابهم وآلامهم، فساعدت ما ينيف على 100000 نفس وبلغ ما أنفقته على ذلك من مايو سنة 1900 إلى يناير سنة 1901 500000 فرنك، وأنفقت أيضا 450000 فرنك لمساعدة المهاجرين وتسفيرهم إلى حيث يتمتعون بالحرية التامة، فرحل أكثرهم إلى أميركا، ويسافر البعض إلى إنكلترا وفرنسا، ولم تكتف بعملها هذا ولم تقف عند هذا الحد، بل رأت أن الإسرائيليين الذين بقوا في رومانيا باتوا في حالة الفقر المدقع، ومات أكثرهم جوعا فأرسلت في الحال مندوبين من قبلها للنظر في أمرهم، وكانت باكورة أعمالها إقامتها مطابخ عمومية في مدن رومانيا كلها، وكانت تنفق عليها ما ينيف على 40000 فرنك شهريا، فخفت بذلك بعض الويلات ونجا كثيرون من الإسرائيليين الرومانيين بهمة رجالها وأعضائها وتحسنت أحوالهم وأشغالهم.
ولم تقتصر الجمعية على مساعدة الرومانيين، بل مدت يد المساعدة إلى الإسرائيليين في سائر أنحاء المسكونة وعملت أعمالا حسنة تشهد لها بالأيادي البيضاء والمآثر الغراء، فبذلت قصارى جهدها في تحسين حالة الإسرائيليين في روسيا وبلاد العجم ومراكش، حيث كانوا مضطهدين اضطهادا يقرب من التوحش فيسامون كل أنواع المذلة والهوان، فدل ذلك على أن التعصب المذهبي كان مستحكما منهم، وقد اكتفينا هنا بذكر مساعدة جمعية الاتحاد للرومانيين ليقاس عليها في البلاد الأخرى؛ لأننا لو أردنا سرد أعمالها والإسهاب في شرح المساعدات التي أدتها للأمة الإسرائيلية في جهات مختلفة لضاقت عنها المجلدات، ولذلك المعنى إلى ذكرها مكتفين بالتنويه عنها لضيق المقام. (1-1) مدارس جمعية الاتحاد الإسرائيلي
يزداد عدد مدارس الاتحاد الإسرائيلي سنة فسنة بفضل اهتمام أعضائه، فقد أنشأت الجمعية في المدة الأخيرة ستة مدارس كبيرة: اثنتين منها في بلاد العجم، وواحدة في فلسطين، وثلاثة في مراكش.
ففي سنة 1900 أحصت الجمعية عدد مدارسها، فكان لها عدا المدارس العالية في باريس مدارس عديدة لتعليم الصنائع والزراعة، ومعاهد لتعليم أصول الديانة ومائة مدرسة ابتدائية منها 61 للأولاد و39 للبنات، وعدد تلامذة هذه المدارس يزيد على 26000.
وبلغ ما أنفقته الجمعية على التعليم سنة 1900 أكثر من 720000 منها 155000 فرنك للمدارس العالية، و565000 للمدارس الابتدائية، يضاف إلى هذا المبلغ 500000 فرنك، وهو ما تبرعت به الجمعيات الأخرى الخيرية لتتميم النفقات المدرسية، فجاء هذا دليلا على الاعتقاد الحسن بالاتحاد الذي ساعد كثيرا على تنوير العقول ونشر العلوم والمعارف في الشرق وإفريقية.
والذي ينعم النظر في تاريخ جمعية الاتحاد يدهشه ما يراه من دلائل تقدمها السريع ونجاحها المتواصل، فإن الجمعية أنشأت أول مدرسة لها في تطون سنة 1862، أي: منذ 41 سنة، ولم يكن للجمعية حينئذ دخل كاف يقوم بنفقاتها الكثيرة فلقيت بادئ بدء صعابا جمة، ولكنها لم تنثن عن عزمها فثابرت على خطتها الحميدة بنشاط واجتهاد عارفة أن عملها سيلاقي قبولا حسنا في النهاية ومساعدات كبيرة في المستقبل، وتعرف الأمة الإسرائيلية عامة فائدتها فيجود أغنياؤها بأكف سخية لمساعدتها وعضدها.
قلنا: إن الجمعية أنشأت أول مدرسة لها في تطون وهي ميناء في مراكش، ثم أنشأت مدرسة في طنجة، وأخرى في بغداد، فكانت تؤسس مدارس جديدة كلما زاد دخلها، وقد أنشأت سنة 1867 مدرسة في أندرينويل، وأخرى في تونس، أما في تركيا فلم تنشئ المدارس إلا بعد سنة 1874، وذلك لمعاكسات جمة قاومت مشروعها فيها في بادئ أمره، وسنة 1878 أنشأت مدارس عديدة في بلغاريا، وتبرع بالمال لإنشائها فيها البارون هرش الذي مر بنا ترجمة حياته، وهو المثري الشهير صاحب المآثر البيضاء والهمة الشماء الذي بعد صيته إلى الآفاق.
Bog aan la aqoon